سراديب الموتى والألغاز الغامضة (1)
كتب - د. عبد الرحيم ريحان
نقدم اليوم تجربة عملية ملموسة لترميم السرابيوم بسقارة من خلال عمل المهندس فاروق شرف إستشاري الترميم بمشروع ترميم السرابيوم بسقارة ضمن التجارب الفريدة لعلماء الترميم المصريين التى تؤكد وصولهم إلى العالمية وتفوقهم على الأجانب فى هذا المضمار، حيث كانت السرابيوم والهرم المدرج وبعض المقابر مغلقة من عام 1976م لأعمال درء الخطورة والدراسات الهندسية و الترميمية.
ويقدم المهندس فاروق شرف هذه الخبرة موثقة لزملائه الحاليين بالمجلس الأعلى للآثار ولتلاميذه الذين لم يعاصروا هذه الأعمال فى سلسلة حلقات.
حكاية نفق السرابيوم
ترجع حكاية نفق السرابيوم (مدفن العجل آبيس) بقرية سقارة إلى العصر الذهبى للآثار بقيادة الدكتور أحمد قدرى عندما قام بزيارة منطقة سقارة وتلاحظ له أن مقبرة سقارة يعانى سقفها من التنميلات والشقوق وحوائطها من النزيف والإنهيارات الجزئية فاتصل بصديقه المهندس العملاق محمود أبو زيد رئيس شركة السد العالى فى ذلك الوقت .. والذى قام سيادته بالإتصال بصديقه أستاذ الأنفاق بهندسة القاهرة الأستاذ الدكتور حسن فهمى إمام .. الذى جعله يقوم بسرعة التوجه لزيارة المقبرة للوقوف على مشاكلها .. وكانت نتيجة المعاينة : هو إصراره أن تكون الدراسة لمنطقة سقارة ككل بجميع مفرداتها الأثرية من أهرامات ومعابد ومقابر على هضبة واحدة .. الأمر الذى جعل الدراسة تجاوزت العام لإحتوائها على الرفع الهندسى والمعماري والتصوير الفوتوجراميتري والفوتوغرافي وكافة التحاليل واستحضار المادة العلمية والأثرية وفى النهاية تترجم هذه الدراسات إلى بنود أعمال شاملة الإنارة التى تتماشى مع الأثر وطبيعة البيئة.
قرية سقارة
يشير المهندس فاروق شرف إلى أن قرية سقارة تتبع مركز البدرشين بمحافظة الجيزة، تبعد عن محافظة القاهرة بمقدار 40 كم، ترتفع عن سطح البحر بمقدار 39 م، وتعتبر منطقة هضبة سقارة من الوجهة الجيولوجية جزءًا من الضفة الغربية للنيل ويرجع تكوينها إلي عصر الإيوسين الأعلي بعمر تقريبي 50 مليون سنة .. ويعرف التكوين العلوي للهضبة بتكوين سقارة وهو يشكل معظم الأسقف المكونة للمقابر بالمنطقة وهو يعلو تكوين المقطم الذي يعلو بدوره طبقة الطفلة . ويتضمن تكوين سقارة علي طبقات صخرية من الحجر الجيري الدلوميتي ذو اللون البني والحجر الجيري الرملي تبادليا مع طبقات رقيقة من الجبس والطفلة.
ويضم سرابيوم سقارة أهم المقابر التى بنيت في منف أقدم عواصم مصر القديمة، ويقع في مجمع مدافن العجل أبيس، وكان مقدسًا في فترة الأسرات المصرية القديمة ويرمز للخصوبة، واعتبر قدماء المصريين أن روح الإله "بتاح" تتجسد فيه.
سرابيوم يعني مقر أو ضريح الإله سرابيس، وهو مسمى يوناني مرتبط بالمسمى اليوناني "سرابيس" للإله المصري القديم "حب" أي "الثور أبيس"، وسرابيس كلمة مركبة تجمع بين الإلهين "أوزير" و"حب".
كيف تم الإكتشاف؟
ينوه المهندس فاروق شرف إلى أن الإكتشاف كان لعاشق الأثار وعالم المصريات الفرنسى (أوجست مارييت) الذى أرسلته الحكومة الفرنسية عام 1850م إلى مصر للبحث عن المخطوطات القبطية، ولكن توجه نشاطه للتنقيب عن الأثار وحصل على مخطوطات للمؤرخ اليونانى إسترابو تعود إلى القرن الأول الميلادى عن وجود سرابيوم فى مكان يمتلىء بالكثبان الرملية وأمامه صف من تماثيل لأبو الهول بعضها ظاهر والآخر مدفون تحت الرمال لا يظهر إلا رأسه فقط.
يوم واحد نوفمبر سنة 1851م وبعد 1800 سنة من كتابة المخطوطة تم الإكتشاف بعد إزاحة الرمال عن مدخل تحت الأرض قادته إلى سراديب السرابيوم قبل خمسة آلاف سنة لعجل يطلق عليه عجل أبيس.
ويقال أن أوجست مارييت عالم المصريات الفرنسي كان عاشقًا لآثار مصر وله الفضل في الحفاظ على الآثار المصرية حيث كان من مؤسسي مصلحة الآثار المصرية والمتحف المصري وكان أول مدير له.
- ولد في مدينة بولوني سورمير بفرنسا 1821م وعمل معلمًا للرسم واللغة الفرنسية في إنجلترا.
- توفى عام 1881م وأقيمت له جنازة كبيرة ودفن بحديقة المتحف المصرى على يسار الداخل من الباب الرئيسى ويوجد شارعًا باسمه بجانب المتحف تخليدًا لذكراه.