يوم الشهيد والخلايا النائمة
كتب - د . عبد الرحيم ريحان
تحتفل الدولة فى 9 مارس من كل عام بيوم الشهيد، وهو ذكرى استشهاد الفريق عبدالمنعم رياض، رئيس أركان حرب القوات المسلحة، أثناء تواجده على الجبهة بين أبنائه من أبطال حرب الاستنزاف، وقد كرّم الرئيس السيسى شهداء الحرب على الإرهاب ومصابى حرب أكتوبر.
واستوقتنى كلمتان هزتنى من الأعماق الطفل بلال ابن النقيب محمد جمال محمد عطية الأكشر الذى لم يتجاوز 7 سنوات والذى استشهد والده فى الحرب على الإرهاب وذهبت والدته لأداء فريضة الحج فخرجت روحها فى الأرض المقدسة وتربيه جدته وتحدّث الطفل أمام رئيس الجمهورية اليوم أثناء تكريم اسم والده قائلًا " أنا ابن الشهيد البطل النقيب بابا استشهد في سيناء وأنا عندي سنة وشهرين وملحقتش أشوف بابا بس كنت بسمع عن بطولاته، وكانوا بيقولوا لي دايما بابا بطل وعمره ما خاف، وبعد استشهاد بابا بـ6 شهور ماما راحت الحج وكان حلمها أنها تلحق بابا في الجنة وماما ماتت في السعودية، أنا كان نفسي أعيش معاكم بس ما دام ربنا عايز كده أنا مش زعلان، أنا كان نفسي أعيش معاكم، أنا بكتب ليكم جوابات وبقولكم وحشتوني أوي، وانا اطمنوا عليا لما أكبر هبقي ظابط وهجيب حق بابا وهحقق حلم ماما".
والكلمة الثانية لأم الشهيد التى قالت "أنا ابنى خرج وقالى أنا هبعثلك هدية عيد الأم ولم يدور فى خاطرى أن الهدية هى أعظم هدية وهى استشهاد ابنى وقالت أننى سعيدة بأعظم هدية فى عيد الأم وإبنى يشاهدنى الآن وأنا سعيدة بالهدية"
وفى نفس الوقت التى تحتفل مصر بيوم الشهيد نجد فى المقابل الفضائيات الممولة من دولة معينة وتحت رعايتها تتحدث عن حادثة عارضة وأكيد غير صحيحة عن احتيال أحد رجال الأمن على سائح وكأنهم خايفين على مصر والسياحة بها وهم يهدفون إلى البخس من إى إنجاز تحققه مصر، وفى يوم تكريم الأبطال يهينون رجال الأمن الشرفاء ناتج الحقد الدفين على مصر، ومن المفترض أنهم مصريون ولكن أقل شىء هو نزع أعظم جنسية عن هؤلاء وهى الجنسية المصرية التى لا يستحقونها لأنهم لا يعرفون معنى الوطن وقيمة الوطن ويجب أن يحاكموا بتهمة الخيانة العظمى وتنفذ الأحكام أمام كل الشعب وأمام أبناء وأمهات وآباء الشهداء المكرّمين اليوم فى يوم الشهيد، ويجب أن يكون هناك تفاوض مع الدول التى تأوى هؤلاء الخونة وتمولهم وتتيح لهم منارات إعلامية لنشر سمومهم على تسليمهم إلى مصر لمحاكمتهم.
أمّا بخصوص الخلايا النائمة فهناك خلايا نائمة حتى الآن ليس خارج مصر فقط بل داخل مصر فى المصالح الحكومية وفى الإعلام وشخصيات عامة يسفهون من أى قيمة أو أى إنجاز يتحقق وينشرون هذا عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
وأسوق نموذجًا لما حدث منذ أيام وقد كشف عن هذه الخلايا، حيث نشر أحد المواقع الإخبارية المغمورة خبرًا لم يصرح به أى مسئول حكومى أن هناك نية لتغيير اسم مدينة سانت كاترين إلى مدينة التجلى الأعظم، وقد تلقفت هذه الخلايا وهم طابور خامس ينخر فى عظام الوطن هذا الخبر ويعلمون يقينًا أنه غير صحيح وبدأوا يروجوا له وكأنه حقيقة بغرض الإثارة والبلبلة فى الداخل والخارج ويثيرون أهل سانت كاترين ويلعبون على نغمة الفتنة الطائفية ويثيرون الخارج ليشعلوا النيران فى سويعات قليلة قبل أن تكذّب الدولة هذا الخبر.
وبالفعل خارج مصر بدأت جماعات ممن يعتبرون أنفسهم أوصياء على مصر فى الاحتجاج على أوهام وبنوا عليه قصورًا وهم يعلمون يقينًا أنه غير صحيح ونحن لا نعرفهم إلا فى الكوارث ولم نسمع عن أحد منهم ساهم فى أحد المشروعات الاستثمارية فى مصر أو استفادت منه مصر بأى شكل من الأشكال وهذا هو الانتماء الحقيقى وليس الانتماء هو إثارة الذعر والبلبلة والفتنة.
