اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

زيارة إلى آخر مقر للعائلة المقدسة في مصر "دير المحرّق"

زيارة إلى آخر مقر للعائلة المقدسة في مصر

 "دير المحرّق"






كتب - د . عبد الرحيم ريحان


توجه المهندس مجدي غبريال خبير الترميم العالمي صاحب الجهد الوطني والخيري فى الصيانة والحفاظ على دور العبادة بآثارنا الإسلامية والقبطية  والمهندس فاروق شرف إستشاري وخبير الترميم والمنشآت التاريخية لزيارة المقر الأخير فى رحلة العائلة المقدسة بمصر لحين العودة "الدير المحرّق" بالقوصية بأسيوط بدعوة كريمة من نيافة الأنبا بيجول أسقف ورئيس دير السيدة العذراء مريم "دير المحرق"



سبب التسمية

ويشير المهندس فاروق شرف إستشاري وخبير الترميم والمنشآت التاريخية إلى سبب التسمية بالدير المحرّق نسبةً إلى أن هذه المنطقة كانت مليئة بالحشائش والنباتات الضارة والتى تم حرقها ولكن بمرور الوقت ارتبط لقب الدير بالمحرقة.



موقع الدير

يقع الدير على سفح جبل يسمى جبل قسقام 15كم غرب مدينة القوصية، 48كم  شمال أسيوط،  327كم جنوب محافظة القاهرة، وقسقام اسم قديم منذ عصر مصر القديمة حيث كان يطلق على المنطقة الصحراوية القديمة .. و قسقام تتكون من مقطعين : قس ومعناها مدفن .. وقام : الحلفاء التى كان يصنع منها الحصير لوضعها لكفن الموتى.





القدس الثاني

أمّا التسمية بدير السيدة العذراء مريم لأن السيدة مريم أقامت فى القاعة والبيت الذى صار هيكل للكنيسة الأثرية فيه، لهذا تعتبر العذراء شفيعة الدير وشفيعة رهبانه ولآهالى المنطقة المحيطة به، فيقدمون النذور باسمها ولها معجزات مع محبيها، ولهذا أصبح المكان مقدسًا، لهذا يطلق عليه القدس الثانى أو جبل الزيتون.



حياة البرية

ويوضح المهندس فاروق شرف أن مساحة الدير 22 فدان، ويحيط به الصحراء والتلال والكثبان الرملية غرب الدير بمسافات شاسعة بامتداد الصحراء وشمال الدير وشرقه تلتقى عين الإنسان بالحقول الخضراء الجميلة التى تريح النظر وتبهج النفس بفضل وصول مياه النيل حتى هذه الحدود وبهذا يكون هذا الدير هو الحد الفاصل بين الحياة فى العالم وحياة الوحدة فى البرية.





بركة الدير

الدير مبارك ومريح للنفس وجوه مهدئ للأعصاب وأهميته عظيمة بزيارة العائلة المقدسة لهذه المنطقة والمكوث بها مدة زمنية تقترب من 185 يومًا الأمر الذى أضاف لمصر العظمة والامتياز العالمى المتفرد بمسار العائلة المقدسة فالدير يعتبر آخر بقعه في صعيد مصر بلغتها العائلة المقدسة في رحلتها التاريخية المباركة من الشمال إلى الجنوب والتي تحولت إلى هيكل كنيسة العذراء الأثرية.



كرم الضيافة

يتميز رهبان الدير بالكرم وحسن الضيافة فقد استقبل الضييوف الراهب الأب الكريم إكسيوس ثم بعد ذلك زيارة الراهب الأب المهندس أثناسيوس  .. والراهب الأب الفنان سيداروس .. وجوههم مبتسمة طيلة الزيارة لمحبتهم لضيوفهم.





كنيسة السيدة العذراء الأثرية

ويشير المهندس فاروق شرف إلى البيت المهجور الذى عاشت فيه العائلة المقدسة وبقى على مساحته حتى القرن 19 الميلادى حيث أصبح للكنيسة ثلاثة خوارس .. ، بعدها تحول فى العصر المسيحى إلى كنيسة وأنشئت حجرتان على جانبى الهيكل، وأهم مافى الهيكل المذبح الحجرى وهو الحجر الذى جلس عليه السيد المسيح وهو طفل ويؤكد التقليد على قدم هذا المذبح الذى باركه السيد المسيح بيمينه ليدوم مدى الأزمان والأجيال وأن الذبيحة لا تنقطع من فوق هذا المذبح ويبقى المكان أكثر أمنًا .. كما يوجد بالكنيسة حاملان للأيقونات  "إيكونستاسس"



الأول أمام الهيكل مباشرة (الحجاب)، الثانى بجوار الأول وهو منقول من الكنيسة التى كانت للأحباش سابقًا

الحصن الأثرى القديم وكنيسة الملاك ميخائيل

يرجع تاريخ الحصن الأثرى إلى القرنين السادس

 أو السابع الميلادى، وهو من أصغر الحصون الموجودة فى الأديرة العامرة حاليًا والحصون عمومًا، حيث بنيت لحماية الرهبان، وأولها بنى فى دير أبى مقار فى أواخر القرن الخامس الميلادى بأمر من الملك زينون والد القديسة إيلاريا التى سلكت فى الحياة الرهبانية بزى رجل تحت اسم الراهب إيلارى ببرية شيهيت.





