اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

في الذكرى 41 لتحرير سيناء إحياء التراث السيناوي يعزز من قيمة الانتماء

 في الذكرى 41 لتحرير سيناء
إحياء التراث السيناوي يعزز من قيمة الانتماء





كتب د. عبد الرحيم ريحان


سيناء الجزء الغالى من أرض مصر وكذلك أهله الذين صنعوا الحضارة على أرضه من حقهم علينا أن نحيى تراثهم العظيم ونعزز روح الانتماء لدى كل المصريين باستشعارهم قيمة حضارتهم ومن ثم قيمتهم كمصريين صنعوا هذه الحضارة ولديهم المقدرة على صنع الحاضر والمستقبل الذى يتواءم مع هذه الحضارة وهناك مثل سينائى يقول "احفظ قديمك ولو كان الجديد أغناك" ومن هذا المنطلق ندخل من بوابة الثراث السينائى إلى مجتمع له نظم وقوانين وعادات وتقاليد وصناعات خاصة يحرص زوار سيناء على معايشتها على الطبيعة لشهرة أهلها بكرم الضيافة ومراعاة الجار واحترام العرض والوفاء بالعهود والشجاعة وعزة النفس واحترام الحيوان





الطعام والسكن
وارتبطت حياتهم بالبيئة التى يعيشونها فصنعوا الخيمة البدوية من الشعر حيث تحيكها النساء من وبر الإبل وصوف الغنم ويثبتونها بالأوتاد والحبال ويقيمون بها فى الشتاء والربيع اتقاءاً للمطر والبرد و فى الصيف يبنون لأنفسهم أكواخاً من القش وأغصان الشجر لتقيهم الحر والرياح ويطلق عليها عرائس ويطحنون الحبوب بالرحى ثم يعجنون الدقيق فى باطية وهى منسف صغير ويخبزونه رقاقاً على الصاج أو أقراصاً على الجمر حيث يوقدون الحطب على الأرض حتى يصير جمراً فيزيلون الجمر عن الرماد ويطمرون قرص العجين فى الرماد ثم يضعوا عليه الجمر إلى أن يجف وجهه الأول فيقلبونه على الوجه الآخر وأشهر أطعمتهم الجريشة حيث يجرشون القمح بالرحى ويسلقونه ثم يضعون عليه اللبن أو السمن والعصيدة أو التلبانة حيث يغلون الماء أو اللبن ويصبوا عليه الدقيق ويحركوه والدفينة وهى فتة من الخبز أو مسلوق الأرز بمرقة اللحم وينثر اللحم قطعاً فوقها والمفروكة وهى نوع من الشعرية تؤكل بالسمن والسكر أما الشواء فيأتون بالخروف بعد سلخه ولفه برقائق الألومنيوم ليوضع على شبكة تحته الجمر ويغطى بإحكام بنصف برميل يوضع عليه الكليم البدوى المصنوع من قصاصات الأقمشة ثم يدفن تماماً ويهال عليه التراب ويحرص زوار شرم الشيخ على تناول هذا الشواء فى خيمة بدوية حيث يخبرهم شيخ القبيلة عند قدومهم بأن طعامهم مدفون وسنحصل عليه بعد رفعه بالكوريك وهذا ما يتم بالفعل ترفع الأتربة بالكوريك ثم يظهر الكليم البدوى ثم تظهر ملامح الشواء لتفوح منه رائحة تبهر الزائرين الذين لا تنقطع كاميراتهم عن تصوير كل مرحلة وكأنهم أمام اكتشاف أثرى هام ولا يشرب أهل سيناء  القهوة إلا مصنوعة فى وقتها حيث يحمصون البن بالمحماصة ثم يدقونها بالهاون أمام الضيوف ويقدمون القهوة دوراً أو دورين أو أكثر




الزواج والموسيقى

وترتدى المرأة البدوية رداءً مصبوغ من جذور النبات ويتحزمن بحزام من شعر أسود أو أبيض يحكنه بأنفسهن ويلففنه ثلاثة لفات حول الخصر ويتبرقعن ببرقع مكون من نسيج  قطنى أسود مطرز بخيوط حريرية مختلفة الألوان تغطى الرأس والأذنين وتعقد بشريطين تحت الذقن وفوق البرقع ترتدى وشاحاً أسود يدعى القنعة يغطى الرأس والظهر وفى زواجهم يكون مهر بنت العم  خمسة جمال والأجنبية عشرين جمل ويأخذ والد العروس غصناً أخضر يناوله لخطيبها قائلاً (هذه قصلة فلانة بسنة الله ورسوله إثمها وخطيتها فى رقبتك من الجوع والعرى ومن أى شىء نفسها فيه وأنت تقدر عليه) فيتناول الخاطب القصلة ويقول قبلتها زوجة لى بسنة الله ورسوله ويزفوا فى خيمة كبيرة تدعى البرزة ويذبح أهل العريس الذبائح عند باب البرزة ومن آلات الطرب الربابة والشبابة المعروفة فى مصر بالصفارة والمقرون (الزمارة) وأشعارهم منها القصيد الذى ينشد على الربابة والموال وحداء الإبل ورقصاتهم هى الدحية حيث يقف المغنون صفاً واحداً بينهم شاعر أو أكثر يعرف بالبدَاع  يرتجل الشعر وأمامهم غادة ترقص بالسيف تدعى الحاشية ويبدأ المغنون بقولهم الدحية الدحية ويصفقون بأيديهم






