سيرة الجيش في مصر القديمة، سلسلة تنفرد بها دايلى برس مصر (2)
كتب - د.عبد الرحيم ريحان
نستكمل سلسلة مسيرة الجيش فى مصر القديمة الحلقة الثانية من خلال دراسة علمية للباحث الآثارى محمود أحمد فوزي الشبراوي عضو فريق أحفاد الحضارة المصرية.
يشيرالآثارى محمود أحمد فوزي الشبراوي إلى أن الجيش في العصر العتيق مر بأربع مراحل مختلفة كالتالي:
١-كانت مصر منقسمة الي مملكتين، مملكة الشمال وعاصمتها ( بوتو بالقرب من (دسوق) والمملكة الجنوبية وعاصمتها (نخن) الكوم الأحمر بمركز ادفو.
٢-وجود العديد من الحروب بين المملكتين وانتصار مملكة الشمال علي مملكة الحنوب.
٣-توصل الجنوب في فترة يصعب تحديدها إلي التمرد علي الشمال وخلال هذه الفترة حكم الملكان العقرب ونعرمر.
٤-توحيد مصر من جديد وكان لملوك الجنوب الغلبة هذه المرة على ملوك الشمال ومن هذا الوقت دخلت مصر في الحقبة التاريخية وبدأت عصور الأسرات المصرية.
الجيش في الدولة القديمة
لم تعرف مصر في البدايات الأولي من تاريخها تكوين جيش نظامي موحد للدولة بأكملها وإنما اكتفي حكام الأقاليم بتكوين فرق خاصة لهم كانت مدربة ومجهزة بالأسلحة والعتاد يدفعوا عن أقاليمهم وخصوصًا تلك الواقعةعلي حدود مصر وكانت هذه الفرق تستخدم أيضًا في فترات الصراع الداخلي بين حكام الأقاليم وكان يسعي كل منهم إلى كسب مزيد من الأرض لتنضم إلى إقليمه أو لتحقيق طموحاته في كسب المذيد من السلطة والسلطان، هذا إلى جانب فرق حكام الأقاليم كانت هناك فرقة أو أكثر تدافع عن عاصمة البلاد.
وينوه الآثارى محمود أحمد فوزي الشبراوي إلى أنه منذ الأسرة الأولي ظهر لقب (قائد الجيش) ولا يعنى هذا اللقب أن حامله كان قائدًا لجيش موحد وإنما كان قائدًا لفرقة عسكرية تقوم بدورها في فترات الصراع الداخلي بالدفاع عن حدود مصر ضد هجمات المتسللين، وكان يجري تسريح هذه الفرق في وقت السلم للمساهمة في الأعمال المدنية، والتي من بينها حراسة البعثات التي يوفرها ملوك مصر لاستثمار المناجم والمحاجر للتجارة.
ومنذ الأسرة الخامسة بدأت تظهر بواكير جيش نظامي في مصر وأصبح الأمر أكثر وضوحًا منذ الأسرة السادسة، وخاصة في عهد أشهر ملوكها الملك (ببي الأول) والذي في عهده قام البدو القانطون علي حدود مصر الشرقية بإحدي غاراتهم علي الدلتا، ولم تستطع فرق المقاطعات الواقعة علي الحدود مواجهتهم لذا قرر (ببي الأول) استدعاء جميع الفرق العسكرية لتعمل تحت أمر أحد كبار رجال عهده وهو (وني)
ويروي لنا القائد وني أخبار بعض الحملات علي جدران مقبرته في أبيدوس في محافظه سوهاج وسجل أيضًا بعض سلوكيات الحضارة المصرية في الجيش ووجود أنشودة للنصر تسجل أيضًا علي جدران مقبرة القائد ( وني) كان يتم القيام بترديدها أثناء الانتصار وهم عائدون من المعركة.
هكذا خاض الجيش المصري أول معركة حقيقية في هذه الفترة المبكرة نسبيًا من تاريخ مصر القديمة وكتب لمصر النصر في هذه المعركة علي حساب فلسطين وقد بدأ واضحًا أن مصر أصبحت بحاجة إلي جيش قوي يحمي أرضها كلما فكر معتد في غزو أرضها ومرت مصر بعصر الانتقال الأول الذي شهد صدامًا بين جيوش الأقاليم طمعًا في أن ينال كل إقليم أرض الإقليم الآخر.