الجرائم الناتجة عن المرض النفسي بين الإدراك والجريمة
كتبت - ندى بسيوني
شهدت المجتمعات في السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في الجرائم التي يرتكبها أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية.
بعض هذه الجرائم تتسم بالعنف الشديد مما يثير تساؤلات حول العلاقة بين المرض النفسي والسلوك الإجرامي، وهل يمكن اعتبار المرض النفسي مبررًا للإفلات من العقاب؟
العلاقة بين المرض النفسي والجريمة
لا يُعدّ كل مريض نفسي مجرمًا، ولكن بعض الاضطرابات العقلية الحادة، مثل الفصام المصحوب بالهلاوس أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب في نوباته الهوسية، قد تدفع بعض المرضى إلى ارتكاب أفعال إجرامية دون إدراك لعواقبها. في كثير من الأحيان، يتفاقم الأمر عند غياب العلاج أو بسبب تعاطي المخدرات التي تؤثر على السلوك.
أمثلة لجرائم هزت المجتمع
شهدت مصر مؤخرًا جرائم مروعة ارتكبها أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية مثل جريمة "ذبح الأقصر" حيث قام شخص بقتل آخر والتجول برأسه في الشارع، وتبين لاحقًا أنه كان تحت تأثير اضطراب نفسي حاد.
وكذلك حادثة "شبح أكتوبر" حيث قتل شاب أفرادًا من أسرته دون دافع واضح
ما أثار الجدل حول مسؤوليته العقلية.
وعلى الصعيد العالمي، ارتكب القاتل الأمريكي "جيفري دامر" سلسلة من الجرائم البشعة، حيث قتل العديد من الضحايا بطرق وحشية.
لاحقًا، تم تشخيصه باضطرابات نفسية شديدة، لكن المحكمة قضت بسجنه مدى الحياة بدلاً من إيداعه في مصحة عقلية.
المسؤولية القانونية للمريض النفسي
القوانين الجنائية تفرق بين شخص فاقد للإدراك بسبب المرض النفسي، وآخر مدرك لجريمته.
إذا ثبت أن المتهم لم يكن واعيًا تمامًا وقت ارتكاب الجريمة، فإنه يُودع في مستشفى للأمراض النفسية بدلاً من السجن.
أما إذا كان مدركًا لكنه يعاني من اضطراب
فيخضع للعقوبة مع مراعاة حالته الصحية.
كيف نحد من هذه الجرائم؟
للحد من الجرائم الناتجة عن الأمراض النفسية
يجب نشر الوعي حول الصحة النفسية والتشجيع على تلقي العلاج المبكر.
تعزيز الرقابة على الأدوية النفسية والمخدرات.
دعم المستشفيات النفسية وزيادة عدد المتخصصين في العلاج النفسي.
توعية الأسر بضرورة متابعة أفرادها المصابين بأمراض نفسية وتقديم الدعم لهم.
توفير خدمات نفسية مجانية أو بأسعار رمزية لذوي الدخل المحدود.
ختامًا
الجريمة الناتجة عن المرض النفسي قضية معقدة تتطلب توازنًا بين تحقيق العدالة وحماية المجتمع، وفي الوقت نفسه، توفير الرعاية المناسبة للمرضى النفسيين حتى لا يتحولوا إلى خطر يهدد من حولهم. التعامل مع هذه القضايا يحتاج إلى تشريعات متوازنة، تدعم العلاج النفسي وتفرض عقوبات عادلة على من يثبت وعيه الكامل بجريمته.
في النهاية، تظل التوعية المجتمعية عاملًا أساسيًا في الحد من هذه الجرائم، وحماية الأفراد من آثارها الكارثية.