ويتكون الحصن من 3 طوابق

الأول : منها من عدة غرف وحوض للترمس ومغطى بلوح من السكوريت للحماية وكان يستمد الماء من البئر الذى كان بجوار الكنيسة الأثرية قديمًا

الثانى : عبارة عن مدخل للحصن من هذا الطابق عن طريق قنطرة خشبية متحركة تستخدم للدخول وتعتبر حماية برفعها ضد أي هجوم أو تعدى.



الثالث : به كنيسة باسم رئيس الملائكة ميخائيل وبالكنيسة مذبح واحد وخورسان وبها منجلية أثرية من الخشب ترجع إلى القرن ال 12 الميلادى .





 الكنيسة بها عمودان، واحد چرانيتى والآخر من الرخام يحملام عقد من الطوب الأحمر الحامل للسقف الخشبى المكون من البراطيم الخشبية وخشب الطبق من الخشب الموسكى المتجانس.



وأثناء الزيارة من خلال الخبرة الطويلة  للمهندس مجدى غبريال خبير الترميم العالمى والمهندس فاروق شرف إستشاري وخبير الترميم والمنشآت التاريخية تم التوصية ببعض الأعمال حسب أصول الصناعة والمواثيق الدولية وذلك بالكنيسة الأثرية لبعض الأعمدة وللسقف وهى ضرورة دراسة عمل مزاريب للتخلص من مياه الأمطار سريعَا، الذى يمكن أن تؤثر على أخشاب السقف.





كنيسة السيدة العذراء الجديدة الشهيرة باسم "مارجرجس

وتابع المهندس فاروق شرف بأن هذه الكنيسة أنشأها القمص عبد الملاك الأسيوطى رئيس الدير فى أواخر القرن 18 الميلادى بإمكانيات بسيطة، وفى سنة 1878م، بدأ القمص ميخائيل الأبوتيجى رئيس الدير فى إنشاء كنيسة جديدة باسم السيدة العذراء، على أنقاض كنيسة مارجرجس، وانتهى منها فى سنة 1880م. وأطلق على المذبح البحرى اسم يوحنا المعمدان وعلى المذبح القبلى مارجرجس، على أساس أن المذبح الأوسط هو بالاسم الجديد للكنيسة وهو اسم السيدة العذراء.



الكنيسة بها ثلاث مقصورات، اثنان للقديسة العذراء مريم الملكة والثالثة بها رفات القديس القمص ميخائيل البحيرى، الأيقونات تم رسمها بالفن البيزنطى والتى ترجع إلى القرن 19 الميلادى حيث رسمها الفنان نقولا تاودورى الأورشليمي و دمترى جرجس الأورشليمي، صحن الكنيسة مصمم على نمط القرون الوسطى حيث أن النساء لهن مكان بالدور الثانى، أمّا غرفة المعمودية فتوجد بالناحية الشرقية القبلية خارج الكنيسة وبأسفلها يوجد مدفن لرؤساء الدير فى القرن العشرين.





كنيسة السيدة العذراء الجديدة

تم تأسيس هذه الكنيسة فى عام 1940م، فى رئاسة المتنيح الأنبا أغابيوس مطران ديروط وصنبو وقسقام، وقد تم بناؤها فى رئاسة القمص قزمان بشاى وانتهى العمل بها فى عام 1964م كاملة بمناراتها؛ وقد أنشىء فيها معمودية بعدما كانوا يعمدون فى كنيسة مارجرجس، مما يضطر لدخول النساء والزوار الكثيرين الذين يردون إلى الدير لعماد أطفالهم إلى كنيسة مارجرجس مما كان يسبب قلقًا وإزعاجًا للرهبان، وأصبحت هذه الكنيسة مخصصة للزوار، وقد قام بتجديد هذه الكنيسة المتنيح الأنبا ساويرس رئيس دير المحرق فى سنة 1993م



الكنيسة بها ثلاثة مذابح الأوسط (الرئيسى) على اسم السيدة العذراء والقبلى على إسم القديس الأنبا أبرام والبحرى على اسم  تكلا هيمانوت الحبشى .. أما الطافوس فيوجد أسفل المذابح الثلاثة وهو حاليًا مدفن المتنيحين من رهبان الدير تم إنشاء غرفة جديدة للمعمودية فى الناحية الشرقية البحرية خارج الكنيسة لذلك لاستيعاب عدد كبير من المعمدين وبها ثلاثة أجران.






