قراءة نفسية لبداية أهدأ وأوعى للحياة الزوجية
بقلم : د. هند أحمد
استشاري نفسي وأسري
مع بداية عام جديد، تميل القلوب إلى التمنّي، وتميل العقول إلى إطلاق الوعود.
غير أن الحياة الزوجية من منظور علم النفس لا تتحسّن بالأمنيات، بل بالوعي.
فالسنة الجديدة ليست فرصة لتغيير الشريك، بل فرصة حقيقية لإعادة فهم العلاقة نفسها.
توتر العلاقات مع بداية العام
نفسيًا، تمثل بداية السنة عبئًا خفيًا على كثير من العلاقات الزوجية، إذ تحمل في طياتها:
ضغط التوقعات المرتفعة
المقارنة بعلاقات الآخرين
وهم «البداية المثالية»
في هذه الأجواء، قد يبدأ أحد الطرفين
أو كلاهما في فتح ملفات الماضي
أو محاسبة الشريك على ما مضى
مع انتظار تغيير سريع وغير واقعي.
وتكون النتيجة غالبًا: إحباط مبكر بدلًا من بداية هادئة.
الزواج الصحي لا يقوم على قرارات كبرى
يلجأ بعض الأزواج مع مطلع العام إلى إطلاق شعارات من قبيل: «لازم نتغير» «لازم نرجّع الحب» «لازم المشاكل تنتهي».
لكن علم النفس يؤكد أن العلاقات لا تتعافى بالقفزات المفاجئة
بل بالخطوات الصغيرة المستمرة.
فتحسين أسلوب الحوار، وتقليل النقد وزيادة الإصغاء، قد يكون أكثر أثرًا من أي قرار كبير غير قابل للتنفيذ.
أخطاء نفسية شائعة في بداية السنة
من أكثر الأخطاء التي تتكرر:
فتح الماضي دون استعداد نفسي
مقارنة العلاقة بعلاقات الآخرين
انتظار تغيّر الشريك دون العمل على الذات
الصمت تحت شعار «نبدأ صفحة جديدة»
والحقيقة أن الصمت غير المعالَج لا يختفي، بل يتراكم داخليًا.
فالتجاهل لا يصنع بداية جديدة
وإنما المواجهة الهادئة الواعية هي البداية الحقيقية.
كيف نبدأ عامًا جديدًا نفسيًا داخل الزواج؟
أولًا: التصالح مع الواقع
ليس كل زواج مثاليًا، لكن كل زواج قابل للتحسّن متى وُجد الوعي.
ثانيًا: الاتفاق على نقطة أمان للحوار
وقت محدد للنقاش دون اتهام، أو تهديد
أو استحضار الماضي كسلاح.
ثالثًا: الفصل بين الخطأ والشخص
من أخطر ما يهدم العلاقات نفسيًا تحويل الخطأ إلى هوية؛ فالخطأ سلوك يمكن تصحيحه، وليس تعريفًا دائمًا للشخص.
الحب مفهوم أوسع من المشاعر
في إطار الصحة النفسية، لا يُختزل الحب في العاطفة فقط، بل يتجسّد في:
الأمان
الاحتواء
الشعور بأنك مسموع ومفهوم
وأحيانًا، يكون الحب هو القدرة على الاختلاف دون إيذاء.
خلاصة
السنة الجديدة لا تعني زواجًا جديدًا
بل وعيًا جديدًا.
وحين ندخل العام بنية الفهم لا السيطرة وبالرغبة في الإصلاح لا الانتصار
تتحول السنة الجديدة من مجرد رقم في التقويم إلى فرصة حقيقية للسلام داخل البيت.
