recent
أخبار ساخنة

حكايات التجلي الأعظم ، جبل موسى قيمة روحية استثنائية بالوادي المقدس بسيناء

 حكايات التجلي الأعظم ، جبل موسى قيمة روحية استثنائية بالوادي المقدس بسيناء





كتب  - د. عبد الرحيم ريحان


في إطار استكمال حلقات "التجليات الربانية بالوادى المقدس طوى" منذ دخول يوسف الصديق وأهله آمنين إلى مصر ومسار نبى الله موسى بسيناء حتى الوصول إلى أعتاب المدينة المقدسة والذى نعرضها فى 25 حلقة نستكمل الحلقة السابعة عن جبل موسى كقيمة روحية استثنائية بالوادى المقدس طوى وقد استعرضنا دخول يوسف الصديق وأهله إلى مصر ومكان إقامة بنى إسرائيل في مصر ومناقشة موقع ولادة نبى الله موسى وتربيته في بلاط أحد ملوك مصر وموقع بئر موسى في مدين حيث قابل الفتاتين وتزوج وعاش لمدة عشر سنوات والتجلى الأول عند شجرة العليقة الملتهبة في ست حلقات ماضية.





جبل موسى له عدة مسميات أخرى مثل جبل المناجاة وجبل الشريعة وجبل سيناء وجبل حوريب، ويقع فى مواجهة جبل التجلى حيث وقف نبى الله موسى على الجبل وأمامه جبل التجلى وهو الجبل الذى تجلى له سبحانه وتعالى فدكه، ويقع جبل التجلى إلى الشمال الشرقى لجبل موسى، وقد عرف بهذا الاسم نتيجة لحادثة التجلى الشهيرة حيث تجلى عليه المولى عز وجل حينما سأل نبى الله موسى ربه أن يراه كما ورد فى القران الكريم }وَلَمَّا جَاءَ مُوسَىٰ لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ قَالَ لَن تَرَانِي وَلَٰكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا{سورة الأعراف آية 143





وتحاول عدة دوائر سلب هذه القيمة الكبرى عن مصر الذى شرّفها سبحانه وتعالى بجبل الشريعة بالوادى المقدس طوى ومن أمثلة ذلك ما نشرته صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية ونقلت عنه المواقع العربية أن نبى الله موسى قد كلم ربه فى الأردن وليس مصر عن طريق جبل نافو، كما نشرت صحيفة " جيروزاليم بوست" الإسرائيلية أن العالم الإسرائيلى عمانويل أناتى ذكر أن الجبل الذى كلم الله عليه سيدنا موسى عليه السلام وأرسل إليه بالوصايا العشر هو جبل "كركوم" الموجود فى صحراء النقب، وذكر العالم الإسرائيلى تسيفى إيلان أن جبل موسى فى سيناء ولكن فى منطقة سرابيط الخادم، وادّعى الباحث الأمريكى أن جبل موسى هو جبل اللوز بالسعودية وأنتج فيلمًا وهميًا ليثبت صحة ادعاؤه لا يستند إلى أى أدلة علمية مما يؤكد أن الغرض من هذه الآراء مجرد إبعاد وجود الجبل عن موقعه الحقيقى بالوادى المقدس، فمرة فى سيناء ولكن خارج موقعه الحقيقى وأخرى فى النقب أو الأردن أو السعودية، وسنفند كل هذه الآراء. 





من خلال تحقيقى الأثرى لرحلة خروج بنى إسرائيل بسيناء وتحديد محطات الخروج بها أنها تبدأ بعيون موسى حيث تفجرت الإثنى عشرة عينًا ثم منطقة سرابيط الخادم حين طلبوا من نبى الله موسى أن يجعل لهم إلهًا ثم منطقة الطور المشرفة على خليج السويس (موقع طور سيناء حاليًا) الذى عبدوا بها العجل الذهبى بمنطقة قريبة من البحر حيث نسف العجل بها ثم جبل الشريعة حيث تلقى نبى الله موسى ألواح الشريعة وقد انتقل بنى إسرائيل إليه عبر وادى حبران من طور سيناء إلى جبل موسى بالوادى المقدس طوى (منطقة سانت كاترين حاليًا).



