لماذا يريد الغرب أن نرى أنفسنا من خلال نظرياته؟
كتبت ـ دكتورة ميرنا القاضي
منذ قرون طويلة، والغرب يحاول أن يفرض على العالم نموذجًا واحدًا للحقيقة: الحقيقة التي يصوغها بعقله ومناهجه.
لكن السؤال: لماذا يريدنا الغرب أن نرى أنفسنا من خلال نظرياته فقط؟
الجواب مش بس "علمي"
لكنه فكري وسياسي كمان:
لأن السيطرة على "العقل" أخطر من السيطرة على "الأرض".
الغرب مش بس بيحاول يقنعنا إننا جينا من قردة، لكنه عايز يسلبنا القدرة على رؤية أنفسنا كخَلق مكرم من البداية.
العلم عنده صار أداة لفرض نموذج واحد: الإنسان مجرد جسد تطور عبر ملايين السنين.
1. الخلفية التاريخية:
الغرب بعد عصر التنوير
(القرن 17–18) بدأ يرفض كل ما له علاقة بالدين بسبب صراعه مع الكنيسة.
والنتيجة: أي تفسير عندهم لازم يكون مادي بحت
(يعني من غير إله، من غير غيب).
فلما يتكلموا عن أصل الإنسان يستبعدوا تمامًا فكرة "آدم مخلوق عاقل من البداية" ويستبدلوها بتسلسل تطوري طويل
"هومو هابيلس – هومو إريكتس نياندرتال – هومو سابيان".
أي أن العقل ظهر تدريجيًا بعد ملايين السنين.
2. التفكيك النقدي للنظريات الغربية عن الإنسان الأول
اولا- النصوص الدينية تؤكد أن آدم خُلق عاقلًا منذ البداية، والله علّمه الأسماء كلها (اللغة والمعرفة).
النقد:
المكتشفات الأثرية
(أدوات دقيقة، آثار هندسية رسومات )
تثبت أن البشر القدماء لم يكونوا "أنصاف حيوانات" بل أصحاب ذكاء عملي وفني.
ثانيا ـ الغرب يتمسك بفرضية أن كل البشر خرجوا من أفريقيا، ومنها انتشروا للعالم.
النقد:
اكتشافات الصين
(مثل جمجمة "يونشيان 2") وأوراسيا عمومًا تظهر وجود أنواع بشرية عاقلة قديمة جدًا خارج أفريقيا.
هذه النظرية تحمل بُعدًا أيديولوجيًا: الغرب يريد أن يحتكر "رواية الأصل" ليكون المرجع الوحيد.
ثالثا ـ الغرب يقرأ تاريخ الإنسان كحيوان متطور بلا روح، يعتمد فقط على الانتقاء الطبيعي.
النقد:
هذه الفرضية تلغي الفارق الجوهري بين الإنسان والحيوان: الوعي الأخلاق، الإبداع الرمزي.
لا توجد نظرية تطورية فسّرت لماذا يمتلك الإنسان القدرة على الفن الموسيقى، العبادة… وهي قدرات لا تعطي "ميزة بقاء" مادية واضحة.
والأديان تفسّر هذا الفارق ببساطة
كل الأديان السماوية
(اليهودية – المسيحية – الإسلام) كل متفق علي أن
آدم مخلوق عاقل من البداية، له جسد + روح من نفخة إلهية.
الإنسان مكرم، مكلف بالوصايا (عبادة الله + إعمار الأرض).
العقل واللغة والهداية جاءت مع أول إنسان، مش بالتطور التدريجي.
الإنسان مخلوق عاقل كامل منذ البداية.
فيه بُعد مادي (جسد) + بُعد روحي (نفخة من الله).
دوره أسمى من مجرد "حيوان متطور".
- من قردة إلى إنسان هل النظريات ضد العقل ؟
أيوه، كتير منها مش منطقي بالكامل:
لحد النهارده مافيش "حلقة مفقودة" واضحة بين القرد والإنسان.
فيه تناقضات: كل شوية يكتشفوا حفريات تكسر اللي قالوه قبلها.
مع ذلك بيصرّوا على تصوير نظريتهم كأنها "الحقيقة المطلقة" وده يخالف المنهج العلمي نفسه اللي المفروض يقبل المراجعة.
السؤال الأهم طيب ليه عايزونا تابعين ليهم؟
الغرب بيعتبر نفسه "المركز" في العلم والثقافة.
لو أقنعونا إن أصولنا وتاريخنا وحتى إيماننا مجرد "أساطير" هنكون محتاجين ليهم عشان يشرحوا لنا "الحقيقة".
ده جزء من القوة الناعمة: مش بس سلاح واقتصاد، لكن كمان أفكار وسيطرة على العقول.
لذلك بيطرحوا العلم وكأنه بديل عن الدين، بدل ما يكون مكمل له.
طب المنظور الإسلامي بيقول ايه
الإسلام ما بيعاديش العلم أبدًا. بالعكس: "قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون"
(الزمر: 9).
لكن العلم الغربي أحيانًا بيُستخدم أداة لفرض فكر مادي، مش للبحث النزيه.
العلماء المسلمين زمان
(ابن سينا، ابن الهيثم، البيروني) جمعوا بين العقل والإيمان، وده اللي محتاجينه تاني دلوقتي.
الغرب مشكلته إنه عايز يفرض نموذج واحد: الإنسان مجرد تطور بيولوجي بلا روح.
لكننا في الأديان السماوية عندنا رؤية أوسع:
الإنسان مخلوق عاقل من البداية.
له بُعد مادي (جسد) + بُعد روحي (نَفخة من روح الله).
العلم وسيلة لفهم الكون، مش لنفي الخالق.
