أَسكُنُ تفاصيل الغياب
بقلم الشاعرة
الثريا بن مسعود خلوط - تونس
هناك سرّحتُ شعرَها المُبتَلّ
عَطَّرتُه بِمِسكِ دموعي
ثمّ حزَمْتُ الحنين
و حقائبَ الاغتراب
دفَنتُهم داخلي
جَعَلتُ القلبَ رايةً للمرافئِ
طَبَعتُ الهويّة على تذكرةِ الذّهابِ
المسافةُ أمامي
والوصولُ كادَ يَبْلُغُ مَقصدَه
عَلَّقتُ بالمُفتاح روحي و المجهول
و ذي دموعُ السَّفرِ تُسابِقُني
و ذا جوازٌ يَئِنُّ لِمَرقَدِه
عانَقَ نَبضُه نَبضَ الفراقِ
فهل مِنْ بوّابةٍ للغريقِ
لحظةَ الاختناقِ
هل مِنْ طوقٍ للنّجاةِ
يَحمِلُ الأغنياتِ
قَشَّةَ شَوْقٍ
إلى بَرِّ الأحجياتِ
و ذا سَوطُ الجلاّدِ مُخَضَّبٌ
بِرقرقَةِ الطّفولة
صَوتٌ مُرتَفعُ النّعيقِ
تُشفِقُ عليه الغربانُ
فَيُلامُ مَنْ وقع عليه الجَلْدُ
نقشتُ على رقعةِ نُحاسٍ.. أحزاني
وٱختَزَلتُ اللّحظةَ في جسدِ أحلامِها
المُتَراخي في الغيابِ
في الغيابِ عَقَدتُ صفقةً
مع الموتِ ضِدَّ الجلاّدِ
أحرقتُ أوراق الانسحاب
سكَبتُ روحَ القضية
في قصيدةٍ مُترَعَةٍ بِأرواحٍ
تُبْعَثُ مِنْ جديدٍ
قصيدَةٌ مَلَّتْ تطبيعَ العرَبِ
مَلَّتْ أخطاءَ القوافي و اعتِلالِ الإعرابِ
بين جَلدٍ و جلاد اِحتَجَّ النَّص
رفرَفَ.. طار مع حمام درويش
والكأس الذي يخشى النصفَ الفارغِ
ما هو إلا وَهْمٌ احتساه الدّهر لحظةَ سُكرٍ
سال مِنَ المُقَلِ الوجعُ
حَدّّ العَجْزِ فٱختَنَق
ورقٌ مِن هشيمٍ
حَطَّ عليه دمعُ القلم جاش الخَاطِرُ المكسورُ فٱحترق
تَجفُّ الصرخات في الحناجر آهَة مكتومة
وتسيلُ الكلماتُ
على الصفحات أوجاعا مكتوبة
سُفِكَ الحِبرُ على حدود الرّويّ
حلّقَ حمام درويش
وحَطَّ نصّي على لُغمٍ نَجِسٍ فَنُثِرَ
كألوانِ الحُبِّ
كالرّيشِ عاوَدَ التحليقَ ولم يَمُتْ.