اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

زيارة إلى مقابر قبة الهوا بأسوان

 زيارة إلى مقابر قبة الهوا بأسوان







كتب  -  د. عبد الرحيم ريحان


قبة الهوا هي جبل صخري يقع على الضفة الغربية للنيل بالقرب من أسوان . يبلغ ارتفاع ذلك الجبل نحو 130 م وبه مقابر منحوتة لنبلاء وكهنة أسوان من عهد قدماء المصريين، كما يقع على قمة الجبل الجنوبية قبر لأحد الأولياء المسلمين اسمه "سيدي علي بن الهوا "، الذي سميت القبة باسمه . وهي ضريح أبيض ذو قبة تري من بعيد ، كما يوجد أسفله بقايا دير قبطي (سان جورج)، ويصحبنا فى رحلتنا اليوم الرحّالة الكبير المهندس فاروق شرف استشارى وخبير الترميم والمنشآت التاريخية.



يمكن الوصول إلى المقابر المنحوتة المرتفعة من طريقين مائلين نحو النيل على الناحية الشرقية، مستقيمان ممهدان لصعود ونزول المجموعات ولكل منهما جدارين حجريين، وتوجد مقابر نبلاء قدماء المصريين في ثلاث طبقات على ارتفاع في وسط الجبل . وقد فاق عدد المقابر في عهد القدماء المصريين حوالي 100 مقبرة، وكان مدفونًا بها نحو 1000 شخص من رجال ونساء وأطفال؛ يعود أغلبهم إلى عهد الدولة القديمة و الدولة الحديثة.






 قبور قبة الهوا

يشير المهندس فاروق شرف إلى أن قبور قبة الهوا تتميز بأنها كانت لنبلاء ومحافظي منطقة النوبة والأعيان العاملين في تلك المنطقة من عهد مصر القديمة، وهي حجرات محفورة داخل الجبل، مزينة الجدران ، ومختلفة الأحجام والتصميمات . تعطي زينتها المنقوشة على الجدران صورًا من الحياة المعتادة أيام قدماء المصريين: مشاهد ذبح الأبقار، وتزاور الأقرباء والأصدقاء، صيد السمك، صيد الطيور وحاملي النبال وموسيقيين وغيرها.



قوالب التماثيل

عثر بهذه المقابر على قوالب لتماثيل كان قدماء المصريين يستخدمونها لصب معدن البرونز ومعادن أخرى كالذهب والفضة، وصناعة تماثيل من تلك المعادن، وقد عثر على تلك القوالب الكاملة في قارورة فخارية كبيرة كانت موضوعة بجانب تابوت  (سوبك حتب) في مقبرته بقبة الهوا، وكان سوبك حتب محافظًا لمنطقة الفنتين في عهد سنوسرت الثاني .






وينوه المهندس فاروق شرف إلى أن قدماء المصريين أتقنوا صب البرونز والمعادن الثمينة كالذهب والفضة، ويعطى تمثال بيبي الأول الموجود بالمتحف المصري وهو أول تمثال كبير من البرونز من عهد الأسرة المصرية السادسة 2300 قبل الميلاد صورة  عن صب البرونز في عصر قدماء المصريين، علاوة على صور موجودة على حوائط مقبرتي مريروكا نحو 2300 قبل الميلاد و رخميرع نحو 1450 قبل الميلاد.



مقابر قبة الهوا

تشمل تلك المقابر  في قبة الهوا قبور النبلاء وكبار الدولة من الدولة القديمة وحتى عهد البطالمة و مصر الرومانية، ومعظمها يعود إلى عهد الأسرة السادسة إلى الأسرة الثانية عشر، وكانت جزيرة "أبو" الفنتين حاليًا - تقع على آخر حدود مصر في الجنوب، وكانت في نفس الوقت موقهعًا تجاريًا هامًا، وكانت مقرًا لإدارة المناطق الجنوبية والاتصال مع باقي بلاد أفريقيا في الجنوب.، وكان عليها "أمير" معينا من فرعون وكان في نفس الوقت أميرا للقوات المعسكرة في تلك المنطقة.

ذكر الرحالة الألماني "يوهان بوركارت" مقابر قبة الهوا في عام 1819 – وقد نشر استكشافاته في كتاب "رحلات في النوبة" وكان يعرف أيضا لدى السكان "بشيخ إبراهيم بن عبد الله"



بدأت عمليات البحث والتنقيب في عام 1885 في تلك المنطقة، حيث قام الباحث البريطاني (سير فرانسيس جرينفيل) حفرياته خلال الأعوام 1885 إلى 1886 واكتشف عدة مقابر، ثم قام الباحث الإيطالي (إرنستو شياباريلي) في عام 1892 بحفريات وعثر شياباريلي على مقبرة "حور خوف". كما اكتشف "جاك دي مورجان" عدة مقابر أخرى في عام 1894 . وبين عامي 1903 إلى 1904 اكتشفت الباحثة (ليدي وليام سيسيل) عدة مقابر في طبقة تعلو طبقة المقابر التي عثر عليها آنذاك.