كنائس قديمة أخرى

وينوه المهندس فاروق شرف إلى التعرف على كنيستين كانتا بالدير، وذلك من تاريخ الدير ووثائقه ليستا بموجودتين الآن وهما: كنيسة القديس يوحنا المعمدان وكانت مخصصة للرهبان الأحباش إلا أنه غير معروف تاريخ إنشائها، وأقدم خبر عنها ـ تم التوصل إليه حتى الآن ـ يرجع إلى منتصف القرن 17 الميلادى؛ وكانت الكنيسة بجوار الكنيسة الأثرية من الجهة البحرية ثم أزيلت فى القرن 19 الميلادى وأنشىء مكانها الصالة الخارجية للكنيسة الأثرية والغرف الملحقة ولم يبق منها إلى اليوم إلا المذبح الحجرى وبعض الأيقونات.



وكنيسة القديسين بطرس وبولس، وكانت للرهبان الأحباش وقد أنشئت على سطح الصالة الخارجية للكنيسة الأثرية فى القرن التاسع عشر ولكنها أزيلت فى الثلاثينات من القرن 20 الميلادى.

كنائس أخرى حديثة بالدير:

- كنيسة العائلة المقدسة.

- كنيسة الأنبا أنطونيوس.

- كنيسة الأنبا بولا.

الكلية الأكليريكية

فى عهد البابا شنودة الثالث، اهتم بالكلية الإكليريكية فرأى أن يُنْقَل القسم المتوسط الموجود بالقاهرة إلى الدير المحرق، وكان أنسب مكان لها هو مدرسة الرهبان لكى يتعود الطلبة على جو الريف بعيدين عن أضواء القاهرة، وحتى يكون لدير العذراء مريم المحرق رسالة علمية يساهم فى خدمة الإكليريكية حيث تم نقل القسم المتوسط إلى دير المحرق.



وفى عام 1982 تحول القسم المتوسط إلى القسم العالى أى بقبول الحاصلين على الثانوية العامة وما يعادلها من الدبلومات الأخرى، حيث يدرس الطالب لمدة 4 سنوات، وبعدها يحصل على بكالوريوس فى العلوم اللاهوتية والكنسية.



معهد ديديموس للعرفاء والمرتلين

أنشىء المعهد بالدير المحرق، فى أواخر السبعينات لتخريج مرتلى الكنيسة والعرفاء الذين لا تستغنى عنهم الكنيسة القبطية لأنهم المتخصصون فى ممارسة طقس الكنيسة بانتظام والمعايشون له يوميًا؛ ومدة الدراسة فى المعهد خمس سنوات يتلقى فيها الطالب بعض المناهج التعليمية ـ بالإضافة إلى الألحان والطقوس الكنسية بالكامل؛ مثل "دراسة فى العهدين القديم والجديد، وتاريخ الكنيسة، حفظ المزامير، اللغة القبطية، اللغة العربية، الحساب".





الأسوار

السور الحجرى أو الطوب اللبن فهى أسوار جيدة تقف شامخة حارسة على المفردات المقدسة وخدماتها.


وينقسم الدير من الداخل إلى ثلاثة أقسام بواسطة أسوار داخلية: يحتوي القسم الخارجي منها على كنيسة السيدة العذراء الجديدة، وعمارة للضيافة وديوان الوكيل ومتعلقاته ومكتبات لبيع إصدارات الدير، وبعض الملحقات الخدمية من حظائر للمواشي ومخازن الوقود وغيرها، أمّا القسم الأوسط من الدير فهو يحتوي على قصر الضيافة وبعض الحدائق وخلفه يوجد المائدة، أمّا القسم الأخير فيحتوي على كنائس الدير وقلالى الرهبان.



توصيات

ويوصى المهندس مجدى غبريال خبير الترميم العالمى والمهندس فاروق شرف إستشاري وخبير الترميم والمنشآت التاريخية بالآتى:-

1- الصيانة الدورية لجميع مفردات الدير وخاصة الأسوار ونخص سور الطوب اللبن والعمل على تطهيره كل ستة أشهر لطرد الحشرات والقضاء عليها بالرش بالمبيدات الحشرية مع التركيز على إضاءة مداخلها ليلًا لطرد الوطاويط.





2- الصيانة المستمرة للأخشاب المتمثلة فى الأبواب والشبابيك والدبل الخشبية بالحوائط وذلك للقضاء على النمل الأبيض الذى يتغذى على مادة السليولوز بالخشب وتحويله إلى بودرة الأمر الذى تصبح الأخشاب ضعيفة إنشائيًا.



3-  فتح الحديقة وتشغيل النافورة للزائرين مع ضرورة أن يكون العدد محدود فى كل مرة ومع ضرورة وجود إشراف من الدير للحفاظ على جميع مفرداتها.



يتبارك الدير بعدد أكثر من 135 راهبًا فى حياة يومية عامرة بالأحداث، يظهرون بلحى كثيفة، ويرتدون قلنسوة الرهبانية السوداء المطرزة بالصلبان، مما يضفى عليهم وقارًا يليق بهم، يتحركون بثبات على الأرض المقدسة، من القلايا إلى الكنيسة الأثرية إلى المزارع والأراضى الموجودة فى الصحراء ويوفرون كل سبل السعادة للزائرين لهذا الدير العريق ثقافيًا وتاريخيًا وأثريًا.

google-playkhamsatmostaqltradent