اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

العملة الموحدة والتحالف الاقتصادي

العملة الموحدة والتحالف الاقتصادي 



كتب - السيد عبد الحي

شهد العالم الحديث تغيرا كبيرا في مفهوم التحالفات الاقتصادية ووسائل التعامل  والتبادل التجاري بين الدول وقد حرصت العديد من الدول على إقامة تحالف اقتصادي استراتيجي  متنوع وفق طبيعة توافق الدول واليات التعامل بينهم فهناك دول الاتحاد الاوربي بعملة موحدة وهى اليورو والتي ساهمت في وضع اليات للتبادل  والتعامل الاقتصادي بين دول الاتحاد وهناك دول مجلس التعاون الخليجي والتي اعتمدت على الية أساسية لحماية المصالح المشتركة مع ارتباط حجم الناتج القومي لتلك الدول بمنتجات النفط والغاز  بل ويمتد الوزن الاقتصادي لدول مجلس التعاون الخليجي  في قوة احتياطياتها ومتانة الأصول السيادية التي تعادل 34% من حجم اكبر  100  صندوق سيادي في العالم ولكنها حتى الان لم تتفق على تكوين عملة موحدة  ولا بنك مركزي خليجي موحد رغم أوجه التشابه الكبيرة بين تلك الدول .



وأيضا هناك العديد من التحالفات الاقتصادية الأخرى مثل مجموعة بريكس الاقتصادية الواعدة التي تستهدف تقويض نفوذ الدولار في العالم وتكوين تحالفات إيجابية رغم الاختلاف الكبير في طبيعة دول مجموعة بريكس من حيث طبيعة المدخلات الاقتصادية والطبيعة الجغرافية والمركز الاقتصادي لكل دولة.



وهناك مجموعة السبع الكبار وهي تحالف مكون من أكبر الاقتصاديات العالمية المتقدمة.

وهناك العديد من التحالفات الاقتصادية الأخرى.

ونتيجة للتطور الكبير في مفاهيم التعامل الاقتصادي العالمي تغيرت النظرة الى مفهوم العملات وظهرت العملات الرقمية التي استحوذت على اهتمام الأسواق المالية ووصلت الى مستويات غير عادية مع تزايد اهتمام العديد من الشركات العالمية بها لزيادة حجم أرباحها وتعويض التأثر السلبي لنتائجها نتيجة الازمات الاقتصادية الأخيرة.



ولكن العالم الى اين وسط هذه الهرولة الغير طبيعية للتحالفات الاقتصادية والغير اقتصادية  والأكثر أهمية حالة الشعوب وسط التحالفات والمراكز الاقتصادية أصبحت خارج الحسابات تماما. 


الرئيس الامريكي وعد بدعم العملات الرقمية بعد نجاحه في الانتخابات وزيادة حجم الاستثمارات بها مما أوحى للبعض انه مكافأة الرئيس الامريكي لداعميه .


دعونا نراجع الوضع العالمي ورؤية اقتصادية متفتحة من اول السطر :

أولا : الولايات المتحدة الامريكية ليست دولة ساذجة لتدعم العملات الرقمية بلا حدود فلماذا تتكالب الاستثمارات على العملات الرقمية ببساطة هي نوع من أنواع السيطرة الاقتصادية على الشركات الكبرى في العالم والصناديق العالمية بل أيضا التلاعب في الأرباح وفق المخططات السياسية للرئيس الامريكي وبالتالي يستطيع ان يتحكم في مسار الدول بسقوط شركاتها الكبرى في فخ استثمار الوهم .


ثانيا : حجم الاصول السيادية لمجلس التعاون الخليجي بلغ 4.4 تريليون دولار تعادل اكثر من ثلث الصناديق السيادية الكبرى في العالم  ومن المفهوم النظري للخبراء يعتقد ان دول الخليج تتحكم في مسار الاقتصاد العالمي وهذا غير دقيق على الاطلاق لان اي تدهور اقتصادي في دول العالم الكبرى انهيار تلقائي في حجم الأصول السيادية الخليجية وأيضا هناك اعتبارات سياسية تحدد شكل الاستثمارات أحيانا .


