عالم بدرجة إنسان...فاروق الباز يعرف قيمة المرأة
كتبت مريم محمود
في مثل هذا اليوم بتاريخ ٢ يناير عام ١٩٣٨م وفي مدينة الزقازيق، ولد بمصرنا الحبيبة طفل نابغة، نشأ عالِم من طراز فريد، تصح عليه الآية الكريمة (إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ)، عالمنا الدكتور فاروق الباز الرائد في عالم الفلك والجيولوجيا.
حصل الباز على شهادة البكالوريوس من كلية العلوم (كيمياء -جيولوجيا) جامعة عين شمس بمصر عام ١٩٥٨م، ثم حصل على شهادة الماجستير في الجيولوجيا عام ١٩٦١م من معهد علم المعادن بميسوري الأمريكية، ومن ثم نال شهادة الدكتوراة عام ١٩٦٤م وتخصص في الجيولوجيا الاقتصادية.
شغل العالِم المصري فاروق الباز العديد من المناصب، من بينها نائب رئيس قسم العلم والتكنولوجيا في مؤسسة آيتك لأجهزة التصوير بمدينة لكسنجتون، بولاية ماساتشوستس، ومدير مركز تطبيقات الاستشعار عن بعد في جامعة بوسطن بالولايات المتحدة الامريكية، وعمل بالإضافة إلى ذلك مستشار علمي للرئيس السادات ما بين ١٩٧٨ – ١٩٨١م، وتقلد العديد من المناصب العلمية بالجامعات والمؤسسات
في البلدان المختلفة.
ولكن خلال الفترة من عام ١٩٦٧م إلى ١٩٧٢م عمل الدكتور فاروق الباز في معامل بلّ بواشنطن كمشرف على التخطيط للدراسات القمرية واستكشاف سطح القمر، حيث شارك في تقييم برنامج الوكالة الوطنية للطيران والفضاء "ناسا" للرحلات المدارية للقمر، إلى جانب عضويته في المجموعات العلمية التدعيمية لإعداد مهمات رحلات أبوللو على سطح القمر .
الدكتور فاروق الباز مثال يحتذى به في الاجتهاد وتحقيق الأهداف ، حيث قام بجهد فردي خاص به أجاد واحتل مكانه المستحق بجدارة في الصدارة، وهو صاحب مقولة "لسنا وحدنا في هذا الكون" وهي دعوة لاحترام العلم والعمل الدائم لاكتشاف كل ما هو جديد في الكون ، ورفع الغطاء عن الأفكار مهما شتت، فمن حق العلم أن يتمتع بكل شغف الأفكار لعل ما هو خطأ الآن يصح في المستقبل.
دكتور فاروق الإنسان العالم يعرف جيدًا قيمة المرأة وما تمثله من دعائم وقوة منذ فجر التاريخ.. فيدعو للمساواة بين الرجل والمرأة في المناصب المختلفة مشيرًا إلى أن قيمة البلدان وحضارتها تصنف بالدور الذي تلعبه المرأة في مجالات العمل المختلفة.. ودلالة تقدم الشعوب بمناصفة المرأة للرجل في كل المناصب.
كما تحدث دكتور فاروق بكل السعادة عن الرحلة المزمع إطلاقها للقمر باسم ارتميس وسر سعادته أنها تمنح للمرأة الحق بالصعود لأول مرة إلى سطح القمر مساواةً بالرجل... وأشار إلى أن ارتميس هي أخت أبولو التوأم، فلطالما خرجت رحلات للقمر باسم أبولو.
ومع ذكر المرأة ، صرح الدكتور الباز عن أهم شخصية مؤثرة في حياته منذ صغره فقال: "صاحبت الملوك.. وجالست الرؤساء.. وعايشت العلماء.. لكن أفضل إنسان وجدته في عقله كانت أمي"
ومن أجمل ذكرياته الإنسانية أنه أخذ والدته لزيارة مركز ناسا في فلوريدا حيث تنطلق رحلات القمر.. ولأن مدير المركز كان صديقه دعا والدته لمكتبه لتحيتها.. وبدأ نقاش بين الوالدة ورئيس المركز.. اضطر خلاله أن يطلب ٦ من روساء الأقسام للإجابة عن أسئلة والدة الدكتور مع العلم أنها لم يسعدها الحظ بالتعلم ظل النقاش طوال اليوم... وبعد انتهاء يوم العمل تعلقت بذراعه طول الطريق من مركز ناسا اللي الفندق فخرًا بولدها وقالت أن الله أمد في عمرها حتى "عرفت عن أبولو مالم يعرفه أحد" وعلق دكتور فاروق أنها كانت على حق رحمها الله.
من الجدير بالذكر أن الدكتور فاروق الباز فكر في عمل مجتمعي جديد يقوم به لمنفعة وطنه والارتقاء به ، فعمل على انشاء (مؤسسة فاروق الباز) وهي جمعية تطوعية بغرض العمل على محو الأمية ، وبالفعل تم الاحتفال ب ٤٨ عامل لنيل نور العلم وتخلصهم من ظلام الأمية.
وتتوالى الإنجازات العلمية والإنسانية للرائد والعالم الكبير الذي لابد من ذكره والاحتفاء به في يوم ميلاده فاروق الباز الذي هو مصدر للفخر لوطنه وأهله ، وبما يخلف من بعده من علماء وخبراء في الفلك والجيولوجيا، رغبة منه بالإسهام في تأهيل الأجيال القادمة من الشباب - رجال ونساء - وعملًا بقول والده المثقف ذو الحكمة "أعطِ حتى تُعطَى"، و عندما يكون العالم إنسان وعالم حقيقي تتواضع نفسه ويصبح كمثال وقدوة.