لماذا يتجه الفنانون والمطربون إلى الإعلانات؟
لماذا يتجه الفنانون والمطربون إلى الإعلانات؟
بقلم : الكاتب عماد الدين محمد
تحولات الفن بين الإبداع والتسويق
في السنوات الأخيرة، أصبح الظهور الإعلاني للفنانين والمطربين ظاهرة لافتة للنظر، حيث لم يعد الإعلان حكرًا على عارضين محترفين، بل باتت نجومية الفن بوابة أساسية لتسويق السلع والخدمات.
هذا التحول لم يأتِ من فراغ، بل فرضته متغيرات اقتصادية وثقافية وإعلامية أعادت رسم خريطة صناعة الفن.
الإعلان الملاذ الاقتصادي الآمن
يُعد العامل الاقتصادي في مقدمة الأسباب التي تدفع الفنانين إلى الإعلانات، فالعائد المادي للإعلان غالبًا ما يفوق دخل ألبوم غنائي كامل أو مسلسل طويل.
ومع تراجع مبيعات الألبومات بسبب القرصنة الرقمية، وتقلص أرباح المنصات الإلكترونية، وجد كثير من الفنانين في الإعلان مصدر دخل سريعًا ومستقرًا يحقق لهم الأمان المالي.
تراجع العائد الفني التقليدي
لم يعد النجاح الفني وحده كافيًا لضمان الاستقرار المالي.
فالأغنية التي كانت تُباع بالملايين أصبحت تُستهلك عبر المشاهدة المجانية أو الاشتراكات منخفضة العائد. كما أن تكلفة الإنتاج الفني ارتفعت، بينما تقلصت فرص الربح المباشر، ما جعل الإعلان خيارًا منطقيًا لتعويض هذا الفارق.
الفنان كعلامة تجارية
تحول الفنان في العصر الحديث إلى “براند” أو علامة تجارية مؤثرة.
شركات الإعلان لم تعد تبحث فقط عن منتج جيد، بل عن وجه مألوف يحظى بثقة الجمهور.
وهنا يلعب الفنان دور الوسيط العاطفي بين المنتج والمستهلك، مستثمرًا محبة الجمهور ومصداقيته.
الانتشار الإعلامي وصناعة الصورة
يوفر الإعلان للفنان حضورًا دائمًا في المشهد الإعلامي، حتى في فترات الغياب الفني.
هذا الظهور المتكرر يحافظ على الاسم متداولًا ويمنح الفنان فرصة لتجديد صورته الذهنية، خاصة مع الانتشار الواسع للإعلانات عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
بين القبول والرفض الجماهيري
رغم تفهم الجمهور لأسباب لجوء الفنانين إلى الإعلانات، إلا أن المبالغة أو الترويج لمنتجات لا تتناسب مع صورة الفنان قد تؤدي إلى انتقادات حادة.
لذلك، بات اختيار الإعلان جزءًا من استراتيجية الفنان للحفاظ على توازنه بين القيمة الفنية والمكاسب المادية.
خلاصة المشهد
لم يعد الإعلان خروجًا عن الفن، بل أصبح أحد مساراته الحديثة.
فبين متطلبات السوق وضغوط المعيشة وتغير أذواق الجمهور، وجد الفنانون في الإعلانات شراكة تحقق المنفعة للطرفين.
ويبقى التحدي الحقيقي في الحفاظ على المصداقية الفنية دون الذوبان الكامل في عالم التسويق.
الفن باقٍ، لكن أدواته تتغير والإعلان أحد أبرز ملامح هذا التغيير.

