recent
أخبار ساخنة

د . هند احمد | تكتب | حكاية وداد

  حكاية وداد 



         حكاية وداد 

بقلم : د . هند أحمد

استشارى نفسي و أسرى


فتاة جميلة معروفة بين كل من حولها بأنها طيبة أكثر من اللازم تحب الآخرين بعمق 

و تغمر كل من تعرفه بالإهتمام و الرعاية 

و لم تكن كلمة ( لا ) ضمن قاموسها و كانت تعتقد أن الود الشديد هو الطريقة الوحيدة المثلى لبناء علاقات متينة لكن لم يكن أحد يدرك أن ذلك الود كان يخفى هشاشة داخلية لا تراها العيون .


دخلت الفتاة الجامعة و تعرفت على زميل لها شاب لطيف _ اجتماعى _ أحب فيها دفئها و طريقة إهتمامها بكل التفاصيل الصغيرة و مع الوقت تحولت العلاقة بينهما إلى رباط عاطفى قوى جدا.


كانت الفتاة تبذل كل ما تستطيع لإسعاده لكن شئ فشئ بدأت تشعر بالتعب كان ودها يتحول إلى استنزاف و كانت تتجاهل إشارات الإرهاق التى يطلقها جسدها .


أما الشاب فبدأ يشعر بثقل الإهتمام الزائد الذى لم يتعود على مثله و لم يعرف كيف يتعامل مع شعورها المتدفق و مع إنه لم يكن ناكرا للجميل إلا أنه شعر و كأنه مطالب أن يبادلها بذات الشدة و هو أمر لم يكن قادر عليه فبدأ ينسحب بصمت بينما تزداد الفتاة تعلقا و خوفا من فقدانه حتى انهارت تماما و ذهبت إلى إخصائية نفسية خبيرة فى العلاقات و اعترفت لها بصوت مرتجف انها لا تعرف من تكون إذا توقفت عن بذل الوداد المفرط و أنها تشعر بأن قيمتها مرتبطة بمدى تقديمها للآخرين .


هنا كشفت الإخصائية حقيقة مرعبة و هى أن الوداد الشديد هو صرخة لطلب الحب

 و ليس منحه.


فبدأت الفتاة فى فهم جذور ودها الزائد 

و إكتشفت أنها نشأت فى بيئة كانت تكافئها فقط عندما تكون مثالية و إنها تعلمت أن تضع نفسها فى آخر القائمة

 و أن تسكت إحتياجاتها حتى لا تزعج أحد.


 و بمرور السنين تحول الأمر إلى نمط تلقائي( أحب كثيرا كى لا يتم رفضى )

تعلمت الفتاة على يد الإخصائية أن الوداد الحقيقى لا يكون على حساب الذات 

و تعلمت أن تقول ( لا) دون أن تشعر بالذنب و أن تمنح اهتماما بقدر طاقتها لا بقدر مخاوفها . حقيقى كانت خطواتها صغيرة لكنها ثابتة .


و عندما إلتقت بالشاب بعد أشهر من الانفصال المؤلم شعرت بشئ مختلف فلم تعد تبحث عن قبول بل كانت تنظر إليه كإنسان آخر له حدوده .


و عندما حاول أن يحادثها إعترفت له أن علاقتهما لم تكن صحية . وهنا شعرت لأول مرة أنها حرة !

هى لم تتغير ؛ مازالت ودودة دافئة محبة   لكنها تعلم أن الوداد الحقيقى يبدأ من الداخل فلم تعد تمنح لتقبل بل تمنح لأنها تريد و بالمقدار الذى لا يرهقها.

google-playkhamsatmostaqltradentX