اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

العلم والعلماء ووسائل التواصل فى مصر القديمة" ندوة لاتحاد كتاب مصر

 "العلم والعلماء ووسائل التواصل فى مصر القديمة" ندوة لاتحاد كتاب مصر





كتب -  د. عبد الرحيم ريحان


تحت رعاية الكاتب والمفكر والشاعر الكبير الدكتور علاء عبد الهادي الأمين العام لاتحاد الأدباء والكتاب العرب ورئيس مجلس إدارة النقابة العامة لاتحاد كتاب مصر  انعقدت الندوة الشهرية للجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر بمقر النقابة أمس تحت عنوان  "العلم والعلماء ووسائل التواصل فى مصر القديمة"



بدأت الندوة بكلمة رئيس لجنة الحضارة المصرية القديمة بالنقابة العامة لاتحاد كتاب مصر الكاتب والأديب عبدالله مهدى الذى رحب بالضيوف وأكد أن الإعلام القومى أى الرسمى كان له دورًا هامًا فى ازدهار الحضارة المصرية القديمة حتى يتم توحيد كل الجهود، فالمسلات كانت صحف الملك والمعابد كانت مجلاتهم المصورة والملونة، فقد عرفت مصر الإعلام مبكرًا وأن نبوغ المصرى القديم فى الإعلام تجلى من خلال هذا الإرث الضخم الذى سجلوه على جدان المعابد والمقابر والمسلات وأوراق البردي.





وأشار الدكتور محمود حسن إسماعيل أستاذ الإعلام بجامعة عين شمس إلى أن لكل عصر إعلامه، وأن ظاهرة الاتصال بين الأفراد والأمم والشعوب ظاهرة قديمة قدم الإنسان والأمم، وذلك لأن الإنسان على مر التاريخ كان بحاجة إلى التعرف على ماحوله من موجودات مختلفة وتسخيرها لأجل الوصول إلى ما يطمح إليه.



وأكد الدكتور محمود حسن إسماعيل على أن الإعلام بدأ مسيرته في العصور القديمة بالاعتماد على الوسائل الفطرية البسيطة المتمثلة في القول والاستماع على نحو: محادثة الناس مع بعضهم  (الاتصال المباشر) أول شكل من أشكال الإعلام والاتصال ثم تطورت إلى دق الطبول والمزامير وإشعال النيران في المرتفعات والمناداة فى الساحات العامة واستمر التطور فيها إلى ما نراه عليه الٱن من قوة فى العرض وفعالية فى التأثير.






ونوه إلى أهمية الإعلام في مصر القديمة والذى تنبه ملوكها لدوره في توجيه العباد ، وجسّد جزءًا هامًا من تاريخها فى الأعياد والاحتفالات الدينية وما يقدم فيها من إبداعات، ووجود هذا الكم الهائل من الٱلهة استلزم كما يقول عالم المصريات الفرنسى (بيريه) عددًا من القائمين بالاتصال الذين يقومون بمهمة الدعاية والإخبار والإقناع والإعلان لهم ولذلك افترض وجود مؤسسات إعلامية تقوم بذلك.



كما تحدّث الدكتور محمود حسن إسماعيل عن الارتباط بين الكهانة والإعلام والفن، كما دلل على وجود الإعلام الحربى الذى سطر أمجادهم الحربية وانتصاراتهم فى المعارك المختلفة، وأكد وجود الصحافة فى مصر القديمة وكانوا يسجلونها على أوراق البردى، فظهرت عندهم صحيفة القصر، وكانت صحيفة هزلية تسخر من بعض أوضاع المجتمع وتتعرض لها بالنقد، بل إنها كانت تتناول أعمال الملوك فى مصر القديمة وتناقشها بأسلوب فكاهي ساخر .



كما أكدت الوثائق القديمة وجود الإعلام الدولى فالسفراء لم يتوقفوا عن الترحال من بلاط ملكى إلى ٱخر، وأكد الدكتور محمود حسن إسماعيل وجود وزيرًا للإعلام في مصر القديمة وذلك يتضح مما دون على جدران المعابد والبرديات على نحو: مرشد ملايين البشر .. الذى يسجل كلمات الشعب ... مصدر التعاليم للبلاد بأسرها .... إلخ 





وأردف الكاتب والأديب عبدالله مهدى بأن قيمة الحضارة المصرية القديمة ودورها الرائد في كافة مناحى المعارف والعلوم له فضل على العالم بأسره فهى لم ترث علمًا ولا فكرًا من أحد، بل ورثت العالم مبادىء وأسس العلوم والفنون والٱداب.



