اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

قصة " العقد الخامس " بقلم : منال خليل

 قصة " العقد الخامس "



 قصة " العقد الخامس "

      بقلم : منال خليل 

الأربعاء 10 نوفمبر  2021   8:50 م



استيقظت "نور" بصباح يوم الجمعة قبل الظهيرة متأخرة على غير عادتها  

نظرت لجانب الفراش الخالي من "داوود"

 النظرة كانت فارغة خالية من المشاعر تصحبها تنهيدة مثقلة بذلك الهدوء المتعب

غادرت الفراش النحاسي ذو الأعمدة الأربعة ملكية الطابع ثم بسطت عليه وعلى مجمل ذكريات الصولات والجولات التى عاصرها من حب وعناق وتضارب المشاعر واحتراقها أيضا المفرش الساتان الذهبي المطرز بالدانتيل الفرنسي


مشت حافية القدمين الناعمتين، وردية الكعبين إلي الشرفة المطلة على حديقة المنزل لتفتح الستائر وتطمئن على وجود ذلك العصفور الذى بنى عش صغير على حافة السور، وكأنه رسالة تشير إلى استمرار الحياة 


ثم استدارت واتجهت لحمام الغرفة، نظرت بالمرآه لوجه وعينان وجسد ندي متناسق شهي الملامح والملمس يليق بفتاة بكر وليس بأم بنهاية الأربعينيات. 


 جسد يغطيه رداء حريري أبيض ش

فاف يعلو الركبتين يظهر جيد رقيق تعلوه سلسلة ذات قلب ألماس مشحون بالذكريات. 

رفعت نور الرداء عن ذلك الجسد الذي ينبض غضباً مستتر، ودلفت إلى حوض الاستحمام لتجلس منطوية على ذاتها في وضع الجنين ليغمرها الماء بالكامل 


- داوود زوج نور يجلس بالحديقة يشرب القهوة وبين أصابعه سيجار كوبي ثقيل، مستغرقاً بالرد على رسائل بهاتفه المحمول وهو مبتسم خالي الذهن من نور، بينما يقفز حوله كلب جيرمان شيبرد أسود ثم يعود ليجلس تحت قدميه 

- كان داوود بنهاية العقد الخامس شعره معقود للخلف مصبوغ بلون القهوة، وجه مستطيل صارم خال من الشعر والهموم ..


طويل القامة وأنيق، غني المال فقير المشاعر و العطاء. كان يعتنق تلك الأنانية المثالية الاختفاء خلف مايفيض به من مال على بيته وابنه ونور والشكل الاجتماعي 


- تزوج نور صبية رائعة الجمال وانجب منها طفل الحب ولم ينجبا غيره بناء على رغبة نور. 

 كبر الطفل وأصبح شابا يدرس الهندسة، وأحب   زميلته على أن يتم الخطبة والزواج عقب التخرج .. 


- يبدو البيت والأسره بشكل مثالي هادئ بلا مناوشات ولا صوت يعلو فوق شراكة الأسرة وبما يليق بالوجاهة الاجتماعية لرجل له مركز اجتماعي واضح وبارز، وقارب المشوار أن ينتهي بنجاح بتخرج الإبن وزواجه، بل يحسد الجميع نور وداوود على استقرارهما ونجاحهما البادي للعيان. 


- خطت نور إلى الحديقة باتجاه داوود 

 ترتدي ذلك الفستان الصباحي الذي يحب داوود رؤيته عليها مع عطر يدير رأسه دائما مالت عليه تقبله وجلست أمامه وهي تبتسم بكامل شفاهها.  قائلة:  داوود 


- أطفأ داوود موبايله ورفع وجهه إليها مرددا: نعم

 - نور : وهي تناوله حزمة من الأوراق محفوفة بالمحادثات وبعض من صور درامية تليق بمشاهد سينمائية 

تحمل تواريخ تعود لأعوام مضت وحتى شهر مضى لم ترفع نور عنه عيناها مع نظرة زجاجية خالية من التعبير

- داوود تناول الأوراق يقلب فيها مشدوها مع تطاير بعضها بالهواء المشحون بإعصار مقبل 

- أعادت نور ظهرها للخلف وهي تضع ساق فوق الأخرى بهدوء مرتاح وهى تراقب تعبيرات وجه

داوود الذى وقف منتفضا وهو غاضب ذلك الغضب النرجسي الذي يريد أن يقلب الطاولة : ماهذا ؟ 

كيف فعلتها ؟؟ هل أنا مراقب ؟ 

كيف تجرؤين ؟ 

- هنا وقفت نور بهدوء الواثق المرتاح معلنة أنها لن تخوض تلك المعركة القذرة، وأنها أخيراً انتهت منه ومن صبرها عليه 

 طالبة الانفصال وأن يغادر للأبد أو ستغادر هى سيان عندها 

ثم استدارت تسير بهدوء الظافر بحريته ... وهى تستعيد نفسها ومجمل ذكرياتها وعشقها له أيضا وصدرها ملئ بتلك الأحاديث التي كانوا يرددونها أعواما خلت وقلبها يتحدث مع كامل كيان هده الارتياب والشكوك حتى ظنت أنها قد تكون مسؤلة عن بعض مما يفعله، أو أنها ليست بكافية له أو لصد عنفوانه وأحيانا تدني الغريب من رغباته حتى تملكها ذلك الصمت الرافض 

يدور بعقلها أنه أحيانا ما تصيبنا الخيبة والاحساس بالغدر 


فيضربنا إعصار من الحزن ...فتشعر كما لو أن القلب مشنوق فيأخذ الصمت الروح لعمق الهاوية 

حيث النفس فيه يؤلم الصدر،  وصوت النبض مرتفع كما لو أنه ضوضاء ساخرة تؤدي بالعقل لنوع من الجنون الصامت 


 صك الحرمان  يستنزف القدرة على الصمود فى وجه حقيقة مرعبة ترفض فيها الروح الانصياع لمحاولات تصديقها وكيف تصدقها وأنت من آمنت بحتمية وجودها وخلقتها من الأساس بإيمان كامل بأنها هي الخلاص من كل هذا الخراب الذي استعمر الروح واستنفذ القدرة على الاحتمال


كانت تدق بقدميها السلالم التي تقودها إلى غرفتها وهى تستعيد  ماتحتويه تلك الأوراق من خيانات ومحادثات وأوراق تشخص ماأصابها من مرض نفسي عانت تفاصيله وحدها 


 - فداوود لم يكن يكفيه الصبايا أو العلاقات عرفية الطابع فقط ولكنها انتهت بحبه للتغيير فأضفى على مجون رغباته وانسياقه خلف هوس التجارب إلى علاقة من نفس النوع أيضاً.

google-playkhamsatmostaqltradent