القضاء العرفى
المنازعات فى سيناء يتكفل بها رجال يحكمون بالعرف والعادة ومنهم المنشد الذى يحكم فى المسائل الشخصية الخطيرة كمس الشرف والإهانة الشخصية والقصاص وهو قاضى العقوبات والعقبى وهو قاضى الأحوال الشخصية والزيادى وهو قاضى الإبل يقضى فى أمور سرقتها وكل ما يتعلق بها والمبشع وهو قاضى الجرائم المجهولة التى لا شهود لها وذلك باختبار المتهم بالنار أو الرؤيا واختبار النار بتسخين طاسة نحاسية بشدة ويطلب من المتهم أن يلعقها 3 مرات بلسانه فإذا أثرت النار فى لسانه يعنى إدانته ويقال فى ذلك إن كان مجرماً جف ريقه فتؤثر النار على لسانه وأما الرؤيا فهى أن المبشع يفكر فى المتهم ثم ينام فيظهر له الجانى فى الحلم وعندما يصحو يحكم عليه.




أهمية الأعشاب
واستكمالاً لمنظومة التفاعل بين أهل سيناء والبيئة المحيطة بهم استغلوا نباتات سيناء المتعددة فى العلاج ومنها اللصف الذى ينبت فى شقوق الصخور لعلاج الروماتيزم بغلى أوراقه وتبخير المصاب بها والقيصوم وتغسل بمائه العين الرمداء والعاذر يشبه الزعتر لعلاج المغص وهناك رجل شهير بمنطقة سانت كاترين يطلقون عليه الدكتورأحمد منصور يعالج بمستخلصات من أعشاب سيناء يجمعها من الجبال بنفسه وتشتهر سيناء بشجر الطرفاء والتى تعرف بشجرة المن وكانت طعام بنى إسرائيل فى سيناء ولعنادهم وجحودهم رفضوا هذا الطعام وطلبوا من نبى الله موسى طعام أفضل ويخرج من ثقوب شجر الطرفاء مادة يطلق عليها المن حلوة المذاق يبيعونها أهل سيناء للسياح والشيح يبخرون به منازلهم لطرد الثعابين وتستحممن به النفاس ويدخل كبهارات فى الطعام 


ورغم هذا الثراء الحضارى بسيناء لم نرى دراسة وافيه لهذا التراث كالذى رصدها لنا نعوم بك شقير عام 1916فى كتابه تاريخ سيناء ودرس مجموعة من العلماء الأوربيون فى القرن 19 نباتات سيناء منهم د. روبل الألمانى والمسيو بواسيه والبعثة العلمية التى أرسلتها الجمعية الجغرافية البريطانية لمسح أراضى سيناء عام 1869 وبعثة قلم المساحة المصرية برئاسة الأستاذ هيوم عام 1906 وحديثاً هناك دراسات لأساتذة أفاضل عن الطب الشعبى فى سيناء وتراث سيناء وغيرها ولكنها لم تحظى بالاهتمام الإعلامى الكافى ونحن فى حاجة لإحياء التراث السينائى بالدراسات العلمية له واستغلاله فى تنمية سيناء بمنتجات مميزة يصنعها أهل سيناء وترتبط بخطة تسويق جيدة فى مصر والخارج ودخول شركات كبرى متخصصة فى طب الأعشاب تستغل نباتات سيناء وشركات لصيد البر والبحر والبحث عن أماكن الفيروز القديمة فى وادى المغارة وسرابيط الخادم وتطوير عمليات استخراجه الذى يقوم بها أهل سرابيط الخادم حاليًا بشركات خاصة لصقل المنتج وتهذيبه وتشكيله  وإنشاء مراكز صناعية وتجارية للمنتج السينائى على أرضها
فالتراث السيناوى مادة خصبة للتنمية لو تم إحياؤه ليكون المشروع القومى لمصر كلها يجد فيه المصريون ضالتهم ويحققون ذاتهم ليعزز روح الانتماء لديهم وبإحيائنا للتراث السينائى نؤكد هويتها المصرية العربية الإسلامية  ونحافظ على ترابها الثمين حاضرًا ومستقبلًا ويمكن أن يشمل مشروع التجلى الأعظم إحياء التراث السيناوى ليس فى منطقة سانت كاترين فقط بل فى كل أنحاء سيناء.



google-playkhamsatmostaqltradent