فقد ترك المصريون سجلًا رائعًا فى مجال الحضارة الإنسانية بشتى أشكالها ولقد فطن المصرى فى زمنه إلى حتمية بناء جيل متعلم يعتد به، ويعتمد عليه في تشييد أرقى الحضارات الإنسانية فى العالم القديمة ولذلك سارع إلى الاهتمام بتزويده بسلاح العلم والتعليم.



وأوضح أن المصرى القديم قدّس أصحاب العلم والفكر والمعرفة والثقافة عن إيمان ويقين ورفعوا من شأنهم فى حياتهم الدنيوية والأخروية إلى حد إلباسهم لباس القداسة وإنزالهم منزلة الٱلهة.



وتحدثت الباحثة الشهيرة ناجية نجيب فانوس عن العلم والعلماء في مصر القديمة موضحة أن الاسرار الكامنة في علوم قدماء المصريين لم يكشف عنها الكثير، ونحن دائما في انتظار مزيد من الاكتشافات الأثرية التي ستوضحها، ولكن هناك الكثير من البرديات العلمية والأدلة المثبتة عن تقدمهم الكبير في مجالات عدة في الطب والصيدلة والهندسة والفلك ببراعة فائقة، أقربها أن اسم مصر (كمت) بمعني الأرض السوداء، الخصبة المليئة بالمعادن الهامة مما جعل العلماء يطلقون هذه التسمية الهيروغليفية علي علم الكيمياء، وكانوا يستخدمون أيضا نباتات طبيعية وعناصر من الطبيعة كاستخدام كبد الثور لعلاج العشى الليلي وفقر الدم.



وأوضحت الآثارية ناجية نجيب فانوس أن تفسير ذلك لأن كبد الثور يحتوي على فيتامين B12، وكانت مساحيق العيون للملكات المصريات مثل (نفرتيتي) تحتوي على مركب رصاصي مصنوع يساعد في علاج بعض أمراض العيون أوالوقاية منه وكانت كيمياء التحنيط تدل على معرفة عميقة بالكيمياء الحيوية حيث ينقعون الجسد في حمام من النطرون ملح الصوديوم والأمونيوم والسيليكون والأوكسجين لمدة 70 يومًا، وتقتل هذه العملية البكتيريا، وكانوا يقومون بعد ذلك بلف الجسد بأشرطة من القماش مكسوة بالصمغ ثم يدفنون الجثة في قبر محكم الإغلاق معزول عن الرطوبة المفسدة والهواء.



ونوهت الآثارية ناجية نجيب فانوس إلى تقدم قدماء المصريين فى علم الكيمياء حيث استفادوا منه في استخراج معدن الذهب، وكان الذهب رمز الخلود عند المصريين وارتبط بالملوك، وهناك من يقدر أن وزن ما استخرج من أرض مصر كان 3500 طنًا من الذهب على مدى ثلاثين أسرة ملكية في تاريخها القديم.



وذلك من مناجم الذهب المصرية، وخصوصًا الصحراوية منها، وهناك من يقدر عدد مناجم الذهب التي استثمرت في ذلك الوقت بمئة منجم وأن الذهب كان موجودًاً في ثلاثة أشكال أساسية وهي المرافقة للصخور الماخية وفوق الماخية والبركانية والتي ينتزع منها الذهب ويعاد ترسيبه في شكل عروق (المرو) التي تحمل الذهب بين هذه الصخور.



وبرعوا في الطب والجراحة وهناك لوحة أدوات الجراحة تعد من أهم المناظر على جدران معابد وادى النيل والتى يتميز بها معبد كوم إمبو الذي سمى بذلك الاسم ربما لوقوعه على الطرق التي تؤدى إلى بلاد النوبة (نوب) والتي تعنى أرض الذهب باللغة المصرية القديمة حيث خصص هذا المعبد الذي بناه البطالمة وأتم إنشاءه الأباطرة الرومان لعبادة سوبك الذي كان يرمز له بالتمساح أو إنسان برأس تمساح و كان يعتبر من آلهة الشر عند المصريين القدماء ولكى يتقوا شره تم عبادته في هذا المكان وكذلك مناصفة مع المعبود (بالف الكبير الذيكان) ويرمز له بالصقر وكان معبود الخير.



وحين جاء الإمبراطور تراجان فى القرن الأول قبل الميلاد قام ببناء الحائط الخارجي وقدم هذه اللوحة إلى المعبود (أمحتب ) والذي كان فى الأساس المهندس المعمارى لهرم زوسر المدرج في سقارة في أوائل المملكة القديمة وتم عبادته فيما بعد أيام العصر اليوناني الروماني كإله للطب لما عثر عليه من أبحاث طبية عظيمة منسوبة إليه وخلفها تظهر لوحة الأدوات الطبية التي تحتوى على كأسين كانا يستخدمان فى الجراحة وكذلك بعض الخطاطيف التى كانت تستخدم فى إخراج المخ من الأنف أثناء التحنيط كذلك يظهر منشار وبعض المعالق وبعض مدقات العظام وميزان وبعض الخطاطيف لخلع الأسنان ويظهر خلف كل هذه الأدوات المعبود (امحتب) جالسًا يتلقى هذه الأدوات.



