الحلاج
زينب مصطفى
الحلاج شخصية مثيرة للجدل حتى يومنا هذا وأكتفى البعض بتكفيره بالاعتماد على ما قيل علي لسانه من أقوال و أشعار
بينما سعى بعضهم إلى تبرئته بالرغم بأن ما قيل على لسانه لا أساس له من الصحة
وأنه كلام مدسوس عليه.
أما أتباعه فإنهم يقدسون أقواله و يؤكدون نسبتها إليه و لكنهم يقولون :
أن لها معاني باطنة غير المعاني الظاهرة
وأن هذة المعاني لا يفهمها سواهم
بينما جنح المستشرقون الى تفسيرات أخرى و جعلوا منه بطلا ثوريا شبيها بأساطير الغربين.
من هو الحلاج ؟
هو أبو المغيث الحسين بن منصور بن محمي الملقب بالحلاج
شاعر صوفي من شعراء الدولة العباسية يعد من رواد التصوف في العالم العربي والإسلامي.
و أشتهر بقوله : (أنا الحق) و الذي أعتبره الكثيرون إدعاء بالالوهية بينما فسره أخرون على أنه حالة من إبادة الأنا
والسماح لله بأن يتكلم من خلاله.
ولد الحلاج في عام
(858 م _ 244 هجري)
وتوفي في عام (922 م _ 309 هجري)
أكتسب الحلاج عددا كبيراً من الاتباع كخطيب قبل أن يتورط في صراعات السلطة مع البلاط العباسي و التي أعدم على أثرها بعد فترة طويلة من الحبس بتهم دينية و سياسية على الرغم من أن معظم معاصريه الصوفيين لا يوافقون على أفعاله إلا أن الحلاج أصبح فيما بعد شخصية رئيسية في التقليد الصوفي.
يعتبر الحلاج من أكثر الرجال الذين أختلف في أمرهم، و هناك من وافقوه و فسروا مفاهيمه .
هناك خلاف في أصله أعربي أم فارسي
وترجع بعض المصادر نسبه الي الصحابي (أبي أيوب الأنصاري)
هو من أهل البيضاء و هناك خلاف حولها هل هي البلدة التي ببلاد فارس، أم البلدة التي في جنوب العراق و هو ما رجحته الدراسات الأكاديمية، نشأ في مدينة (واسط) التى تبعد 180 كيلو متر جنوب بغداد في العراق، حيث ذكر أن الحلاج من أهل البيضاء، و هكذا فإنه عراقي المولد
والمنشأ بالرغم من إدعاء البعض بفارسيته و التي لا يؤيدها البحث التاريخي.
ثم أنتقل الى البصرة قبل وروده بغداد
وهو في الثامنة عشرة من عمره.
سبب تلقيبه الحلاج أنه كان حلاج الأسرار أي يخبر عن أسرار الناس و قيل أن السبب أنه ذهب إلى دكان حلاج و أراد أن يعمل له عملا فاعتذر لأنه مشغول فقال له الحسين بن منصور الحلاج أنا أبقى في دكانك أحلج و أنت تذهب لقضاء عملي.
نشأ الحلاج في واسط ثم دخل بغداد
و تردد الى مكة و أعتكف بالحرم فترة طويلة و أظهر للناس تجلدا و تصبرا على الجوع و التعرض للشمس و البرد.
و كان الحلاج يظهر للغوغاء ملونا لا يثبت على حال، إذ يرونه تارة بزي الفقراء
و الزهاد و تارة بزي الأغنياء و الوزراء
و تارة بزي الاجناد و العمال.
وقد طاف البلدان ودخل المدن الكبرى
و أنتقل من مكان لآخر داعياً على طريقته فكان له أتباع في الهند و في خراسان
و في بغداد و في البصرة.
و قد أتهمه مؤرخو أهل السنة بأنه كان مخدوما من الجن و الشياطين و له حيل مشهورة في خداع الناس ذكرها ابن الجوزي و غيره، و كانوا يرون أن الحلاج يتلون مع كل طائفة حتى يستميل قلوبهم
وهو مع كل قوم على مذهبهم ، إن كانوا أهل سنة أو شيعة أو معتزلة أو صوفية
أو حتى فاسقا .
روي أسماعيل بن علي الخطبي في
( تاريخه) قال : ظهر أمر رجل يعرف بالحلاج يقول له الحسين بن منصور و كان في حبس الخليفة و ذلك في وزارة علي عيسى و ذكر عنه ضروب من الزندقة ووضع الحيل علي تضليل الناس من جهات تشبه الشعوذة و السحر و إدعاء النبوة .
و أنتهى خبره الى الخليفة العباسي المقتدر بالله فلم يقر بما رمي به من ذلك فعاقبه وصلبه حيا أياما متتالية و أقام في الحبس سنين كثيرة ينقل من حبس الي حبس حتى سجن في النهاية بدار السلطان.
فأمر الخليفة العباسي بقتله و إحراقه بالنار فضرب بالسياط نحوا من ألف سوط
و قطعت يداه و رجلاه وضربت عنقه
وأحرقت جثته بالنار و نصب رأسه للناس علي سور الجسر الجديد و علقت يداه
و رجلاه الي جانب رأسه.
و يذكر (مصطفي جواد) أنه بعد حرق جثته تم دفن ما تبقى منها في القبر المعروف في بغداد.
و قال ابن تيمية :
من أعتقد ما أعتقده الحلاج من المقالات التي قتل الحلاج عليها فهو كافر مرتد باتفاق المسلمين فإن المسلمين إنما قتلوه على الحلول و الإلحاد كقوله :
(أنا الله)
و قوله
( إله في السماء وإله في الأرض)
و قال عنه أبو حسن الشاذلي : أكره من العلماء تكفير الحلاج و من فهم مقاصده فهم مقصدي.
فهل كان الحلاج عابدا تقيا زاهدا؟
هل كان الحلاج كافرا زنديقا و دجالا
و ساحرا؟
هل كان مقتله بسبب صراعه السياسي
مع الخليفة العباسي؟
وهل تاب الحلاج قبل قتله أم لا؟
الكثير من التسأولات التي لم نجد لها إجابة حتي الآن .
والله أعلى و أعلم .
و رغم شخصيته المثيرة للجدل و الإختلاف عليه.
بقيت أشعار الحلاج ليومنا هذا تعبر عن عشقه للذات الإلهية.


