ألقاب مجانية
كتب د. ضياء الرفاعي
لايف كوتشينج واخصائي تطوير الذات
يا باشا يا معالي الوزير يا ريس ( حتي الريس لم يسلم )
في زماننا هذا لم تعد الألقاب انعكاسا للدراسة أو الخبرة في مجال ما أو مسيرة مهنية طويلة , بل أصبحت واجهه اجتماعية يختبىئ خلفها الكثير.
اذكر منذ حوالي 10 سنوات كنت في احدى الدول خارج مصر وسوف أقوم بإلقاء كلمة في أحد المناسبات وكنت وقتها حاصل علي درجة الماجستير وكتبت ورقة للمنسق بها تعريف لي وكتبت الدكتور فلان فسألني حضرتك دكتور في اي تخصص فأوضحت له أني حاصل علي الماجستير وباحث دكتوراه , فاعتذر مني قائلا لا أستطيع تقديمك تحت لقب دكتور بما أنك لم تحصل علي درجة الدكتوراه بعد وكان تقديمي تحت مسمي أستاذ بالفعل وتعلمت من هذا الدرس جيدا .
وبعد عودتي من الخارج بدأت الاحظ أنه بمجرد دخول الطالب كلية الطب الدكتور راح الدكتور جه , القبول في كلية الحقوق معالي المستشار أو يا متر , كلية الهندسة وما أدراك ما كلية الهندسة عند قبول الطالب بها يلتصق اللقب به مباشرة يا بشمهندس أو يا هندسة .
إلي هنا يبدوا الأمر مقبولا بعض الشئ , لكن مع مرور الوقت أصبح الميكانيكي أو السباك أو سائق التاكسي أو أي مهني مهندسا بقدرة قادر ويكتب ذلك في كروت التعريف الخاصة بورشته رغم أنه لم يكمل تعليمه اساسا
لا أقلل من أحد ولكن يجب أن يكون كل في موضعه الصحيح دون انتقاص من مهاراته وكفاءته أو تهميش لقدراته.
لقد صرنا نعيش عصر الألقاب المجانية
واللي معاه يشيل ويحمل ألقاب كما يريد دون دراسة أو خبره ،
أصبح من حق أي شخص أن يصبح خبيرا أو مستشارا ورائد أعمال ومفكرا وصانع محتوي وما ادراك ما صانع المحتوي , فقط بضغطة زر وبعض الكلمات الرنانة و من الأفضل أن تكون تافهه حتي تصبح مشهورا ويشار إليك بالبنان.
أصبحنا نري بعض الشباب لم يتجاوز عمره العشرون عاما يطلق علي نفسه لقب ( المدرب الدولي المعتمد ) في مجال ما رغم أنه لم يغادر مدينته قط , وآخر يسمي نفسه خبيرا استراتيجي ولا ندري ما هي المؤهلات المطلوبه لذلك , وثالث يسمي نفسه مؤثرا اجتماعيا فقط لأنه يملك بضع مئات أو حتي الاف من المتابعين علي صفحته ذات المحتوي التافهه وغير المفيد .
المشكلة هنا لا تكمن في اللقب نفسه بل فيما وراءه من اضاعه لحقوق أصحاب الكفاءات الحقيقية
الألقاب الحقيقية لا تشتري ولا تمنح بالمحبه والمجاملة , بل تكتسب بالعلم والمعرفة والخبرة والعمل الجاد
فالطبيب , المهندس , المستشار , المدرب , الكاتب أو أي مهنة تتطلب معرفة ومهارة و دراسة لسنوات وتدرج في مراحل التعليم المختلفه
الاحترام لا يشتري بألقاب انما يكتسب بتعامل جيد مع الآخرين دون تكبر أو تعال ،
الأخلاق الحسنه والتربية الصحيحة من احترام للكبير وعطف علي الصغير هي ما تمنحك ألقابا تحبها وتفتخر بها لا من أجل مظاهر خادعة لا تثمن ولا تغني من جوع
دعونا نلغي من قاموسنا مقولة ( انت مش عارف انت بتكلم مين ) التي تدل علي التفاخر أو التهديد لمن هم أقل منا ونستبدلها بتوضيح سوء التفاهم من الطرف الآخر دون استخدام نفوز أو استغلال.
وفي النهاية اصدقائي دعونا نعيد للألقاب هيبتها ونكف عن توزيعها بالمجان , لأن قيمتنا فيما نقدمه وليس بما نسمي انفسنا به.