ومن خلال البرديات الطبية نعرف مدى تقدمهم في علوم الطب مثلا:  برديات شستر بياتي، وهي مجموعة من البرديات أهداها رجل الأعمال السير ألفريد بياتي إلى المتحف البريطاني، بعدما تم العثور عليها خلال الحفريات في قرية عمال جبانات طيبة، وقد تفرقت تلك البرديات، البالغ عددها 19، للعرض في أماكن مختلفة، منها المتحف الأشموليني في أكسفورد والمعهد الفرنسي بالقاهرة ومكتبة ومتحف شستر بياتي في دبلن. وفي حين يضم الجزء الثالث من بردية شستر الخامسة تعازيم سحرية لعلاج الصداع والصداع النصفي، فإن واجهة البردية السادسة تدور أغلب فقراتها حول أمراض الشرج، بينما تحمل خلفيتها القليل من الوصفات الطبية مع الكثير من التعاويذ السحرية لأمراض غير معلومة، طول البردية 20.23 مترًا، النصوص موزعة على 108 أعمدة، كل منها بين 20 و 22 سطرًا.



والبردية وجدها فلاح مصري في مدينة الأقصر مدفونة في بعض كفان الموميات وموضوعة في خزانة من المعدن، وهي عبارة عن ملف واحد من البردي، ومن أحسن أنواع القراطيس البردية صناعة. 


تحوي البردية مجموعة كبيرة من الوصفات لكثير من الأمراض، لا زالت هذه البردية مجالًا واسعًا للبحث العلمي مما قد يستغرق عشرات السنين.



وبردية هيرست وجدت هذه البردية في دير البلاص من صعيد مصر عام 1899 ميلادية، وهي محفوظة الآن في متحف كاليفورنيا، يظهر من كتابتها أن تاريخها يرجع إلى السنة التاسعة لحكم الملك أمنحوتب الأول،  بردية أدوين سميث الجراحية The Edwin Smith محفوظة في الجمعية التاريخية بنيويورك، بردية برلين اكتشفت في منطقة سقارة، ثم بيعت لفردريك ويلهلم الرابع ملك بروسيا في عام 1827 وأودعها متحف برلين، وتشير طريقة كتابتها إلى انتمائها إلى الأسرة التاسعة عشرة. وتتعامل البردية مع أمراض الثدي، وتعرض طريقة فولكلورية لمنع الحمل، واختباراً لتحديد نوع الجنين ذكر أم أنثى.



ثم تحدث الدكتور ممدوح فاروق مدير متحف إيمحتب، موضحًا أن إيمحتب وزير الملك زوسر الأسرة الثالثة قدسة المصريون ورفعوه إلى مصاف الٱلهة لما امتلكه من معارف فى كثير من المجالات مثل الهندسة والطب إلى درجة مقارنته ( اسكلبيوس ) معبود الطب عند الإغريق، وذكر أن هذا الأمر ينسحب بدوره على 

( إيمحتب بن حابو) الذى ألهه المصريون فى الدولة الحديثة، وكانوا يحجون إلى مزاره فى الدير البحرى بجبانة طيبة وإلى جانب هؤلاء هناك الكثير من أصحاب العلم والمعرفة أمثال : بتاح حتب ، ددف حور كاجمنى .



وأوضح أن  متحف إيمحتب يعد واحدًاً من أهم متاحف المواقع الأثرية بمصر، والذي تم إنشائه تخليدًا وتكريمًا لذكرى المهندس المعماري المصري "إيمحتب" كما أن موقعه بمنطقة سقارة الأثرية يساهم بشكل كبير في زيارته، تبلغ مساحة مبني متحف ايمحتب ١٥٠٠ م مربع ويحتوي المتحف على ست قاعات 

يعرض بالقاعة الأولي قطعة حجرية نادرة وهي عبارة عن قاعدة لتمثال الملك "زوسر"، والتي تحتوي على ألقاب المهندس والطبيب "إيمحتب".