في عام 1946 بدأ عالم الآثار المصري لبيب حبشي عمليات حفرياته التي استمرت حتي 1951 وأرسلت جامعة بون بألمانيا بعثة للتنقيب وعلى رأسها "إلمار إيدل" في عام 1959 وظلت تعمل حتى 1984، كما اشترك في الحفريات (وليس بدج) والباحث المصري "محي الدين " و "ميشيل جنكينز"، الحفريات القائمة حاليًا يقوم بها المعهد الألماني للآثار DAI تحت رعاية (كارل سيفريد").



مقبرة سابني و ميحو

ويصف المهندس فاروق شرف المقبرة 26/25 ل "سابني" و "محو" بأنهما عبارة عن  مقبرتين لأب وابنه متصلان ببعضهما البعض . وهما ينتميان إل عهد الملك بيبي الثاني من الأسرة السادسة، ويبدو أنها كانت عائلة غنية حيث يهبط من مقبرتهما سلمين يصلان حتى شاطيء النيل . وكان الأب والأبن عمدة لمنطقة الفنتين .



مقبرة محو

يبدأ مدخل المقبرة بممر يؤدي إلى بهو عرضي كبير يصل إلى مقبرة سابني يؤدي البهو إلى حجرة كبيرة بها الأعمدة الأسطوانية، اتساعها 150 متر مربع، ويوجد على الحائط الخلفي باب وهمى رئيسي، وهو موجود خلف حجرة للعبادة، ويوجد قبل حجرة العبادة الحجرة الرئيسية وبها منضدة للقرابين من الجرانيت، كما يوجد بها أربعة أبواب وهمية أخرى؛ منها بابان نحو الغرب وباب نحو الجنوب وبابًا بالقرب من الباب الوهمى الرئيسي على الحائط الخلفي .



حمل محو الألقاب " ناظر البلدان الغريبة" و " أمير وريث " و "الصديق الوحيد " .، قام محو بحملات في مناطق النوبة وقتل في الصحراء خلال بعثة إلى بلاد واوات، وقد أقام ابنه سابني الطقوس الجنائزية لمحو، وكانت مائة من الحمير تقوم بنقل كهنة الجنازة وأوعية القرابين من دهون عطرة، وعسل نحل، وملابس من الكتان وقوارير مأكولات ومشرب.



مقبرة سابني

تبلغ مساحة مقبرة سابني نحو 120 متر مربع وبها بهو كبير به 14 عمود مضلعة مرصوصة موزعة في صفين . تلك المقبرة هي ثاني مقبرة في الكبر بعد مقبرة أبيه حمو، وكان سابني أيضا ناظًرًا للولاية، وحمل الألقاب "أمير" و حامل أختام الملك و"محافظ بلاد الجنوب" و "كاهن المراسيم ".



من المخطوطات المنقوشة على حوائط المقبرة يتبين أنه كوفيء بسخاء من الملك بيبي الثاني حيث قام باسترجاع جثة أبيه الذي قتل خلال بعثة الجنوب فقد أرسل بيبي الثاني إليه أحسن كهنة التحنيط، وأحسن مواد التحنيط ومواد غذائية كثيرة.


ويصور رسم على الحائط الخلفي للمقبرة سابني مع بناته، وهم يقومون بصيد الطيور وصيد الأسماك . النقش ملون والألوان لازالت ناصعة وفي حالة جيدة . وهي من أحسن الصور الملونة الموجودة في قبور قبة الهوا.



مقبرة سوبك حتب

ويتابع المهندس فاروق شرف بأن مقبرة سوبك حتب هي المقبرة 29 في قبة الهوا، وتبلغ مساحتها نحو 15 متر مربع، تتكون من حجرة كبيرة وفي وسطها عمود يحجب العمود الرؤية من المدخل عن الحائط الخلفي المشكًل في هيئة أبواب وهمية و تتفرع حفرتين من الحجرة الرئيسية، والرسومات على حوائط المقبرة ليست في حالة جيدة، ووجدت بالمقبرة 55 من القوارير عليها رسومات، وكل تلك الرسومات تدل على صاحب المقبرة، حفرت المقبرة في عهد الملك بيبي الثاني.



وعثر على الكثير من القوالب المستخدمة لصب التماثيل البرونزية في مقبرة "سوبك حتب" في قبة الهوا، وجدت تلك القوالب الكاملة في قدر فخاري موضوعة بجانب تابوت سوبك حتب وهي تعتبر من أهم ما عثر عليه من عصر قدماء المصريين عن تصنيع البرونز .



سارنبوت الأول

مقبرة سارنبوت الأول هي المقبرة 36 من مقابر الدولة الوسطى وكان سارنبوت الأول محافظُا لمنطقة النوبة في عهد الملك سنوسرت الأول.وتدل الرسومات المنقوشة على جدران المقبرة أن سارنبوت الأول كان مطيعًا للملك كما أن سنوسرت الأول كان معضدًا ومقدرًا لسارنبوت.



مقبرة سارنبوت من المقابر الكبيرة في قبة الهوا، يؤدي المدخل إلى حجرة بها ستة أعمدة ومنضة قرابين، وبعد صعود سلم من تسع درجات يدخل المرء إلى دهليز طويل تتفرع من جانبيه ست غرف صغيرة (نيشة)؛ ثلاثة على كل جانب ثم يدخل المرء إلى بهو كبير به أربعة أعمدة ثم إلى حجرة جنائزية، كما يتفرع من جانب البهو حجرة طويلة كانت للقرابين .

google-playkhamsatmostaqltradent