recent
أخبار ساخنة

علم التنقيب عن الآثار

 علم التنقيب عن الآثار




كتب د.عبد الرحيم ريحان

هوس التنقيب عن الآثار والذى ازدات حدته بعد نكبة 2011 دفع الكثيرون خاصة فى القرى والأماكن المتطرفة على الحفر تحت منازلهم أو أراضيهم بحثًا عن الآثار لتهريبها للوصول إلى الثراء السريع ومعظم هؤلاء ينتهى بهم الحال إلى كارثة إمّا أن يدفن هو وأسرته فى نفس المكان وكأنه يحفر مقبرته، وإمّا ينصب عليه أحد الدجالين ليقتل أحد أبنائه أو زوجته كما حدث مؤخرًا حتى تنفتح المقبرة وإمّا أن يقبض عليه وإمًا لا يجد شىء لأن التنقيب له أصول علمية ودراسات مسبقة لا يقوم عليها إلّا المتخصصون، ومن هذا المنطلق كانت دراسة الآثارية عزة عوض بكلية الآثار بصان الحجر جامعة الزقازيق عن أصول التنقيب العلمى عن الآثار


تشير الآثارية عزة عوض إلى أن عِلم الحفائر والتنقيب عن الآثار وضع قواعده وأصوله العالم البريطانى "السير ويليام"، المُتوفَى عام (١٩٤٢م)، ويستند عِلم التنقيب عن الآثار على دراسة المخطوطات، الكُتب القديمة، لاسيما التاريخي منها؛ حيثُ تُوضح المناطق التي قامت فيها تلك الدول والحضارات، ولا يزال كِتاب "هيرودوت" هو عمدة الكتب في هذا الشأن، وكذلك فهي تُساعد في الوصول إلي اللغات القديمة، وقراءة رسومها وفك رموزها مما يُعين على تحقيق هذه الغاية، ويُعتبر ما يتناقله الرواة، والسكان الحاليون عظيم الشأن في هذا الأمر؛ فقد يلتمس المُنقب من أقوالهم، وأساطيرهم شيئًا ما قد يفيده، ويُساعده على الوصول إلى تفسيرًا منطقيًا لقضيةٍ ما تجول في خاطره، كذلك فإن ما يشاهده المُنقب في رحلاته بين أيدي السكان السُذج من مُقتنيات آثارية من المدافن والمعابد وغيرها، فقد يكون بيد الساذج منهم جُمجمة بشرية أو إناء خزفيٍ أنيق، أو قطعة نقود أو قرط ذهبي، وسواءً كانوا يعرفون أم لا يعرفون قيمتها، فهي تظل ذات قيمة مادية، وفنية، ووثيقة آثارية مُهمة.

وعندما يقوم المُنقبون الآثاريون بالبحث عن الآثار الناتجة عن حفر الترع بعد جفافِها، أو تهدم الدور القديمة، فقد يجد صناديق، وأكفان، وآنية، وأدوات، حتي وإن كانت زهيدة في شكلها العام فهي تدُل على صراع فِكري وحضاري أصيل، كذلك فإن ما تكشف عنه طبقات الأرض، وما يُوضحه لنا عِلم الچيولوچيا من صخور، وأحافير، وعلم الطب، والعلوم الزراعية، والهندسية وغيرها فهي تُفسر لنا الكثير والكثير من أسرار حياة الإنسان القديم، فعلى سبيل المثال تكون الجهة الغربية من موقع أي مدينة مطمورة، أو حضارة بائدة هي مكان الدفن، والمقابر الخاصة بها، ومما يدل على ذلك الموقع أنه متى كان العشب الذي ينمو فوقها أشد خُضرة من العشب الذي ينمو في مكان آخر، وهُنا تأتي مرحلة جس طبقة الأرض، أو الطَّرق عليها حين يظن الآثاري المُنقب أن هذه المنطقة آثارية.





أما بالنسبة إلى عوامل الكشف عن المواقع الآثارية، فلقد ساعد الطيران المنقبين في كشف تلك المواقع الآثارية، والتي كانوا قد عجزوا في الوصول إليها من خلال وسائل النقل الأخرى، ويتم الإستدلال على هذه المواقع عن طريق أشياء صغيرة، إذا استقرأها المُنقب، ساعدته في أن يُنقب في الموقع الآثاري الصحيح، ومثالًا على ذلك تَبَيُن أن مطالع الجدران الآثارية رقيقة؛ إذ إن هذا يدل على أنها جدران لدار مؤلفة من طابق واحد، أمّا الجدران السميكة فإنها تُشير إلى أن المنزل كان من طابقين، أو أكثر، كذلك فيُساعد قياس قاعدة أحد الأعمدة على معرفة إرتفاع المبنى، وقد استطاع العلماء رسم بناء معبد كامل بعد قياس قاعدة أحد أعمدته، وبقايا أحد جُدرانه، والجدير بالذكر أنه قد تم رسم قصر الملك "اخناتون" استنادًا إلى هذه الطريقة، ويُستدل من التراب الأرجواني الناتج عن الحفر، أو الظاهر علي الطبقة التي وصلنا إليها إلى أن هذا الموقع به إناءً فضيًا، وقد عمد المنقبون في منطقة "أور الكلدانية" إلى صب الجبس في حُفرتين غائرتين، وبعد أن تم جفافه ظهر أنموذج لقيثارة يُرجح أنها صنعت في (٣٢٠٠ق.م)، كما أنه كان على الأرض آثار لخطوط ضئيلة، وهي آثار أوتار القيثارة، ومما تُظهره الأطلال، وبقايا المقابر ورسومها، مرتبة ومكانة تلك الحضارة القديمة، وحالة السكان بها من فقر، ورغادة، وحروب، وكوارث، وغيرها؛ فلقد أظهرت الحفائر في بلاد "الإسكيمو" عن حضارة بائدة راقية.

وقد تقدم علم الآثار تقدمًا كبيرًا، وخصصت له الحكومات، والجمعيات العِلمية، والأغنياء الأموال الكثيرة، وقد استهوى هذا العلم الكثيرون، كذلك فلقد تدرب على عِلم التنقيب عن الآثار الكثير والكثير- المُتخصص وغير المُتخصص، ومنهم العُمال المصريون- وأكثرهم من "قِفط" بمحافظة قِنا، فقد رأيناهم يعرفون أين توجد الآثار، وما نوعها، وأحيانًا تأريخها، وقراءة النقوش الواردة بها، وكانوا أنفسهم مرشدين للعلماء المُنقبين ذاتهم.

ولابد في النهاية أن نذكر الأدوات الخاصة بالتنقيب عن الآثار فهي بمثابة شنطة الإسعافات الأولية بالنسبة للطبيب؛ وهي الفئوس، والمجارف، والمعاول، والمقاطف، وعربات نقل الأتربة، والميكرسكوب، والمنظار المُكبر، والقواطع، والمقصات، والسكاكين، وفرش تنظيف الآثار من التراب، وبعض المواد الكيمائية اللازمة لإختبار بعض مواد الآثار، وأقلام الرصاص، والدفاتر، كذلك فلابد من أن يصحب العُلماء المنقبون، المهندسون، والمصورون، والآثاريون، والصحفيون، والأطباء، ولابد من وجود طلبة الجامعات من كُليات الآثار لمعرفة طريقة العمل، فهم مُنقبي المُستقبل، هذا بالإضافة إلى كبار رجال الدولة وضيوفها عند الكشف عن مكانٍ أثريٍ مُهم؛ وذلك حتي يكون له صداه في العالم أجمع.


google-playkhamsatmostaqltradentX