أما القاعة الثانية فهي مكتبة المهندس وعالم الآثار الفرنسي الراحل "جان فيليب لوير"، الذي عمل لمدة 75 عامًا في سقارة للكشف عن المجموعة الهرمية للملك زوسر، في حين تضم القاعة الثالثة على أهم نماذج العناصر المعمارية بمجموعة هرم زوسر، والقاعة الرابعة تسمي قاعة مقابر سقارة والتي تحتوي على أهم مقتنيات ملوك الأسرة الخامسة والسادسة، من أبرزها مومياء الملك "مري إن رع" أحد ملوك الأسرة السادسة، والتي تعتبر أقدم مومياء ملكية، في حين تضم القاعة الخامسة عددًا من الأواني المختلفة الأشكال والأحجام، اكتشفت داخل هرم الملك زوسر وبعض ملوك الأسرة الثانية وتسمي قاعة طرز سقارة كما تحتوي أيضًا على أهم منحوتات النماذج الخشبية والحجرية لكبار الموظفين. أما القاعة الأخيرة فهي قاعة البعثات، والتي تعرض أهم نتاج حفائر البعثات المصرية والأجنبية التي عملت في سقارة، وتضم أهم وأقدم مجموعة من أدوات الجراحة في التاريخ

 وكذلك التماثيل البرونزية للمعبودات المصرية.



 بالإضافة إلى قاعة للتهيئة المرئية، والتي تعرض مواد فيلمية عن أهمية سقارة الأثرية.


وشاركت الآثارية ريم جمال نائب رئيس فريق أحفاد الحضارة المصرية فى الندوة بالتعاون مع فريق أحفاد الحضارة المصرية برئاسة الآثاري محمد حمادة وتحدثت عن العلم كأحد أهم أسس الحضارة المصرية القديمة إن لم يكن أهمها علي الإطلاق، فالحضارة المصرية بُنيت علي أسس علمية وخبرة هندسية وفلسفية ودينية كبيرة، وكانت البداية من «تحوت»

 أو «چحوتي» نتر الحكمة وملهمها وراعي الكتاب وحاميهم... وتكملة «سشات» نتر الكتابة وسيدة المكتبات.، فكانت معرفة الكتابة نقلة حقيقة في تاريخ مصر عام 3200ق. م. ما دفع المصري للوعي بالعلم نختصره في مقولة« الحاجة أم الاختراع»



وأصبح لأبناء مصــر القديمة شأن عظيم وأبرزهم الوزير والكاتب إم حوتب فى الأسرة الـثالثة، كذلك الحكيم بتاح حتب وكاجمني وددف حور، والوزير والكاتب أمنحتب بن حابو في الدولة الحديثة.



وأوضحت الآثارية ريم جمال أن  دوافع المصري القديم للعلم كانت سلك الهيئة الحاكمة وخدمة المطالب الدينية، وأطلق على المدارس ( للبر عنخ) ويعني بيت الحياة، ففيما يخص العامة كان الأساس هو المنزل، والأمراء والنبلاء لهم مدرس ومنهج خاص بهم، وكانت المراجع للتعليم تعاليم الحكماء (بتاح حتب-كاجمني) في الدولة القديمة، (ختي بن دوادوف لابنه بيبي) في الدولة الوسطي، التراث الأدبي والقصص والأساطير في الدولة الحديثة، وكانت نصيحة المصري القديم لأبنائه (الرجل المحظوظ هو الذي يضع العلم في قلبه).



وفى نهاية الندوة حدثت مداخلات رائعة ساهمة فى تشكيل لوحة علمية وفنية للندوة فتسألت الكاتبة الكبيرة عزة أبو العز، إذا كانت معظم البرديات التى تحوى نظريات علمية موجودة خارج مصر ، ما مدى إمكانية استعادتها ؟



واقترحت عمل فريق بحث علمى من الأثاريين النابهين والأطباء وفى كافة مناحى العلوم، للاستفادة مما ورد من نظريات ومعلومات علمية فى تلك البرديات.



جاء الرد من الباحثة ناجية نجيب فانوس بوجود إدارة بوزارة الٱثار مختصة باسترداد الٱثار المصرية المنهوبة ولها دور إيجابى فى هذا الملف المهم، كما علق الدكتور ممدوح فاروق قائلا: بأن هذه البرديات تسابق الباحثون لتحليلها وتفسيرها من أجل السبق العلمي.



ثم علق الدكتور محمد راضى ( رئيس اتحاد الناشرين الأفارقة ) بأن الحضارة المصرية القديمة قدمت للبشرية علوما تطبيقية ومادية ولا أروع ، كما قدم الإغريق للبشرية علومًا إنسانية راقية استفاد ت البشرية كثيرا منها كما تحدث عن المصادر التى يستقى منها التاريخ معلوماته وتأتى الٱثار من أهمها.



وعلق الدكتور خالد جبر مدير عام بالأهرام فتحدث عن كلمة فرعون ودلالاتها، وعن الديانة المصرية القديمة والٱلهة عند المصريين، فأضاف الكثير من المعلومات للحضور.


وانتهت الندوة بتوزيع شهادات الشكر والتقدير على المشاركين.

google-playkhamsatmostaqltradent