سانت كاترين من رموز التواصل الحضاري بين مصر واليونان
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
عشت باليونان لمدة عامين أثناء دراستى للعمارة والفنون البيزنطية بجامعة أثينا وأعتز بهذا الطبق من الخزف عليه صورة سانت كاترين وعجلة التعذيب أهداء من دير سانت كاترين فى مدينة هيراكليون عاصمة جزيرة كريت فى اليونان رمزًا للصداقة المصرية اليونانية وتواصل الحضارات والثقافات بين البلدين.
القديسة كاترين من عائلة نبيلة بالإسكندرية والدها كوستاس وعاشت بالإسكندرية أيام حكم الإمبراطور الرومانى مكسيمانوس 305- 311م وتحولت إلى المسيحية في ظل حكم
وثنى ومن أجل أن ينتزعها الإمبراطور من المسيحية أصدر أوامره إلى خمسين حكيمًا من حكماء عصره أن يناقشوها ويجادلوها فى سبيل دحض براهينها عن المسيحية إلا أن جميع محاولاتهم باءت بالفشل وجاءت النتائج عكسية لدرجة أن هؤلاء الحكماء ما لبثوا أن انضموا إلى صفوف المسيحية
وحذا كثيرون حذوهم وكان من بينهم أقرب المقربين للإمبراطور من رجال البلاط فلجأ مكسيمانوس لتعذيبها وأمر أن تصنع عجلات يبرز منها مسامير ورؤوس سكاكين مدببة ليضعونها فيها ولم يؤثر هذا على إيمانها مما دفع أحد الجنود لقطع رأسها.
وفى روايات رهبان دير سانت كاترين قصة ظهور جثمان القديسة كاترين بعد مضى خمسة قرون على استشهادها وأن الملائكة حملوا بقايا جثمانها ووضعوها فوق قمة جبل قرب الدير فصعد الرهبان للجبل ليجدوا بقايا الجثمان عند صخرة بهذا الجبل الذى حمل اسمها بعد ذلك، يرتفع 2642م فوق مستوى سطح البحر وقد نقلت من الإسكندرية إلى هذه الصخرة بواسطة الملائكة ثم نقل الرهبان رفات القديسة من الجبل للكنيسة الرئيسية بالدير ومنذ ذلك العهد أطلق على الدير اسم سانت كاترين وقد كان يطلق عليه دير طور سيناء.
شهد العصر الإسلامى تكريمًا لرفات القديسة كاترين وتشمل الرأس ويد واحدة وذلك تنفيذًا لعهد الأمان من الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم لرهبان الدير وكل مسيحى العالم المحفوظ بالدير صور منه وفيه أمان كامل للمسيحيين على أموالهم ومقدساتهم وأملاكهم وحريتهم الشخصية وحرية العقيدة وعدم التعدى على المقدسات المسيحية وحمايتها والمعاونة فى ترميمها والمعاملة الحسنة الطيبة للمسيحيين ودفع الأذى عنهم وحمايتهم وعهود الأمان المماثلة من الخلفاء المسلمين فى كل العصور الإسلامية.
ذاعت شهرة سانت كاترين فى جميع أنحاء أوروبا خاصة بعد أن حمل سمعان المترجم الذى يتحدث خمس لغات رفات القديسة إلى منطقة الرون وترينس بفرنسا وكتب فى العصر الفاطمى فى القرن العاشر الميلادى كتابه (استشهاد القديسة كاترينا المنتصرة شهيدة المسيح المعظمة) وأصبح دير سانت كاترين معروفًا للجميع وتدفقت المعونات على الدير من كل حدب وصوب وانتشر تكريم القديسة كاترين ورسمت صورها فى الشرق والغرب وأداة تعذيبها وهى عجلة التعذيب، وما يزال بالدير حتى اليوم الكثير من صور القديسة يحيط بها مشاهد تمثل بعض أطوار حياتها واستشهادها حفظت طوال العصور الإسلامية وحتى الآن فى وقت حطمت الأيقونات المسيحية فى أوروبا والعالم المسيحى فى الفترة من 726 إلى 843م