اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

المانيا بعد الحرب العالمية الثانية من قمة الدمار إلى قمة الازدهار

 المانيا بعد الحرب العالمية الثانية من قمة الدمار إلى قمة الازدهار 



بقلم : عبدالسلام الخواجه 


تحتل المانيا الآن المركز الرابع من حيث الناتج المحلى الإجمالي  بعد أمريكا والصين واليابان. والمرتبة الخامسة من حيث القوة الشرائية والمرتبة الثالثة فى التبادل التجارى  تعتبر ألمانيا الأكثر سكاناً في أوروبا حيث أن عدد سكانها يبلغ ٨٥ مليون نسمة تقريباً. اقتصاد ألمانيا المزدهر يجذب الملايين من المهاجرين من مختلف أنحاء العالم كما هو ثالث أكبر دولة من حيث عدد المهاجرين لها. كما أن مستوى المعيشة فيها يعتبر الثانى عالمياً  وتقدر مساحة ألمانيا بحوالي ٣٥٧٠٢١ كيلو متر هذا وتشترك ألمانيا مع دول بولندا وجمهورية التشيك والنمسا وسويسرا وفرنسا وهولندا فى الحدود 


 بعد أن اعلنت  ألمانيا استسلامها بدون شروط فى ٨ مايو ١٩٤٥ او مايسمى  رسميا (يوم التحرير) الذى شهد هزيمة ألمانيا النازية وهذا اليوم أيضا الذى أعلن فيه انتهاء   الحرب العالمية الثانية رسميا وبعد أن انشغل العالم بمصير هتلر حينها هل هو مات ام انتحر ام هرب قبل أن يرفع الستار عن أرشيف المخابرات الروسيه بعد تفكك الاتحاد السوفيتي لتكشف أن هتلر قد انتحر فور وصول القوات السوفيتية إلى مبنى المستشارية الألمانية وان روسيا احتفظت بسر وفاته بل احتفظت بجزء من جمجمة هتلر فى أرشيف المخابرات الروسيه حتى الآن وأخفت عن حلفائها قرابة ٤٥ عام تأكيد نبأ انتحار هتلر او حتى تأكيد وفاته .


 خرجت ألمانيا من الحرب العالمية الثانية دولة مدمرة على جميع المستويات فلا يوجد بنية تحتية ولا جيش ولا اقتصاد فقد فقدت ألمانيا فى الحرب سبعة ملايين  ونصف مليون ألماني واكثر من مليون إمرأه ألمانية اغتصبت على يد الروس والفرنسين ولكن بنسبة اقل   ولقد تسوية مدن بأكملها على الأرض مثل مدينة “دريزدن”، كما نقص عدد سكان مدية “كولون” من 750.000 إلى 32.000 نسمة أي بنسبة 96% من عدد سكان المدينة. على سبيل المثال وانخفص الانتاج الزراعى إلى الثلث وقد دمرت المصانع بالكامل تدمير ممنهج من الحلفاء لتحويل ألمانيا من دولة صناعية الى دولة زراعية بحيث لا تسبب اى إيذاء لأوروبا مرة ثانيه بعد حقبة هتلر النازية وادت القيود المفروضة على الأسعار من قبل الأوروبيون الى نقص حاد  فى البضائع وانتعشت السوق السوداء وحلت  السجاير المارلبورو الأمريكي والويسكى مكان المارك الألماني واضطر الناس إلى الرجوع لمبدأ المقايضة من أجل تلبية احتياجاتهم  ورجعت ألمانيا لعصور الظلام بعد أن كادت تسيطر على العالم قبيل سنوات إبان فترة حكم هتلر النازية . بالإضافة إلى تحميل ألمانيا تعويضات لدول الحلفاء سنويا تعادل ٢٤ مليار دولار بأسعار عام ٢٠١٧ 


بعد هزيمة ألمانيا قسمت ألمانيا إلى دولتين الأولى تسمى ألمانيا الشرقية التى تخضع للشيوعيه ويسيطر عليها الاتحاد السوفيتي سابقا او روسيا الاتحادية  الآن والثانية ألمانيا الغربية تسيطر عليها دول الحلفاء  والتى شهدت مايسمى بالمعجزة الاقتصادية 


لعل من أبرز الشخصيات التي ساهمت في نهضة ألمانيا الغربية هو  “لودووغ أرهارد” الذي عمل باحثاً في منظمة معروفة كانت تركز على بناء الفنادق والمطاعم. كان قد كتب مقالة جريئة سابقاً في عام 1944 ناقش فيها الوضع المالي الألماني فيما لو  هُزم النازيون في الحرب. تم تعيين “ارهارد” وزيراً للمالية في “بافاريا” بعد استسلام الألمان في الحرب، ثم ترقى وأصبح مدير المجلس الاقتصادي لألمانيا الغربية. لقد بذل هذا الرجل جهداً جباراً في جوانب عديدة في اقتصاد ألمانيا الغربية، حيث لعب دوراً كبيراً في تشكيل عملة جديدة لتحل مكان “المارك” الذي أصبح بلا قيمة. إن طرح عملة جديدة أدى إلى تخفيض كمية العملة المتوفرة لدى عامة الناس بنسبة 93%، وبالتالي تقلص حجم الثروة التي كان يمتلكها الأفراد وحتى الشركات الألمانية. إضافةً إلى منح تخفيضات ضريبية من أجل تحفيز الإنفاق والاستثمار. وقضى على السوق السوداء وقرب ألمانيا  الغربية من الدول الغربية وكان يؤمن بأن تقدم ألمانيا  الغربية هو الخطوة الأولى فى إعادة توحيد ألمانيا 


وقد ساعد فى النهضة الصناعية الأيدي العاملة الماهرة التى بدأت تتدفق عليها من فرنسا وإيطاليا وتونس بعد عمل اتفاقيات عمل معهم وأيضا من ألمانيا الشرقيه التى كانت تتبع الشيوعية وتعيش فقرا فهجرتها الكفاءات التى تجد من إعادة الاعمار فى ألمانيا الغربية وارتفاع الرواتب مكانا مناسبا للهجرة بالإضافة إلى فتح ألمانيا أمام معظم المهاجرين من معظم دول العالم بدون قيود .