ثالثا : الاتحاد الاوربي مع عملة اليورو  نظريا اتحاد قوى رغم عدم قدرة بعض الدول المنضمة للاتحاد الاوربي التعايش مع النظم الجديدة وتكاليف التحالف مثل اليونان واسبانيا وهناك دول أخرى تحاول المقاومة مثل إيطاليا والمستفيد الأكبر في التحالف الاوربي هي المانيا ولكن ماذا عن الشعوب الأوربية في ظل هذه التحالفات ومستويات البطالة الحقيقية وتكاليف المعيشة للأسف الاعلام يهتم فقط بالمركز الاقتصادي للدولة دون انعكاسه على الشعوب .


رابعا : مجموعة بريكس رغم انها واعدة الا انها تبدو اقرب للتحدي لهيمنة لدولار الامريكي وليس للتكامل الاقتصادي الشامل حيث ان تباين المستويات الاقتصادية ينتج عنه تجربة اليونان واسبانيا في الاتحاد الاوربي لذلك  تحتاج دول مجموعة بريكس الى الكثير من الحرص في اختيار الأعضاء الجدد ووضع أسس معتدلة للتكامل بينهم على مراحل زمنية تضمن الاستمرار والحماية لشعوب دولها .


خامسا : يعتقد الكثيرون ان ارتفاع اليورو هو نتيجة ضعف الإدارة الامريكية في اتخاذ قرارات الرسوم الجمركية ولكن القرار من وجهة نظري يحمل ابعادا اكثر خطورة فالادارة الامريكية تبحث عن مبرر لتخفيض الدولار  لتخفيض  تكلفة الإنتاج وبالتالي زيادة التنافسية السعرية للمنتجات الامريكية وإعادة التكامل الداخلى لمدخلات الانتاج وبالتالي تدمير كيانات اقتصادية أخرى لن تتقبل التغير المفاجى لسنوات  فى حجم صادراتها وبالتالي انخفاض الإنتاج وزيادة معدلات البطالة وفقد المركز الاقتصادى العالمى والدخول في متاهات اقتصادية غامضة مثل الصين وبعض دول شرق اسيا .



 العالم لا يدار بعشوائية كما يظن البعض بل هي لعبة سياسية تمتد عبر قارات العالم اجمع تتحرك الدول بين الصراعات الاقتصادية  والصراعات العسكرية وصراع الثقافات والاعلام والتكنولوجيا التي قد تساهم بشكل كبير في التطور الشامل في كل دولة ولكنها أيضا البوابة التي ينفذ منها  لاعب الشطرنج السياسى .


ما تفعله إسرائيل في غزه هو قطعة شطرنج لشغل العالم العربى عن دعم دول التكتل الشرقى مع زيادة  تكلفة فاتورة الأمان الاستراتيجي للمنطقة.


كما ان تعدد وسائل التواصل الاجتماعى وزيادة نسبة الالهاء حتى لسن الطفولة يمثل قطعة أخرى من الشطرنج لتأهيل الجيل الحالي والجديد على النموذج المطلوب للعبيد في المنظومة السياسية العالمية .

ودوران الحكومات في العديد من دول العالم حول محاولة رتق الموازنات وتوفير مستلزمات الحياة جزء من  اللعبة .

دول وشعوب العالم تسير وفق طريق مرسوم لعقود زمنية تتبلور بها تركيبة الاسياد والعبيد الجدد .

رغم اننا  في مصر جزء من المنظومة العالمية الا ان رؤية التطوير الحكومية عبر البنية التحتية التي اركز على ذكرها في كل مقالاتى تمثل عصب جوهرى للحماية من المستقبل في رقعة الشطرنج السياسى وأتمنى ان نواصل  التطوير على كافة الأصعدة البنائية في مصر من بناء الانسان والدولة وسط قيمنا.

google-playkhamsatmostaqltradent