كلانا خاسر
كتب - جمال مختار
( مرحبا بكم إنشاء الله خيرا لا تقلق ) كلمات جميع الأباء سمعوا بها أكيد في يوم مهم فى حياتهم وهو يوم تختلط به مشاعر الحب والفرحة مع القلق والتوتر ثم وقبل ان يستوعب الموقف تأتيه اول من يزف له الخبر من الطاقم الطبى لتخبره انه بدأ مرحلة جديدة فى حياته وأصبح له اسم آخر وهو ( ابو فلان ) ومن الآن سوف يتعامل فى كل تفاصيل حياته من منطلق هذا المسمى الجديد فمن الآن مهمته أصبحت أصعب لان كلنا نعلم ان الأبوة ليست بالأمر السهل والان هيا نبدأ القصة.
في البداية اود ان أوضح أني لا أتحامل على اى طرف بل احاول ان أكون محايد واحاول شرح الأمر من كل الجوانب فمن اللحظة الأولى سألت نفسي سؤال لماذا إذا كان هناك اب يعمل في عمل ما وهو غير راضي عنه ويريد تركه لاى سبب ويتناقش مع زوجته فيكون الرد لايمكن تركه قبل ان تجد بديل او ما يشبهه او افضل منه لأنك الآن اب وهذه مسؤولية وحتى الأصدقاء والأهل وكل المعارف يكون هذا ردهم فى جميع المواقف تقريبا ومن ثم يكبر الطفل ليصبح جاهز للذهاب إلى المدرسة فتزيد أعباء الأب ومن هنا تبدأ أولى الصدامات الا وهي انه يجب ان ينجح ويتفوق ويصبح الطفل المثالى لانى اتعب فى تربيته ومضغوط لاجله ومن هنا تبدأ المشاكل تظهر .
اولاً لأنه وارد ان يكون الطفل قدراته فى التعليم الاكاديمى متوسطة او حتى متدنية فيمكن ان يكون محب للتعليم العملى اكثر من التعليم النظري الاكاديمى وهنا يتم تعقيد الموقف أصلا لان الأبوين يجدون ان الحل هو في ان يذهب الطفل لدروس لتقوية مستواه التعليمي وأما عن ما يحبه وهو الأداء العملي فهذه ليست مشكلة سوف نلحقه بالتمارين الرياضية فيصبح يوم الطفل مقسم بين المدرسة في الصباح والدروس في منتصف اليوم والرياضة فى الغروب والمذاكرة فى الليل ثم النوم وهذا فى الحقيقة ليس نمط حياة طفل طبيعي انه نمط ( سوبر بيبي ) كيف له الاستيقاظ من السابعة صباحا ليصل إلى النوم فى العاشرة مساء وممارسة كل هذه الأنشطة بل ومطلوب منه الاستيعاب بل والتفوق فهل هذا طبيعي ومن ثم يكبر الطفل ليصل إلى سن البلوغ وبداية الشباب والمراهقة ومن هنا تبدأ مشاكل إضافية فى الظهور وهى انه يجب ان يسير على طريق النجاح والانضباط دون الخروج عنه ولو لسنتيمتر واحد والوصول إلى المستقبل الذي يرسمه الأبوان لكن هنا تصتدم الأحلام بالواقع وهى أننا قد انجبنا إنسان بشرى وليس إنسان آلى له أفكاره الخاصة ومشواره الخاص الطويل الذي بدأ للتو يجب ان يخطئ ليتعلم ويجب ان يعيش حربه الخاصة ليحقق طموحه الخاص هو ليس آلة لتحقيق ما فشلنا فيه ولا ليعيش قصة من تأليفنا فى الحقيقة الآباء ليسوا ظالمين ولكن فى مجتمعنا الذى يفتقر إلى التوعية الاسرية يتم وضعهم تحت ضغط جبار من اللحظة الأولى سواء الأب أو الأم كلاهما يتم وضعهم تحت وطأة إن الأبناء هم مشروعهم الذي يجب الا يمر بأى نوع من العقبات مع ان هذا ليس الصحيح لان الله عز وجل ( علم الإنسان مالم يعلم )
ومع ذلك ترك له حرية الاختيار إما ان يؤمن او يكفر وعليه العاقبة فى نهاية المطاف او يكون له جزاء عظيم فنحن يجب ان نكون معلمين بارعين لهم لا آمرين ناهين .
علموهم الصيد حتى لا يموتون من الجوع بعد رحيلكم .
علموهم السير الجيد حتى لا يتعثرون بعد رحيلكم .
علموهم الأخلاق حتى لا يفسدون بعد رحيلكم .
علموهم الحكمة حتى لا يصبحون مسخة بعد رحيلكم.
علموهم طاعة الله حتى لا يصبحون من المفسدين في الأرض بعد رحيلكم .
في النهاية وحتى ان كنا نحن انفسنا ضحية قلة الوعي فعلينا الا نكون الجناة في قصصهم يقشعر بدني لمجرد تخيل أننا يمكن ان نكون اكثر من يطفئ مصابيح دروبهم.