من أجل الدنيا
بقلم : إيهاب سمره
إن أخطر شيء على أخلاق الناس هو هذه الدنيا بمتاعها ومغرياتها .
الدنيا بزخارفها وشهواتها من النساء والبنين والقناطير المقنطرة من الذهب والفضة والخيل المسومة .
تمثلها الآن السيارات الفارهة والطائرات بمختلف أصنافها وألوانها. والأنعام والحرث . كل ما لذ وطاب .
إن الغلو في حب الدنيا هو رأس كل خطيئة .
والتنافس عليها أساس كل بلية .
من أجل الدنيا يبيع الأخ أخاه .
ومن أجل متاع الدنيا يقتل الابن أباه .
ومن أجلها يخون الناس الأمانات وينكثون العهود ، ومن أجلها يجحد الناس الحقوق وينسون الواجبات
من أجل الدنيا يبغي الناس بعضهم على بعض ويعيشون كسباع الغابة
أو أسماك البحار .
يفترس القوي الضعيف ويلتهم الكبير الصغير .
من أجل شهوات الدنيا ومفاتنها يغش التجار ويطففون .
من أجل الدنيا يجور القضاة ويرتشون .
ويتجبر الرؤساء ويستكبرون .
من أجل الدنيا يروج الصحفي الكذب والزور ، ويخفي الحقائق وهي أوضح من فلق الصبح.
من أجل الدنيا يهجو الشاعر كل حليم رشيد، ويزف عرائس المديح إلى كل سكير وعربيد .
من أجل الدنيا تسفك الدماء وتستباح الحرمات وتداس القيم ويباع الدين والشرف والوطن والعرض وكل معنى إنساني كريم.
كل هذا من أجل الدنيا ومتاع الدنيا وشهوات الدنيا
أجل إن حب الحياة والأمل فيها جزء من فطرة الإنسان ، ولولا ذلك ما عمرت الأرض ، ولا ترعرعت شجرة الحياة ، فلم يكن مما ينافي الحكمة أن يزين للناس حب الشهوات .
ولكن الخطر كلّ الخطر أن يستغرق الناس في حب الدنيا وطول الأمل فيها
وأن تكون هذه الحياة القصيرة أكبر همهم ومبلغ علمهم ومنتهى آمالهم .
إنه لابد من حب أخر أقوى من حب الحياة الدنيا ومن الأمل فيها ، وليس ذلك إلا حب الأخرة والأمل في لقاء الله والطمع في مثوبته ورضوانه والخوف من حسابه وعذابه .
إن هذه المعاني من الحب والأمل والطمع والخوف هي العواصم المنجية من أخطار المحبة للدنيا والحرص عليها والركون إليها . انها صمام الأمن من خطر الإغراق والإسراف في الإقبال على شهوات الحياة .
