كفكفي دموعكِ يا أمة العرب
كفكفي دموعكِ يا أمة العرب
بقلم الكاتب : عماد الدين محمد
كلنا نعلم رسالة الشعراء ودورهم في إرثاء القيم ونشر الوعي بالمجتمع .
ولا شك أن الثقافة والأدب لهم دور كبير في مختلف جوانب الحياة وقد يكون الدور سلبيا او إيجابيا وخير دليل على سطوري قول الله عز وجل في سورة الشعراء
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦) إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧) ﴾
صدق الله العظيم
وعندما نتوقف عند الآية الكريمة نجد حقائق كثيرة ووصف لحال الكثيرين من شعراء اليوم من اللذين جنحوا للخيال وتزييف الواقع والحب والغزل الصريح
أو بالمعنى الواضح الغزل الفضيح ومجمل الرياء وتزييف كل شيء وهذا يتمثل في النصف الأول من الأيات الكريمة
﴿وَالشُّعَرَاءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغَاوُونَ (٢٢٤) أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ فِي كُلِّ وَادٍ يَهِيمُونَ (٢٢٥) وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لا يَفْعَلُونَ (٢٢٦)
ولا شك أن للعملة وجهان ، فنجد بعض الشعراء يناقشون في أعمالهم مشاكل المجتمع والأوطان ويرسلون رسالة هادفة للتوعية من مخاطر عديدة وأمور كثيرة منها الفتن وانعدام الأخلاق والمطالبة بالحقوق والتعريف بالواجبات ، وهؤلاء ينطبق عليهم الجزء الآخر من الأيات الكريمة
إِلا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَذَكَرُوا اللَّهَ كَثِيرًا وَانْتَصَرُوا مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ (٢٢٧) ﴾
ولقد تناولت في مقالات سابقة مجموعة من النصائح للسادة الشعراء والأدباء ممن حادوا عن الدرب الصحيح. وما دفعني اليوم لكتابة هذا المقال ما حدث وللأسف الشديد في مسابقة أمير الشعراء بأبو ظبي منذ مدة حيث رفضت لجنة التحكيم قصيدة ملحمية للشاعر المصري الشاب : مصطفى الجزار
عندما تناولت القصيدة من كل الجوانب ومختلف ووجهات النظر سواء كنت كاتبا أو شاعرا أو محبا ومتذوقا للشعر حينها أدركت أسباب الرفض .
لقد عرض الشاعر المصري القدير والمبدع الواقع المرير ووصف حال الأمة من وهن ومهانة وخضوع في صورة شعرية رائعة عرض حال الأمة وقت قوتها وسيادتها
وحالها اليوم من خلال عمل أدبي لشاعر متمكن ووجه رسالة ولكن من الواضح أن تلك الرسالة جاءت على وجيعتهم ، ما جعل لجنة التحكيم ترفض قصيدة الشاعر المتمكن ، ولنستعرض معا قصيدة الشاعر المصري الجليل مصطفى الجزار
والتي تحمل أجمل عنوان
" كفكف دموعك وانسحب يا عنترة "
كَفْكِفْ دُمُوعَكَ وَانسحِبْ يَاعَنْتَرَةْ
فعـيـونُ عبلــةَ أصبحَتْ مُستعمَـرَةْ لا تـَرْجُ بَسْمَـةَ ثَغرِهَا يَومَـاً فقَــدْ
سَقَطَتْ مِـنَ العِقْدِ الثَّمينِ الجَوهَرَةْ
قَبِّلْ سُيُوفَ الغَاصِبينَ لِيَصفَـحُوا
واخفِضْ جَنَاحَ الخِزْيِ وَارجُ المَعذِرَةْ
ولْتَبْتَلِـــع أبْيَـاتَ فَخـْــرِكَ صَامِتـَاً
فَالشِّعـرُ فـي عَـصرِ القَنـَابلِ ثـَرثَرَةْ
وَالسَّيْفُ في وَجهِ البَنَـادِقِ عَاجِـزٌ
فَقـَدَ الهُـــوِيَّـةَ وَالقُــوَى والسَّـيْـطَرةْ
فَاجْمَـعْ مَفَاخِــرَكَ القَديمـَـةَ كُلَّهـا
وَاجعَـلْ لهـا مِنْ قـَــاعِ صَدرِكَ مَقْبـَرةْ
وَابْعَثْ لعَبْلـةَ فـي العِـرَاقِ تَأسُّفاً
وَابعَثْ لها في القُدسِ قَبْلَ الغـَرغَرَةْ
أُكْتُبْ لهـَـا مَـا كُنـْـتَ تَكْتُبُـــهُ لهَــا