ويتفق موقع الجبل المقدس مع خط سير الرحلة وهو المحطة الرابعة التى تشمل جبل الشريعة وشجرة العليقة المقدسة الذى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى المنطقة الوحيدة بسيناء التى تحوى عدة جبال مرتفعة مثل جبل موسى 2242م وجبل سانت كاترين 2642م فوق مستوى سطح البحر وغيرها.



ونظرًا لارتفاع هذه المنطقة فحين طلب بنو إسرائيل من نبى الله موسى طعام آخر بعد أن رزقهم الله بأفضل الطعام وهو المن طعمه كالعسل ويؤخذ من أشجار الطرفا القريبة من الوادى المقدس حاليًا وهناك منطقة كاملة بهذا الاسم قريبة من منطقة سانت كاترين، والسلوى وهو طائر السمان كان النص القرآنى }اهبطوا مصرًا فإن لكم ما سألتم{ سورة البقرة آية 61، والهبوط يعنى النزول من مكان مرتفع وعندما يذكر اسم مصر بدون تنوين فيقصد بها مصر صراحة كما فى النص القرآنى} وَقَالَ ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ{ يوسف 99، ولكن إذا ذكرت منونة كما فى الآية المذكورة }إهبطوا مصرًا{ فإنها تعنى سائر الأمصار ولا تنفى أن يكون من بينها مصر، فإذا كان المقصود مصر فهذا تذكير لهم بأن فى مصر كل هذه الأنواع من الطعام ولكنهم يخشون العودة إليها بالطبع، وإذا كان المقصود أى بلد آخر فهذا يعنى أن هذه الأطعمة متوفرة فى أى مكان آخر فاهبطوا إليه ولكن هذا سيثنيكم عن رسالتكم الذى خرجتكم من مصر من أجلها وهى دخول الأرض المقدسة تحملون ألواح الشريعة فى تابوت العهد.



ومن المعروف أن منطقة الوادى المقدس طوى بسيناء كانت شديدة البرودة لذلك ذهب نبى الله موسى طلبًا للنار ليستدفئ به أهله فى رحلته الأولى لسيناء }إنى آنست نارًا لعلى آتيكم منها بخبر أو جذوة من النار لعلكم تصطلون{ القصص 29 كما أن بهذه المنطقة شجرة من نبات العليق لم يوجد فى أى مكان آخر بسيناء وهو لا يزدهر ولا يعطى ثمار وفشلت محاولات إنباته فى أى مكان بالعالم مما يؤكد أنها الشجرة التى ناجى عندها نبى الله موسى ربه وهى شجرة العليقة المقدسة، وأدّعى العلماء أن بنو إسرائيل هم أول من أطلق على سيناء هذا الاسم وهذا غير علمى تمامًا فإن اسم سيناء جاء لكثرة جبالها خاصة الجبال الحادة القمة كالأسنة أو المسننة ومنها جاءن سيناء أو سينين.



وأطلق قدماء المصريين على سيناء اسم توشيت أى أرض الجدب والعراء ويشهد معبد سرابيط الخادم بجنوب سيناء على تقديس حتحور التى أطلق عليها سيدة الفيروز وسماها الإغريق أرابيا بيترا أى بلاد العرب الحجرية، وذكرت فى القرآن الكريم باسم سينين تعنى أسنة الجبال وهى ما تتميز به جبال سيناء ومعناها اللغوى حجر أو بلاد الأحجار.



أمّا الباحث الأمريكى وايت الذى ادعى أن جبل موسى هو جبل اللوز بالسعودية فقامت رؤيته على تزوير التاريخ فى الأدلة التى استند إليها الباحث الأمريكي.



فقد استند فى أدلته على عامود حجرى بمدينة نويبع حيث ذكر أن بنو إسرائيل عبروا عند منطقة نويبع عبر خليج العقبة وادّعى أن عبورهم كان بجوار عامود أثرى بناه نبى الله سليمان ليحدد مكان عبور بنى إسرائيل عن طريق خليج العقبة عند منطقة نويبع، وبصفتى أعمل بهذه المنطقة منذ تخرجى وأمر على هذا العامود عدة مرات فهو عامود حديث بنويبع وغير مسجل كأثر فليس له قيمة أثرية ولا تاريخية وعمره أقل من مائة عام.



