اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

مدينة القصر مباني استلهمت فقه الإسلام وتفاعل الإنسان مع البيئة

 مدينة القصر مباني استلهمت فقه الإسلام وتفاعل الإنسان مع البيئة




كتب - د . عبد الرحيم ريحان


دراسة أثرية للدكتورة دينا سمير العزيري عن مدينة القصر التاريخية التى تقع في الشمال الغربي من مدينة موط عاصمة واحة الداخلة، على بعد حوالي 35 كم والوصول إليها من الطريق المتجه إلى الفرافرة.





وعن أهمية مدينة القصر تشير الدكتورة دينا سمير العزيري إلى أن مدينة القصر احتلت أهمية جغرافية وإستراتيجية كبيرة منذ القدم وقد كانت بلاد الواحات ممرًاً للقوافل التجارية، وقوافل الحجيج التي تأتي من بلاد المغرب والأندلس وكان العرب يمرون بها أثناء توجههم لفتح بلاد المغرب العربي، إضافة إلى ما بها من دروب صحراوية جعلت من هذه البلاد ممرًا عسكريًا وتجاريًا هامًا إلى السودان جنوبًا

 ومنها إلى أواسط أفريقيا.



بنيت مدينة القصر فوق مدينة قديمة بدليل وجود الكثير من الأحجار المدون عليها كتابات باللغة المصرية القديمة "الهيروغليفية" في أبنية هذه المدينة الإسلامية التي بنيت مبانيها بالطوب اللبن ووجود هذه الأحجار في أعمدة وبوابات البيوت يؤكد أن من بنوها كانوا يأتون بالأحجار من مكان قريب لتقوية بنايانها وشملت مبانيها منشآت دفاعية مثل البوابات، والدروب.



وتشير الدكتورة دينا سمير العزيري إلى أن مدينة القصر تضم منشآت دينية تعليمية ومنها المسجد الجامع، وبما يحويه من عناصر معمارية وفنية كالمئذنة والمحراب والمنبر و من أشهر معالم مدينة القصر: مسجد نصر الدين، والتي يرجع (البعض) تاريخه إلى العصر الأيوبي والمنشآت المدنية العامة ومن أمثلتها المقاعد، والطواحين، والحوانيت بأنواعها المختلفة، والبيوت والمنشآت الجنازية: وتتمثل في الجبانات والأضرحة كما تميزت مدينة القصر بأبوابها القديمة ذات الأعتاب المنقوشة الجميلة والتي عادة ما تشير إلى المالك (صاحب الدار) ، وتاريخ بناء المنزل. وقد أجريت بعض الإصلاحات على العديد منها خلال السنوات القليلة الماضية.



وتنوه إلى سمات تخطيط مدينة القصر الإسلامية من خلال الدراسة  حيث صممت شبكة الشوارع من الحارات والدروب والأزقة سواءً كانت نافذة أو غير نافذة بنظام متفق عليه من منطلق الأحكام الفقهية التي إستمدت من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ووجود مدخلين للدار الواحدة وذلك للفصل بين قسم الضيافة والقسم الثاني الخاص بأهل الدار، للحفاظ والتأكيد على الخصوصية وإنطلاقًا من تأثير الدين الإسلامي، فقد وضعت نصوص إنشائية أعلى فتحة باب المدخل الرئيسي للدار بما تضمنته من البسملة ونص قرآني وعبارات الترحيب والمودة بالجار والمار والزائر.



وعدم مواجهة فتحات الأبواب الخاصة بالدور لبعضها، وذلك يجعل أبواب الدور المقابلة منكبة ( غير مواجهة لبعضها البعض)، وذلك لعدم جرح خصوصية من بداخل المنزل أثناء فتح وغلق مثل هذه الأبواب.



التأثير الديني والعادات أيضًا أسهمت فى  توجيه وحدات الدار إلى الداخل والإستفادة من الفناء الداخلي في إمداد أقسام المنزل بالإضاءة والتهوية، وذلك من منطلق الحفاظ على الخصوصية وتعددت الحجرات داخل الدار، بل وتم فصل بعض الوحدات وتخصيص درج صاعد ببعضها وذلك لتأكيد الفصل بين الأبناء من البنين والبنات حين بلوغهم الحلم والعمل بما جاء في القرآن الكريم والسنة النبوية في هذا الصدد والمشاركة والترابط بين الجيران

وحسن المعاملة للجوار، عملاً بما أشارت إليه الآيات القرآنية والأحاديث النبوية في هذا الصدد، وكذلك المشاركة في الجدار بين الجار وجاره، ولعل أبرز الأمثلة على ذلك، تتمثل في السقائف التي تعلو شبكة الطرق وما يعلوها من ساباط.



وبناء سترة تلتف حول سطح الدار، وذلك لستر نساء المنزل وحفظ خصوصيتهن وكان لها شروطها الخاصة التي تساعد أيضًا على حفظ خصوصية الجار.



وبالتالى فالتكوين المعماري لمدينة القصر الإسلامية قد عكس لنا الخلفية البيئية للمنطقة، بأبعادها الإجتماعية والثقافية متأثراً في ذلك بالقيم الإسلامية وما نبع عنها من عادات وتقاليد، ولذا جاءت عمارة المدينة متوافقة لكافة الأعراض والمتطلبات الإجتماعية، إلى جانب توفيرها للأمن والإستقرار النفسي الناجم عن مراعاة حق الجوار، مما كفل للجميع العيش فى أمان واستقرار، أبرزه لنا ما بقي من عمارة في تلك المدينة الأثرية الشديدة التميز والخصوصية.


google-playkhamsatmostaqltradent