وكان لى موقفًا واضحًا منذ أن قرأت هذا الخبر فنصحت الصحفيين الذين نوهوا عن الخبر بأن هذه إشاعة وأنا متأكد من ذلك وألّا يتعاملوا مع الخبر على أنه حقيقة ونصحت الزملاء الذين نشروا الخبر بحسن نية بأن النشر للخبر يزيد من فرصة انتشار الإشاعة واستجاب لى الجميع فالبعض تعامل معه بحسن نية ولكن حسن النوايا فى أمور تهين الوطن وتسبب البلبلة غير مطلوبة نهائيًا مصداقًا لقوله تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ" سورة الحجرات آية 6
وكتبت هذه البوستات على صفحتى سأنشرها كما هى لنتعلم كيف نتعامل مع الأخبار الغير موثوق بها والتى تصدر أغلبها عن مواقع مغمورة ولا تتضمن تصريًا لمسئول فى الدولة.
البوست الأول "اتصل بى العديد من الزملاء الصحفيين الأفاضل ومعدين من الفضائيات للرد على ما أثير عن سانت كاترين ورفضت الرد وعندى مجلدات حتى لا أساهم فى نشر خبر مفبرك وصدق إحساسى"
البوست الثانى "هناك طابور خامس يلعب فى الخفاء لنشر الإشاعات لإحداث بلبلة كلما بدأت الأمور تستقر وأنا أثق تمامًا أن خبر تغيير اسم سانت كاترين إشاعة وياريت مسؤول يعلن هذا قبل أن يقوم الطابور الخامس باستغلال ذلك لصالحه"
البوست الثالث "قال الأب لابنه يابا علمنى الغلاسة قالوا تعالى فى الهايفة واتصدر خبر غير موثوق به بدأت تتناقله المواقع عن تغيير اسم سانت كاترين لن يصرح به أى مسؤول"
البوست الرابع "إشتكى أولاد جحا من الجوع فأوهمهم أن جارهم عنده لحمة وحين صدقوا جرى وراءهم لينال قطعة وهكذا تعاملنا مع خبر غير موثوق به عن تغيير اسم سانت كاترين، ارحمونا"
وفور نشر محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة التكذيب نشرته فورًا على صفحتى قائلًا "كنت متأكد أنها شائعة ونصحت الجميع بالتمهل لكن البعض غاوى الاصطياد فى الماء العكر، شكرًا معالى المحافظ المحترم اللواء خالد فودة على إخماد الشائعات ولا عزاء للطابور الخامس الذى ينخر فى عظام الأمة وتحيا مصر"
ومن هذا المنطلق يجب أن يكون تعاملنا مع الشائعات، لا نساعد فى نشرها على الفيس بوك ونمر عليها كأننا لم نرها، وبالنسبة للزملاء الصحفيين ال برجاء التواصل مع المصادر الحقيقية للمعلومة وترك مصدر الخبر فهو المتسبب فى الشائعة، فمثلًا خبر سانت كاترين لو اتصل أحد الصحفيين بمحافظة جنوب سيناء سيجد الرد الصحيح فورًا.
النقطة الثانية وهى تجاوب الوزرات والمصالح الحكومية والجهات المختلفة مع الصحفيين خاصة حين الحاجة للرد على أخبار هامة أو شائعات ولكن للأسف هناك مسئولين يغلقوا هواتفهم خوفًا من الرد فيؤكد الإشاعة وهو يعلم أن الرد السريع مهمته الأولى .
النقطة الثالثة وهى مناقشة تشريع بمجلس النواب لتجريم نشر الشائعات ويمكن عن طريق التكنولوجيا الحديثة معرفة المصدر الأول للشائعة وكذلك تجريم من يساهم فى انتشارها عبر الفيس بوك أو نشر أخبار ملفقة مبنية على الشائعة نفسها.
النقطة الرابعة محاسبة أى مسئول حكومى يرفض الرد على الصحفيين ومطالبة أى مصلحة بتوفير كافة البيانات للصحفيين ومحاسبة من يتهرب من ذلك وهناك معلومات سرية بالطبع من حق الوزرات عدم نشرها أمّا كافة المعلومات العادية كالإحصائيات والمادة العلمية وغيرها فتصبح متاحة على المواقع الإلكترونية لكافة الهيئات.
النقطة الخامسة عدم التضييق على العاملين بالهيئات المختلفة بتعليمات عدم التصريح لوسائل الإعلام فلا يجد الصحفى غير المسئول الكبير الذى يغلق هاتفه معظم الوقت ربما لانشغاله أو اتقاءً وبعدًا عن المشاكل فيلجأ الصحفيون إلى عديمى الخبرة مما يساهم فى نشر معلومات خاطئة .