الدليل الثاني الذى جاء به الباحث الأمريكى صورة قلعة قريبة من العامود المذكور ربط بينها وبين تاريخ العامود ووضعها فى نفس الصورة الذى استند إليها فى أدلته الواهية، وقد خاب ظنه بالفعل حيث قمت بأعمال تنقيبات أثرية بهذه القلعة والإشراف على أعمال الترميم فهى النقطة العسكرية المتقدمة بنويبع وهى أقدم قسم بوليس فى سيناء خاصة ومصر عامة وتعود إلى عام 1893م وتقع بمنطقة الترابين بمدينة نويبع على بعد 75كم جنوب طابا 75كم شمال دهب وتبعد 200م عن شاطئ خليج العقبة وهى مسجلة كأثر بالقرار رقم 991 لسنة 1999 وبالتالى فلا علاقة لهذا العامود ولا النقطة العسكرية بتاريخ خروج بنى إسرائيل من قريب أو بعيد .



ويتم الصعود إلى جبل موسى عبر ثلاثة طرق، الأول يعرف بطريق السلالم صعودًا حتى فرش إيليا وهى طريق مختصرة مهدها الرهبان منذ عهد بعيد وجعلوا لها سلمًا من الحجر الغشيم مكون من 3000 درجة وتم ترميمه عام 1911م، وعلى الجبل نبع ماء كان يعيش بجوارها أحد النسّاك وكنيسة الأقلوم، وهناك قنطرة من الحجر الجرانيتى على شكل عقد نصف دائرى، قيل أنه كان يجلس عندها  راهب أو أكثر يتقبل الاعتراف من الزوار ويكتب أسمائهم ثم يتجهوا إلى منخفض بين الجبال يسمى (فرش إيليا) وبه كنيسة موسى النبى وبجانبها كنيسة إيليا النبى وبهذه الكنيسة مغارة متسعة قيل أنها المغارة التى سكنها إيليا النبى عند مجيئه إلى جبل حوريب أي جبل موسى كما جاء في سفر 

(ملوك 1 ص19)



وفرش إيليا هو وادى مفتوح متسع ويتفرع لعدة جهات منها منطقة فرش اللوزة ويضم بقايا قلايات وكنائس وبئر يطلق عليه بئر موسى وسد قديم وأشجار سرو ونبق ولوز، إضافة إلى شواهد أثرية ترجع إلى الفترة النبطية أعيد استخدامها كقلايا للرهبان منتشرة فى المكان، وهى المحطة الأخيرة على جبل موسى قبل الوصول إلى القمة، كما يوجد محجر قديم كان يقطع منه الصخور التى استغلت لبناء الكنيسة القديمة على قمة جبل موسى فى الفترة البيزنطية، ومن فرش إيليا إلى قمة الجبل 750 درجة صخرية أخرى، أما قمة الجبل فتحوى أطلال كنيسة ترجع إلى فترة الامبراطور جستنيان فى القرن السادس الميلادى، وبقايا مسجد بناه أبو المنصور أنوشتكين الآمرى في عهد الخليفة الآمر بأحكام الله الفاطمى عام 500هـ ، 1106م إضافة إلى دورات المياه القديمة ومصلى الكهف وكنيسة الثالوث الأقدس وترجع إلى سنة 1937م



والطريق الثانى هو طريق عباس باشا

 (طريق الجمال) الذى مهده عباس باشا والى مصر فى القرن التاسع عشر للصعود إلى قمة الجبل موسى، ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات، والطريق الثالث هو طريق وادى الأربعين حيث يصعد إلى الجبل عبر وادى اللجاه المعروف بوادى الأربعين ويبدأ من شرق الدير إلى رأس جبل المناجاة وعلى قمته كنيسة صغيرة قيل أنها قائمة على أطلال دير قديم للراهبات .



google-playkhamsatmostaqltradentX