اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

الدكتور محمد إسماعيل يكتب - السماء تستعد

الصفحة الرئيسية

 السماء تستعد





    السماء تستعد

بقلم : د. محمد إسماعيل 


في أفق الليل الساكن تبدو السماء وكأنها ترتدي حلة من نور ووقار وتستعد لاستقبال ليلة ليست كأي ليلة . 

ليلة السلام ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر في هذه الليلة المباركة تتغير موازين الزمن وتصبح الساعات أثمن من الدهور وتفتح فيها أبواب الرحمة على مصراعيها فينهمر النور من السماء على قلوب العباد ويعم السلام في أرجاء الكون حتى مطلع الفجر.




تستعد السماء بكل ما فيها من صفاء وجلال لتحتضن دموع المصلين وهمسات الذاكرين وتترقب الأرض هذا اللقاء السنوي الذي تتنزل فيه الملائكة والروح بإذن ربهم من كل أمر إنها ليلة سلام وسكينة ليلة تختلط فيها دموع الرجاء بخشوع الأرواح وتتمايل فيها السنابل تحت ضوء القمر كأنها تسبح بحمد الله.





ليست ليلة القدر مجرد تاريخ يمر كل عام بل هي فرصة لتصحيح الم سار وتجديد العهد مع الله فيها ترفع الدعوات وتمحى الذنوب وتكتب الأقدار  إنها ليلة يترقبها المؤمنون بشوق ولهفة فتضاء المساجد بالمصلين ويوجد بالحرم المكي مايقرب من ٤ مليون مصلي وتلهج الألسنة بذكر الله وتخفق القلوب بحب الرحمن في هذه الليلة لا فرق بين غني وفقير ولا بين قوي وضعيف الجميع يطرقون باب السماء يطلبون المغفرة والرحمة.


في مكة المكرمة حيث تطوف القلوب قبل الأقدام يكتمل المشهد الروحاني في أبهى صوره تتعالى أصوات التهجد من جنبات الحرم المكي ويقف المصلون صفوفا متراصة كأنهم بنيان مرصوص يرفعون أكف الضراعة ويتسابقون في الرجاء آملين أن تكون دعواتهم هي المقبولة في هذه الليلة العظيمة.





ما يميز هذه الليلة هو السلام الذي يعم الأرض حتى أن الهواء يصبح ألطف والسماء أكثر صفاء، وكأن الأكوان كلها تتنفس طمأنينة خاصة لا تشبه أي يوم آخر يروي الصالحون أن القلب يشعر فيها بخفة وسكون وأن الدعاء فيها يلامس أبواب السماء أسرع من أي وقت مضى.


تستعد السماء لهذا الحدث العظيم منذ الأزل وتحمل في طياتها بشائر الخير لكل من أقبل على الله بصدق إنها ليلة يعفو فيها الله عن عباده بغير حساب وليلة قد تغير مصير حياة بأكملها بدعوة من قلب خاشع أو دمعة في ظلام الليل.


كم من أناسٍ مضوا دون أن يدركوا هذه الليلة وكم من قلوب تتمنى لو عادت بها الأيام لتعيش دقائقها الغالية لذلك فإن من يدركها عليه أن يحرص على كل لحظة فيها فلا وقت فيها للغفلة أو التردد. هي ليلة لمَن أثقلته الذنوب ولمن ظن أن الطريق قد ضاق به، فالله أوسع وأرحم مما يتخيل العباد.


في ليلة القدر تطوى صفحات الماضي ويكتب للمؤمنين أقدار جديدة قد تحمل لهم الفرح بعد الحزن، واليسر بعد العسر. 

إنها فرصة لمن يريد أن يغير حياته، لمن يريد أن يترك أثرًا في السماء بدعوة صادقة.


في هذه الليلة المباركة السماء مستعدة لاحتضان آمالك فلا تتردد في البوح بما يختلج في قلبك ادع الله بقلب واثق وأمل كبير واغتنم اللحظة التي قد لا تعود.ص فالسماء في انتظار دموعك ودعواتك وأبواب الرحمة لن تغلق حتى مطلع الفجر.

 

لهكذا وصفها الله في كتابه العزيز، سلام في القلوب، سلام في الأجواء، وسلام مع الله.

 فهنيئًا لمن أعد قلبه لاستقبال هذه الليلة، وهنيئًا لمن نال بركتها، وكتب اسمه في ديوان العتقاء من النار.

google-playkhamsatmostaqltradent