تَحتَ الظِّلالِ ، وَفي الليَالِي المُقْمِرَةْ
يـَا دَارَ عَبْلــةَ بِـالعـِــرَاقِ تَكَلَّمـِـي
هَـلْ أصبَحَتْ جَنـَّاتُ بَابِـلَ مُقْفـِرَةْ
هَـلْ نَهْـــرُ عَبْلةَ تُستَبَـاحُ مِيَاهُـــهُ
وَ(.... ، .....) تُدَنِّــسُ كـَوثـَرَهْ
يَا فارسَ البَيدَاءِ صِرتَ فَريسَةً
عَــبـْـداً ذَلـيـلاً أســـوَداً مـَـا أحقَــرَهْ
مُتــَطَـرِّفَــاً ، مُتَخَـلِّـفَـاً ، وَمُخَــالِفَـاً
نَسَبوا لكَ الإرهابَ صِرتَ مُعَسْكَـرَهْ
عَبْسٌ تَخَلَّتْ عَنْكَ .. هَـذَا دَأبُهُـمْ ؟
حُمُــرٌ ـ لَعَمـْـرُكَ ـ كُلُّــهَـا مُسْتَنْفِـرَةْ
فـي الجَـاهِليَّةِ كُنْتَ وَحدَكَ قَادِراً
أنْ تَهـزِمَ الجَيشَ العَظيمَ وَتأْسِــرَهْ
لـنْ تَسْتَطيـعَ الآنَ وَحــدكَ قَهْــرَهُ
فَالزَّحـفُ مـَوجٌ والقَنابِـلُ مُمْطِـرَةْ
وَحِصَانُكَ العَرَبـيُّ ضَـاعَ صَـهِيلُـهُ
بَيـْنَ الدَّويِّ وَبَيـْنَ صَرخةِ مُجبـَرَة
هَـلََا سَألْـتِ الخَيْـلَ يَا ابْنَةَ مَـالـِـكٍ
كَيْفَ الصُّمُـودُ ؟
وَأيْنَ أيْنَ المقدرةْ؟
هـَذا الحِصَانُ يَرى المَدَافِعَ حَــولَهُ
مُـتَأهِّــبَاتٍ وَالقَـذَائِفَ مُشْـهَـــرَةْ
لوْ كَانَ يَدري مَا المُحَـاوَرَةُ اشْتَكَى
وَلَـصَاحَ فـي وَجهِ القَـطِيعِ وَحَذَّرَهْ
يَا وَيْحَ عَبْسٍ أسْلَمُوا أعدَاءَهُمْ
مُفْـتَاحَ خَيْمَـتِهـِمْ ، وَمَـدُّوا القَنْطَرَةْ
فَأتى العـَدُوُّ مُسَلَّحَــاً بِشِقَاقِهِمْ
وَنِـفـَاقِـهـِمْ ، وَأقَامَ فِيهِـمْ مَـنْـبـَـرَهْ
ذَاقُـوا وَبَالَ رُكُوعِهـِمْ وَخُنُوعِهِـمْ
فَالعَيْـشُ مُـرٌّ .. والهَــزَائِـمُ مُنـْـكَـرَةْ
هَــذِي يـَدُ الأَوطَــانِ تَجزِي أهلَها
مَنْ يَقْتـَرِفْ في حَقِّهــا شَـرَّاً يَـرَهْ؟
ضَاعَتْ عُبَيْلَةُ وَالنِّيَاقُ وَدَارُهَا
لـمْ يَبْقَ شَيءٌ بَعدَها كَيْ نَخْسَـرَهْ
فَدَعُـوا ضَميرَ العُربِ يَرقُدُ سَاكِنَاً
فِي قَبْرِهِ وَادْعُـوا لَهُ بِالمَغْفِـرَةْ
عَجَزَ الكَلامُ عَنِِ الكَلامِ وَريشَتي
لَـمْ تُبْقِ دَمعـَاً أو دَمَاً في المَحبَرَةْ
وَعُيُونُ عَبْلـةَ لا تـَـزَالُ دُمُوعُهـــا
تَتَرقَّـبُ الجِسْـرَ البَعِيـدَ لِتَـعـبُـرَهْ .
وبعدما إستعرضنا معا قصيدة الشاعر المصري الجليل مصطفى الجزار
كانت من الفاجعة الكبرى أن يكون سبب رفض تلك القصيدة من لجنة التحكيم هو أن موضوعها لا يخدم الشعر الفصيح .
نعم وللأسف الشديد الموضوع لا يخدم سوى كل من لديه دماء حرة ونفس أبية وقلب يتمزق على ما آلت إليه أحوال
الأمة .
عذرا لجنة التحكيم في المرة القادة سوف يشارك الشاعر معكم في مسابقتكم ويهديكم قصيدة تخدم الشعر الفصيح
سوف تكون القصيدة بلا عنوان بلا هوية بلا مضمون ترقص عليها الحروف بلا معنى وتتمايل كلماتها بين السطور
لتكون خادمة للشعر الفصيح.
وفي ختام مقالي أتوجه بكل الشكر والتقدير
للشاعر الجليل المبدع مصطفى الجزار
وأود أن أخبرك شاعرنا القدير أن الشاعر عندما يكتب قصيدة يجب أن يبتعد عن السب المباشر أو توجيه أي إهانة ويجب أن يتلاعب بالمعاني والكل سوف يفهم مقصدك وهذا ما ينطبق على ما بين القوسين في قصيدتكم وعذرا لكم إن حذفت ما بين القوسين لأن الجميع يعلم أن هذا هو سبب رفض القصيدة المباشر.
ولتعلم أيها الشاعر القدير أن قصيدتكم وإن لم تفُز في مسابقة أمير الشعراء فقد إحتلت المركز الأول في قلوب كل عربي وطني دمرته الحسرة على أحول الأمة وما أصبحنا عليه.