الدرب الأحمر، مسار سياحى جديد للآثار الإسلامية (3)
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
إستكمالًا للمقالين السابقين عن المسار السياحى الجديد للآثار الإسلامية والدراسة العلمية الذى أعدها الدكتور السيد جابر مدير آثار الدرب الأحمر عن المعالم المعمارية للمسار، وقد رصدنا فى المقالين السابقين خط سير المسار وسور صلاح الدين وقبة وسبيل الأمير طرباي الشريف وجامع ومدرسة خايربك
الجامع الأزرق.
ويشير الدكتور السيد جابر إلى المعالم المعمارية للجامع الأزرق الذى يقع فى شارع باب الوزير بالدرب الأحمر ويعود تاريخه إلى ٧٤٧ / ٧٤٨ هـ، ١٣٤٦/ ١٣٤٧م، أنشأه آق سنقر الناصري من مماليك الناصر محمد بن قلاوون وزوج إبنته الأمير إبراهيم أغا مستحفظان الذي جدد فيه وغير من بعض ملامحه الأصلية وأضاف إليه عناصر عثمانية فكونا معًا هذا النموذج المعماري المتميز الذي يحمل أهم ملامح وسمات وتقاليد العمارة الإسلامية في القاهرة في العصرين المملوكي والعثماني.
ويصف تخطيط الجامع بأنه يتكون من صحن أوسط مكشوف يحيط.به أربعة أروقة أكبرها رواق القبلة الذي يحتوي علي بائكتين، أمّا باقي الأروقة فتتكون من بائكة واحدة وكانت عقود الأروقة محمولة علي أكتاف حجريه مثمنة ومغطاة بأقبية متقاطعة ومازالت البائكة أمام المحراب وكذا الرواق الشمالي الغربي محتفظ بكثير من تفاصيله، والبائكة المطلة علي الصحن برواق القبلة وكذا الرواقان الجانبيان فقد استبدلت الأقبية المتقاطعة بأسقف خشبية وهذه التغيرات أحدثها إبراهيم أغا مستحفظان، والمسجد ثلاث واجهات حرة
يتصدر المحراب الإيوان الشرقي وهو مكون من عقدين عبارة عن صنجات معشقة بالرخام الأبلق، وتعد من أهم أعمال المسجد البلاطات الخزفية التي تكسو جدار القبلة بالإيوان الجنوبي الشرقي وهي الكسوة الخزفية التي أضافها إبراهيم أغا مستحفظان من أهم أعماله في المسجد والتي صارت سمة رئيسية حتي عرف المسجد بالجامع الأزرق نسبة للون الأزرق السائد بتلك الكسوة.
ويتابع الدكتور السيد جابر بأن قبة علاء الدين كجك بن الناصر محمد تقع بالظلة الشمالية الغربية، ويقع قبر آق سنقر وحجرة دفن إبراهيم أغا مستحفظان وباب المئذنة المعقود بعقد مدبب بالظلة الجنوبية الغربية، وبالمسجد منبر من أقدم المنابر الرخامية الباقية بمصر ويتكون من صدر رخامي أملس بوسطه باب خشبي مزخرف بالأطباق النجمية والزخارف النباتية المطعمة بالعاج وأعلي الصدر صفوف من المقرنصات الرخامية.
