اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

تهريب الآثار إلى أين وكيف يتوقف؟

 تهريب الآثار إلى أين وكيف يتوقف؟





كتب - د . عبد الرحيم ريحان


تهريب الآثار حاليًا يتم أغلبه عن طريق الحفر خلسة الذى انتشر بشكل جنونى بعد فوضى 2011 وفى ظل انتشار فتاوى دينية تحلل هذا العمل الإجرامى، وأن الآثار المهربة ناتج الحفر خلسة يستحيل استرجاعها إلا بالعلاقات الودية لأنها غير مسجلة أمّا الآثار التى تسرق من المتاحف أو المواقع الأثرية فهى مسجلة ويسهل عودتها حين ظهورها فى أى مكان فى العالم كما أن هناك آثارًا فى حيازة أصحابها ومعظمهم يقوم بتدمير دفاتر الحيازة لتسهيل تهريبها وهى من الآثار الصعب استرداها أيضًا .



وجاءت الفتاوى من غير المتخصصين بأن الآثار تعتبر من الركاز فى الإسلام وهو ما وجد مدفونًا فى الأرض من مال الجاهلية

ويقصد بها حضارات ما قبل الإسلام، وقد أوجب الشرع فيه عند استخراجه الخُمس زكاةً والباقى لمن استخرجه إن كان استخراجه من أرضٍ يملكها أو من خرِبة

 أو من أرض مشتركة كالشارع وغيره.





ولكن هذا التعريف لا ينصب على الآثار لأن الآثار تضم مقتنيات من مواد وأشكال مختلفة ولا تقتصر على العملات فقط كما أن تحديد فترة تاريخية للركاز لما قبل الإسلام يؤكد أن الآثار ليست ركازًا لأن الآثار تضم كل العصور التاريخية بما فيها العصر الإسلامى، وأن علماء الدين أنفسهم حذروا من الطرق غير الشرعية لاستخراج هذه الكنوز من الاستعانة بالسحرة والكهنة والمشعوذين مما يوجب استحقاق الإثم العظيم على فاعله وبالتالى فإن التنقيب للبحث عن الكنوز حرام شرعًا لأنه يؤدى بصاحبه إلى اقتراف الذنوب والتهلكة.



وأن إقامة الجدار المذكورة فى سورة الكهف آية 77 والذي يتخذها البعض للخلط بين الآثار والركاز،هى تأكيد القرآن الكريم على أن الركاز يختلف عن الآثار وأن هناك دعوة للحفاظ على تراث الأجيال القادمة حيث أقام العبد الصالح الجدار ليحمي ما تحته من كنوز ليستخرجها أصحاب الحق فى ذلك، وصاحب الحق فى استخراج الآثار هى الدولة فقط ممثلة فى الجهة المعنية بذلك وليست الأفراد مما يعنى التحريم القطعي للأفراد للبحث عن هذه الكنوز .





ويتوافق الجانب التشريعى تمامًا مع التفسير الدينى، حيث جاء في المادة 32 من قانون حماية الآثار رقم 117 لسنة 1983 وتعديلاته "يتولى المجلس (المجلس الأعلى للآثار) الكشف عن الآثار الكائنة فوق سطح الأرض، والتنقيب عما هو موجود منها تحت سطح الأرض وفى المياه الداخلية والإقليمية المصرية، ويجوز للمجلس أن يرخص للهيئات العلمية المتخصصة والجامعات الوطنية منها والأجنبية بالبحث عن الآثار أو التنقيب فى مواقع معينة ولفترات محددة، وذلك بعد التحقق من توافر الكفاية العلمية والفنية والمالية والخبرة الآثرية، ويكون لهذه الهيئة حق النشر العلمى فقط للآثار المكتشفة .



وبدأت العصابات الدولية تتبنى هؤلاء العملاء المهوسين بالحفر خلسة لتطور لهم عمليات التنقيب عن طريق استخدام أدوات حديثة ومتطورة منها أجهزة حديثة للكشف عن المعادن مخصصة فى الأصل لاستخدامات الجيولوجيين ومهندسى البترول، لكنها أصبحت متداولة فى أيدى المنقبين وهناك شركات تعلن عن هذه الأجهزة صراحة مثل شركة «فيوتشر تريجرز» العالمية موضحة 

"إن الجهاز يحدد نوعية الكنز على أفضل وجه وحجمه وعمق تواجده ونوعه وشكله، كل هذا بدقه عالية قبل استخراجه، فالجهاز يعمل بأنظمة ذى تقنية عالية متعددة الوظائف وسهلة الاستخدام، وتحتوى على نظام الكشف بالتصوير المباشر والاستشعار بعيد المدى" ويصل عمق الجهاز إلى 1200 متر فى باطن الأرض ومدى أمامى ألفى متر والسعر 8500 دولار، وشركة أخرى تدعى «ميجا اسكان برو» تروج لجهاز الكشف والتنقيب عن الذهب يمسح ويحلل طبقات التربة بتصوير ثلاثى الأبعاد للكشف عن الكنز، مع نظام استكشاف بعيد المدى وذلك مع عدم وجود حظر وعقوبات رادعة لاستيراد أجهزة الكشف عن المعادن وحيازتها .