عادت ألمانيا الغربية إلى الحياة تدريجيا فامتلأت المحلات بالبضائع وتوقف مبدأ المقايضة وعادت الأسواق التجارية إلى العمل مجدداً وأصبح الناس يقبلون على العمل بشكل كبير. هذا كله لأنهم أدركوا أن العملة الجديدة ذات قيمة ونهض الاقتصاد الألماني وأصبح العمال فى اليوم يعملون أكثر من ١٨ ساعة فى اليوم بسبب إصابة معظم الرجال فى الحرب مما اضطروا إلى مشاركة النساء والمعتقلين فى إعادة الاعمار ورفع مخلفات الحرب والاعتماد على النفس وبدأت المصانع الألمانية فى الازدهار الا انه لا يوجد إقبال على المنتجات الألمانية بسبب مشاعر العداء تجاه الألمان إبان حقبة هتلر  من قبل معظم شعوب العالم إلى أن جاءت أزمة عالمية فى عام ١٩٥٠ بسبب حرب الكوريتين مما ادت إلى نقص فى البضائع العالمية وبدات البضائع الألمانية فى التصدير وتضاعف الناتج المحلى إلى أربعة أضعاف وبدأت ألمانيا منذ ذلك الحين  فى غزو العالم اقتصاديا عن طريق المنتجات الصناعية  حتى أن ألمانيا سدت جميع  ديونها نهائيا فى عام ١٩٧١ 


 وقد  ساهم برنامج الانتعاش الأوروبي الذي أعده وزير خارجية الولايات المتحدة “جورج مارشال” في نهضة ألمانيا الجديدة. حيث قدمت الولايات المتحدة 14 مليار دولار للدول الأوروبية التي تضررت من الحرب العالمية الثانية وذهبت حصة كبيرة من هذه النقود إلى ألمانيا كونها المتضرر الأكبر من هذه الحرب. ولكن على كل حال “خطة مارشال” بحسب الكثير من المحللين الاقتصاديين ساهمت بأقل من 5% فقط في إعادة ألمانيا إلى الواجهة.


لم يكن هناك أي مقارنة بين ألمانيا الغربية المزدهرة وبين ألمانيا الشرقية التي كانت ضعيفة الاقتصاد ونقصت فيها الحريات السياسية مما أدى إلى ظهور الاحتجاجات فيها. ففى خلال ليلة التاسع إلى العاشر من نوفمبر ١٩٨٩، غير المئات من مواطني ألمانيا الشرقية مجرى التاريخ، حين اندفعوا إلى اختراق جدار برلين وإسقاط السور الإسمنتي الذي كان يفصل بين الألمانيتين لمدة ثمانية وعشرين عام فقد ورثت ألمانيا المهزومة في الحرب العالمية الثانية خلافات الحلفاء والاتحاد السوفياتي حول النفوذ في أوروبا، فانقسمت إلى قطاعين، الأول غربي سمي بجمهورية ألمانيا الاتحادية، فيما تأسست في القطاع الشرقي جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وعلى أثر ذلك تحولت برلين إلى بؤرة النزاع في الحرب الباردة.

في أغسطس عام ١٩٦١ بنت سلطات ألمانيا الشرقية سورا يفصل برلين الشرقية عن برلين الغربية بطول ١٥٥ كيلومترا وبارتفاع اكثر من ٣ امتار كما أقيمت نقاط للمراقبة الأمنية أشهرها "نقطة مراقبة شارلي وظل جدار برلين رمزا لتمزق الجسد الألماني وعنوانا لتفريق أواصر العائلات الألمانية. في  أكتوبر ١٩٨٩ تظاهر عشرات الآلاف في ألمانيا الشرقية ضد نظامها في تحركات شعبية، كانت إيذانا بميلاد عهد جديد، إذ أعلنت ألمانيا الشرقية في التاسع من نوفمبر ا عام ٨٩سقوط الجدار وفتح الحدود .


وفى ٣ أكتوبر من عام ١٩٩٠م حيث ضمت فيه جمهورية ألمانيا الديمقراطية،  كان يعرف بألمانيا الشرقية، إلى جمهورية ألمانيا الاتحادية، أو ما يعرف عادة بألمانيا الغربية. فبعد أول انتخابات حرة في ألمانيا الشرقية، والتي جرت في 18مارس ١٩٩٠ م، بدأت مفاوضات بين كلتا الدولتين تمخض عنها معاهدة التوحيد، وفي نفس الوقت عقدت معاهدة بين الألمانيتين من جهة وبين ما يسمى بالقوى الأربعة المحتلة (وهي فرنسا وانجلترا وأمريكا والاتحاد السوفيتي) سميت بمعاهدة الإثنين والأربعة وقعت في ١٢ سبتمبر من عام ١٩٩٠ في موسكو منحت من خلالها الدولة الجديدة الاستقلال التام. استمرت ألمانيا بعد التوحيد كعضو في المجموعة الأوروبية، وهو ما أصبح يعرف فيما بعد بالاتحاد الأوروبي، وكذلك في حلف شمال الأطلسي، الناتو.

المانيا بعد الحرب العالمية الثانية من قمة الدمار إلى قمة الازدهار


google-playkhamsatmostaqltradent