بالمسجد مئذنة تتكون من ثلاثة طوابق فوق قاعدة مربعة ثم بدن إسطواني أملس يعلوه شرفة مرتكزة علي صفوف من المقرنصات ثم الطابق الثاني وهو حجري مضلع يعلوه شرفة أصغر قليلًا ثم الطابق الثالث وهو جوسق مبني بالحجر مكون من ستة أعمدة ثم شرفة أصغر من السابقة ثم خوذة المئذنة علي شكل القلة وهي من الخشب المغلف بالرصاص، ويعلو القمة عمود نحاسي ينتهي بهلال من تجديدات لجنة حفظ الآثارالعربية في عصر الخديوي توفيق عام ١٣٠٧ هـ، ١٨٨٩م وتم عمل مشروع ترميم للمسجد بتحويل مشترك مابين مؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية و صندوق الآثار العالمي وبدأ في ٢٠٠٩ وتم بنهاية ٢٠١٢
مسجد ومدرسة خوند بركة
ويشير الدكتور السيد جابر إلى المعالم المعمارية لمسجد ومدرسة خوند بركة
( أم السلطان شعبان ) أثر رقم (125) بشارع التبانة بالدرب الأحمر، تاريخ الإنشاء ٧٧١ هـ/ ١٣٦٩م، أنشأته خوند بركة أم السلطان شعبان بن حسين بن الناصر محمد بن قلاوون ولهذه المدرسة واجهتان، أحدهما شرقية وهي الرئيسية وتطل علي شارع التبانة، تبدأ هذه الواجهة في طرفها الشمالي الشرقي بحوض سقي الدواب يعلوه الكتاب .يليه المدخل الرئيسي للمدرسة يليه واجهة السبيل ،ثم واجهة ملحقات المدرسة ثم المئذنة .وبعد المدخل تنكسر الواجهة إلي الناحية الجنوبية .
وتتضمن في هذا الجزء واجهة الإيوان الجنوبي الشرقي ( إيوان القبلة) .وواجهة قبتي الدفن علي جانبي إيوان القبلة.أما الواجهة الجنوبية وبها المدخل الجنوبي المؤدي مباشرة إلي صحن المدرسة. ويقع المدخل الرئيسي للمدرسة بالركن الشمالي من الضلع الشرقي .وهو من نوع المداخل المميزة في العمارة الإسلاميه في مصر حيث يتوجه قمة مدببة من حطات المقرنصات. علي غرار المداخل السلجوقية. في آسيا الصغري .وهو يفضي إلي دركاة مربعة بها بابان .علي يمين ويسار الداخل.
تتكون المدرسة من الداخل من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربعة إيوانات
ويكتنف إيوان القبلة قبتان، خصصت الجنوبية منها لدفن السلطان شعبان، أمّا القبة الأخري علي يسار إيوان القبلة أعدت لدفن خوند بركة أم السلطان شعبان، وللمدرسة مئذنة تتوسط الواجهة الشرقية المطلة علي شارع التبانة، وبدأ إهتمام مؤسسة الأغاخان بآثار منطقة الدرب الأحمر وكانت باكورة أعمال الترميم هي مئذنة جامع ومدرسة أم السلطان شعبان
جامع الطنبغا المرداني.
وينوه الدكتور السيد جابر إلى المعالم المعمارية لجامع الطنبغا المرداني بشارع التبانة بالدرب الأحمر ، تاريخ الإنشاء ٧٣٨ / ٧٤٠ هـ، ١٣٣٧ / ١٣٤٠ م ، أنشاه الأمير الطنبغا المرداني أيام السلطان الملك الناصر محمد بن قلاوون.
يسير نظام عمارة المسجد علي نمط المساجد الجامعة التقليدية، حيث يتكون من صحن أوسط مكشوف تحيط به أربع ظلات أكبرها وأعمقها ظلة القبلة، وقد قسمت هذه الأروقة إلي بلاطات بواسطة بوائك ترتكز علي أعمدة معظمها مجلوب من عمائر قديمة، حيث تتكون ظلة القبلة من أربع بوائك واثنين بكلًا من الظلة الشمالية الشرقية والجنوبية الغربية والشمالية الغربية، وللمسجد أربع واجهات فتح بها ثلاثة مداخل، الشمالي الشرقي وهو المدخل الرئيسي والثاني بالواجهة الجنوبية الغربية والثالث بالواجهة الشمالية الغربية والمدخل الثاني والثالث علي محور واحد.
