المصري القديم صاحب الفضل الأول في هندسة الاستيطان
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
دراسة أثرية للباحث على محمد أحمد على باحث دكتوراه بكلية الآثار جامعة جنوب الوادى تحت عنوان "عمارة الطوب اللبن في مصر القديمة"
وأكد الباحث الآثارى على محمد أحمد على أن المصرى القديم عرف البناء بالطوب اللبن منذ عصر الأسرة الأولى اعتبارًا من سقارة ونقادة ومقابر أبيدوس وفي سقارة نرى هندسة معمارية متطورة للغاية تستخدم في البناء المقابر والمصاطب من الطوب اللبن بنفس نبوغه فى البناء بالأحجار وشيد مسكنه من الطين وشيدت أيضا قصور العظماء من الطوب اللبن كما شيدت البنية الفوقية لمقابر عصور بداية الأسرات من الطين كما هو الحال بمقابر سقارة
بالرغم من كل هذا التقدم في عمارة الأحجار الإ أن المصري القديم لم يفشل في الهندسة المعمارية في بناء الطوب فلقد أستخدم الطوب اللبن أيضا في العمارة المحلية والدينية والجنائزية لذا يمكننا القول بأن هندسة الاستيطان في مصر القديمة لعبت دورًا مهمًا وعمليًا للغاية.
ونوه إلى أن استخدام الطوب اللبن كان أسهل وأقل تكلفة من البناء بالحجر لأنه يمثل إنتاج محلي حيث كان يُصنع من طمي النيل، وتكونت المدينة من عده مستوطنات يحيط بها سور ضخم من الطوب اللبن، وكان تربطهم عادات مثل الزواج والحرب والعلاقات التجارية، وكان للمدينة سيطرة سياسية علي المناطق الريفية علي المناطق المجاورة وأن سبب قلة اكتشاف المستوطنات المصرية القديمة بالطوب اللبن إلى أن المدن كانت تتطور في الأزمنة المتأخرة (الألفية الرابعة قبل الميلاد) ومن المحتمل أن تكون هذه "البلدان" عبارة عن مراكز عبادة متطورة بها معابد أو مزارات ومستوطنات ومواد عضوية والتي يصعب اكتشافها من الناحية الأثرية حتى الآن ولكن تم اكتشاف أفضل البقايا المحفوظة في موقع هيراكونبوليس (الكوم الأحمر)
وأشار الباحث الآثارى على محمد أحمد إلى أن منازل الطبقات الوسطى كانت من الطوب اللبن وكانت تحتوي على عدة غرف وكان بعضها مرتفعًا مكونًا من طابقين أو ثلاثة وفناء المنزل الذى استخدم للعمل في الهواء الطلق وللحيوانات، كذلك تم استخدام الجزء السفلي من المنزل للتخزين وكانت الغرف العلوية هي أماكن للمعيشة وكان الباب يقع فوق مستوى سطح الأرض متجنبًا الغبار المستمر الذي يدخل إلى أماكن المعيشة ، غالبًا ما كان السقف يحتوي على ملجأ خفيف للظل ، وكانت هذه المنطقة تستخدم غالبًا للنوم أثناء الطقس الحار.
وكانت طريقة عمل الطوب اللبن تتم بتجميع العمال للرمال وطمي النيل وماء وقليل من القش يتم تخليط تلك المواد مع بعضها البعض ويقوم العمال بقطع تلك المواد المختلطة علي هيئة قوالب وتجفف تحت حرارة الشمس وكان أحيانًا يتم إضافة بعض من الرمال والتربة الصحراوية المختلطة بالحصى وعرف مصطلح الطوب اللبن بمعني " adobe" “وتأتي هذه الكلمة من الهيروغليفية المصرية dbt ، وتعني لبنة وكان "أدوبي" هو أقدم مواد البناء التي تستخدمها البشرية.
إكتشف عالم الآثار البريطانى “بتري” مدينة نقادة الأولى حيث شيدت المباني من الطوب بقياس 29 × 11 .5 × 7.5 سم أما في ابيدوس والمحاسنة فلقد أستخدم المصريين القدماء طوبًا يبلغ طوله أكثر من 70سم ومن أجل تدعيم البناء استخدم المصري القديم بعض من المواد كحشوات بين مداميك الطوب اللبن مثل الأخشاب والقش أو حزم من القصب في تدعيم سقف بعض المباني واستخدمت العواض الخشبية بشكل أكبر في العمارة كما استخدم الطوب اللبن أيضا في بناء أسوار المدن مثل مدينة الكاب ونخن ومازال السور الضخم الذي يحيط بالمدينة موجودًا حتي الأن أمّا في مقابر سقارة خلال فترة ما قبل الأسرات فكانت المقابر تأخد أيضا الشكل المستطيلي تبطن جوانبها من الطوب اللبن.