وهناك العديد من المواطنين يقتنون آثارًا ورثوها عن أهلهم جمعوها قبل قانون حماية الآثار 173 لسنة 1983 وتعديلاته، فمنهم الوطنيون الذين يسلموا هذه الآثار إلى وزارة السياحة والآثار ومعظمهم يقوم بتهريبها وهى غير مسجلة بالطبع أو الإبقاء عليها سرًا حتى تتعدل التشريعات، حيث أن مكافأة تسليم الآثار هزيلة جدًا، وطبقًا للمادة 24 من قانون حماية الآثار 117 لسنة 1983 وتعديلاته فإن الحالات التي توجب المكافأة هي العثور على أثر منقول مصادفة وإخطار أقرب سلطة إدارية والعثور على جزء أو أجزاء من أثر ثابت وإخطار أقرب سلطة إدارية وطبقًا للمواد 24 و44 من قانون حماية الآثار، فإن المجلس الأعلى للآثار هو الجهة التي تمنح المكافأة مقابل الإبلاغ عن العثور على أثر وذلك بعد قيام اللجنة الدائمة المختصة بتحديد قيمة المكافأة.



وأشار الدكتور محمد عطية هواش مدرس بقسم الترميم بكلية الآثار جامعة القاهرة وباحث دكتوراه في القانون الدولي الخاص أنه من عيوب المواد 24 و44 من قانون حماية الآثار هى تحديد مدة 48 ساعة للإبلاغ عن العثور علي أثر من لحظة العثور عليه وهى فقرة ليس لها أي فائدة حقيقة لأن الشخص الذي عثر علي الأثر هو منفردًا من يعرف وقت العثور عليه ويجب إلغاء المدة المحددة كما أن نص المادة 24 44 جعل قيمة الأثر احتمالية وبالتالي إعطاء المكافأة احتماليًا أيضا حيث نصت المادة 24 " وللمجلس إذا قدر أهمية الأثر أن يمنح من عثر عليه وأبلغ عنه مكافأة تحددها اللجنة الدائمة، كما نصت المادة 44 على "يصبح الأثر فور العثور عليه ملكًا للدولة ممثلة في المجلس ويجوز له تقدير مكافأة لمن عثر عليه تحددها اللجنة الدائمة وفقا لأهمية الأثر" وبذلك فالمكافأة احتمالية .



وبناءً عليه فإن هناك حاجة ماسة لتغليظ عقوبة الحفر خلسة فى المادة 44 من القانون التى تنص على أنه يعاقب بالسجن المشدد وبغرامة لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه كل من قام بأعمال حفر بقصد الحصول على الآثار دون ترخيص أو اشترك فى ذلك، ويعاقب بالسجن المؤبد، والغرامة؛ التى لا تقل عن 50 ألف جنيه ولا تزيد على 100 ألف جنيه إذا كان الفاعل من العاملين بالمجلس الأعلى للآثار أو من مسئولى أو موظفي 

أو عمال بعثات الحفائر أو من المقاولين المتعاقدين مع المجلس أو من عمالهم» لتكون عقوبة التنقيب عن الآثار بشكل عشوائى وغير علمى ودون ترخيص من المجلس الأعلى للآثار السجن المؤبد والإعدام لو كان من العاملين بالآثار.





وعلى المستوى المحلى فهناك حاجة لتعديل بنود قانون حماية الآثار بإضافة بنود جديدة بأحقية إنشاء المجموعات والمتاحف الخاصة بأن كل شخص لديه آثار من ممتلكاته تقوم وزارة السياحة والآثار بتسجيلها والسماح له بإنشاء متحف خاص أو مجموعة خاصة باسمه له الحق فى عرضها والتربح منه كمتاحف مستقلة أو تابعة لمؤسسات أو جامعات أو داخل قاعات مجهزة تحت إشراف وزارة السياحة والآثار وبذلك تضمن الوزارة خروج كل القطع الأثرية المخبئة من ممتلكات شخصية فى مصر إلى النور ومنع تهريبها والاستفادة منها ماديًا بزيادة الثروة المتحفية فى مصر العامة والخاصة

 وكذلك هناك حتمية لتدخل القوات المسلحة بمعداتها لحماية المواقع الأثرية ومنه الحفر خلسة والتهريب خاصة فى المناطق النائية، وإنشاء شرطة خاصة تحت اسم "شرطة مكافحة تهريب الآثار" تكون مهمتها منع تهريب وسرقة الآثار وتحويل إدارة الآثار المستردة بوزارة السياحة والآثار إلى هيئة مستقلة تضم آثاريين وقانونيين متخصصين فى القانون الدولي .



وعلى المستوى الدولى مطلوب الاتفاق مع الدول العربية والدول الصديقة المتضررة من نهب آثارها بتعديل بنود اتفاقية اليونسكو 1970 الخاصة بمنع الإتجار غير المشروع بالممتلكات الثقافية وإعادة النظر فى اتفاقية حقوق الملكية الفكرية لتشمل التراث المادي .


google-playkhamsatmostaqltradent