وتشرف ظلة القبلة علي الصحن من حجاب من الخشب الخرط الميموني والصهاريجي لحماية المصلين من برودة الشتاء، ويتوسط الجدار دخلة المحراب المعقودة والمزخرفة بالرخام الملون والفسيفساء
وعلي يساره يوجد المنبر الخشبي الفريد من نوعه.
وللجامع مئذنة تعلو الكتف الأيمن للمدخل الشمالي الشرقي الرئيسي للجامع، وتتألف من ثلاث طوابق غنية بزخارف متنوعة محفورة علي الحجر، تبدأ المئذنة بقاعدة مربعة يليها الطابق الأول وهو ثماني الأضلاع يعلوه طابق ثاني مثمن الأضلاع ويفصل بين الطابق الأول والثاني والثالث شرفتين حجريتين تحيطان بالبدن ذات ستة عشر ضلعًا، والطابق الثالث يمثل جوسقًا يشتمل علي ثمانية أعمدة من الرخام الأبيض ترتكز عليها الشرفة الثالثة المحيطة ببدن المئذنة تعلوها خوذة بصلية الشكل.
مسجد أصلم السلحدار
ويتابع الدكتور السيد جابر بأن مسجد اصلم السلحدار أثر رقم (112) أنشأه الأمير بهاء الدين أصلم السلحدار من مماليك السلطان المنصور قلاوون
٧٤٥- ٧٤٦ هـ / ١٣٤٤ - ١٣٤٥ م
التخطيط العام لهذا الأثر عبارة عن واجهتان هما الواجهة الشمالية الغربية والجنوبية الغربية، وقد إزدانت كلتا الواجهتان بنفس الأسلوب، حيث يزخرفهما دخلات رأسية ذات صدور مقرنصة، يبلغ عددها في الواجهة الشمالية الغربية خمسة وفي الواجهة الغربية ثلاثة، بكل دخلة مستويين من النوافذ، سفلية مستطيلة وعلوية معقودة، والقبة مزخرفة من الخارج بتضليعات مستقيمة ويزين رقبة القبة فسيفساء خزفية بها كتابات وتعد من أندر الفسيفساء الخزفية برقاب القباب.
يوجد المدخل بالواجهة الجنوبية الغربية، ويعلوه نص تأسيسي للمنشيء وهو عبارة عن دخلة متوجة بعقد مدائني كما يوجد للمسجد مدخل آخر بالواجهة الشمالية الغربية يتوجه عقد ثلاثي يرتكز علي مقرنصات ذات دلايات، المسجد من الداخل يتكون من درقاعة وسطي مستطيلة يحيط بها أربعة إيوانات أعمقها إيوان القبلة الذي يشرف علي الدرقاعة بعقد مدبب، وبصدره دخلة المحراب، وقد ألحق بالمسجد قبة ضريحية بالضلع الجنوبي للمنشأة وهي عبارة عن حجرة مربعة تنتهي بصفوف من المقرنصات تحمل رقبة القبة ثم القبة ذات القطاع المدبب.
حالة الجامع قد ساءت إلي حد كبير بحلول عام ٢٠٠٠، وكانت في حاجة ملحة للترميم. وقد تمت عملية ترميم مكثفة للجامع فيما بين يونيو ٢٠٠٦ وأبريل ٢٠٠٩ قامت بها مؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية
وجري مشروع الترميم بالتعاون مع المجلس الأعلي للآثار وإتفاقية شراكة مع مركز البحوث الأمريكي بالقاهرة، وتم ترميم المسجد من خلال منحة ترميم الآثار المصرية التابعة للوكالة الأمريكية الدولية للتنمية ومؤسسة الأغاخان للخدمات الثقافية وصندوق السفير الأمريكي لحفظ التراث الثقافي.
وقد قام بتصوير الجامع الأزرق جمعية المحافظة على التراث المصرى برئاسة المهندس ماجد الراهب






