البلطجة السياسية رؤية اقتصادية
كتب - السيد عبدالحي
البلطجة السياسية تعبير ظهر على الساحة العالمية خلال العقود الاخيرة وسادت العديد من الشعوب شعور بالاستياء العام من التركيبة السياسية للعالم مع التغيرات السياسية على الساحة العالمية فى السنوات الاخيرة .
قديما تعارف العالم على مفهوم البلطجة السياسية العسكرية ثم تحولت الى مفهوم اكثر احترافية عبر البلطجة السياسية الاقتصادية عبر التحكم في اقتصاد
الدول .
وتعريف البلطجة بشكل عام متعارف عليه حتى على مستوى المواطن البسيط فهو فرض السيطرة او استخدام العنف مع وسائل التهديد المختلفة ولكنه فى المفهوم الاشمل هو كل سلوك عدائى يؤثر او يحد من قدرة الانسان على الحياة الطبيعية وتتفاوت اشكال البلطجة من صور مادية او معنوية من تهميش او احباط نتيجة فقد القدرة على التعبير او الرفض .
والعالم يشهد تصاعدا حادا فى مفهوم البلطجة السياسية عبر الصراعات بين اسرائيل ودول المنطقة والصرعات فى شرق اسيا وامريكا الجنوبية وبعض دول افريقيا كالصومال وليبيا وغيرها من الصراعات التى تهيمن على الحياة السياسية و الاقتصادية بشكل عام للدول والعالم اجمع .
حتى نشر الاوبئة والامراض فى العالم تعد من ركائز البلطجة السياسية .
ولو نظرنا بنظرة اكثر موضوعية من منظور اقتصادى شامل نجد ان الولايات المتحدة هى اللاعب الرئيسى فى لوحة الشطرنج العالمى تحرك الصراعات العالمية عبر اذرعتها .
الذى يظهر على الساحة العالمية امام الشعوب هو دول الصراع المباشر التى تسبب صداع مستمر فى العالم مثل الاعتداءات الاسرئيلية والتدخلات التركية والايرانية فى شئون الدول الاخرى كل هذه الصراعات هى قطع شطرنج يحركها نظام واحد وهذا المفهوم السياسى يفهمه اغلب قادة العالم بشكل عام .
وسوف نستعرض من خلال هذا المقال اسباب تفاقم البلطجة السياسية من المنظور الاقتصادى حيث وصل حجم الدين الحكومى الامريكى الى اعلى مستوى على الاطلاق نهاية سبتمبر العام الماضى ليتجاوز 36 تريليون دولار مقابل حجم الناتج المحلى الامريكى عام 2024 اقل من 29 تريليون دولار والذى يوضح بشكل مبسط حجم الكوارث الاقتصادية التى تواجهها الولايات المتحدة الامريكية والتى يصعب على اى حكومة ان تتغلب على التأثيرات السلبية لها لتصاعد حجم الديون الى هذا المستوى وما يترتب عليه من تداعيات اقتصادية وسياسية واجتماعية داخل الولايات المتحدة الامريكية والتى ابسطها الانغلاق الاقتصادى والاضطرابات الداخلية والانفصال المتوقع لبعض الولايات ويجب ان نشير ان حجم الدين الحكومى للولايات المتحدة الامريكية منذ اربع عقود لم يتجاوز التريليون دولار مما يوضح حجم التداعيات السلبية التى يعيشها الاقتصاد الأمريكي .
ويجب ان نتفهم ان سياسة البلطجة الامريكية ليست وليدة اليوم وقد سبق ان فرضها الرئيس السابق بوش بإختلاق حرب الخليج ليجر العالم لتحمل تكاليف فشل الاقتصاد الامريكى ورغبة فى تحقيق مكاسب مادية عبر فرض البلطجة على دول الخليج والدول العربية بشكل عام وقد اثمرت هذه الخطة وحققت اهدافها فى المرحلة الاولى ولكن استمرار نفس السياسات مع وضوح الرؤية للقادة العرب غرق المسئولون الامريكيون فى بحر المشاكل سواء فى العراق او افغانسان حتى ارتفعت الاصوات داخل الولايات المتحدة الامريكية نفسها تطالب بالحساب لمسئوليها .
ويجب ان نشير الى ان فرض البلطجة يحتاج الى اذرع تهدد وتشعل المنطقة فالانظمة فى اسرائيل وايران وبعض الدول الاخرى للاسف هى صنيعة امريكية فى الاساس مثلها مثل التنظيمات السياسية والدينية التى تصاعدت صراعاتها السياسية والعسكرية خلال العقود الاخيرة .
ومع تفاقم الازمة الاقتصادية الامريكية وعدم وجود حلول عملية عادت وتيرة البلطجة السياسية من جديد وبشكل اكثر شراسة لانها اصبحت طوق النجاة الاخير لاستمرار الولايات المتحدة على مقعد الزعامة وللاسف ساعد تراجع الدور الاوروبى مع انشغال الرؤساء بمعالجة اثار الازمات الاقتصادية الاخيرة وتقلص دور روسيا السياسى العالمى مع ادخالها فى منظومة صراعات اقليمية ومحاربة الصين اقتصاديا لتهميس دورها السياسى اوضح للعالم ان رقعة الشطرنج اصبحت اكثر شراسة بزيادة اذرع الصراع فى المنطقة .
وتسعى الولايات المتحدة الامريكية بوجه مكشوف يكشف حجم البلطجة السياسية وتأثير الفشل الاقتصادى عبر تصعيد المشاكل داخل فلسطين المحتلة الى جر العالم العربى الى تحمل منظومة جديدة من التكاليف تساهم فى تخفيف الازمة الاقتصادية الامريكية بترحيل مشاكلها للعالم العربى طمعا فى خيرات الخليج التى حياها الله عز وجل بها وايضا محاولة لوقف منظومة البناء المصرى فى الجمهورية الجديدة بعد بدء مرحلة الجذب الاستثمارى المصرى بعد استكمال البنية التحتية الجديدة .
بل اتسعت دائرة البلطجة السياسية الامريكية الى قارات العالم فى محاولة لتركيع النظم السياسية والاقتصادية التى تحاول ان تتجنب الحروب لحل مشاكلها الداخلية فنجد ان رسوم الاغراق الامريكية اصبحت وسائل ضغط على تلك الدول اكثر منها اجراءات عملية لكسب التأييد الدولى للبلطجة او على الاقل الصمت السياسى لتمكين الولايات المتحدة من تحقيق اهدافها بعيدا عن منطق العدالة او الشرعية .
والمتابع للاحداث السياسية يجد ان قرارات الجهات القضائية وجمعيات حقوق الانسان قد تم تهميش دورها بل وصل الامر الى تجاهل اى قرارات تصدر عنها مما يمثل تحييد مطلق لكل مفاهيم الشرعية فى العالم ومنظماتها المدنية .
والتهديد المستمر من الولايات الامريكية بالانسحاب من حلف الناتو واضعاف التكتل الاوروبى يمثل صورة حقيقية لوزن اوروبا العسكرى الذى تسببت الانظمة الحالية فى اوروبا فى اضعاف القدرة العسكرية لتلك الدول بالانشغال فى المشاكل الاقتصادية والداخلية فى دورة مدروسة لتركيع الانظمة الى الاستجابة للرغبات الامريكية او التنحى عن اى دور عملى فى الحياة السياسية العالمية .