اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

لماذا ارتكب الاحتياطي الفدرالي هذا الخطأ التاريخي الفادح


 لماذا ارتكب الاحتياطي الفدرالي هذا الخطأ التاريخي الفادح




 لماذا ارتكب الاحتياطي الفدرالي هذا الخطأ التاريخي الفادح


ترجمة_ أمنية مشاضي


تناولت افتتاحية (The Economist) في عددها بتاريخ 23 ابريل 2022 ما وصفته بخطأ تاريخي ارتكبه الفدرالي الأمريكي موضحتا ما هو ولماذا ارتكبه وتأثيره على الاقتصاد الأمريكي والعالمي على النحو التالي:

من حيث يفترض بالبنوك المركزية ان تكون مصدرا للأمان والاستقرار في الاقتصاد من خلال الحفاظ على مستوى منخفض من التضخم، يعاني الاحتياطي الفدرالي الأمريكي من حالة فقدان السيطرة لم يشهدها من قبل، حيث ارتفع الرقم القياسي لأسعار المستهلكين بواقع 8.5% عن نظيره في العام السابق وهو يعتبر المعدل الأعلى للزيادة السنوية منذ عام 1981 وبعدما كان التضخم يعني فقط أصحاب المكاتب الفارهة أصبح الشغل الشاغل لخمس الأمريكيين.

وبينما بدأ الرئيس الأمريكي جو بايدن في السحب من الاحتياطي الاستراتيجي للبترول في محاولة لكبح ارتفاع أسعاره انشغل الديموقراطيون في القاء اللوم على القادة الجشعين وعلى فلاديمير بوتين.

فبالرغم من امتلاك الفدرالي الأداة لبح التضخم الا انه لم يستخدمها في لوقت المناسب لتكون النتيجة هي هذا التفاقم والغضب غير المسبوق طوال 30 عاما هي العصر الذهبي لتولي البنوك المركزية لمهمة التحكم في التضخم.

ومع هذا فان الجيد في الامر ان التضخم وصل أخيرا لذروته، ولكن لازال المعدل المستهدف من قبل الفدرالي وهو 2% بعيد المنال. 

بينما يبرر المدافعون عن الفدرالي بان المشكلة عالمية مستشهدين بما تعانيه دول الاتحاد الأوروبي من ارتفاع سنوي في الأسعار وصل الي 7.5% وفي بريطانيا 7% بالإضافة الي ارتفاع أسعار السلع الأساسية هناك خاصتا بعد الحرب الروسية الاكرانية. حيث يعزى ثلاثة ارباع التضخم في منطقة اليورو الي الارتفاع الصاروخي في أسعار الغذاء والوقود.

بالرغم من ذلك استفادت اميركا من مخزونها الوفير من الغاز الصخري وارتفاع دخلها مما خفض من تأثير المواد الغذائية الأساسية على مستوى الأسعار. فإذا قمنا باستبعاد الطاقة والغذاء فإن التضخم في منطقة اليورو يصبح 3% بينما في أمريكا هو 6.5%.

كما ان سوق العمل الأمريكي مختلف عن الأوروبي، فهو محموم للغاية وترتفع فيه الأجور بمقدار 6% وعلى الرغم من انخفاض أسعار النفط والسيارات المستعملة والشحن يعكس انخفاضا مرتقبا في التضخم في الأشهر المقبلة الانه سيظل مرتفعا ومدفوعا الي ذلك.

اختارت أمريكا طريقا فريدا عندما قرر الرئيس جو بايدن صرف حافز نقدي مبالغ فيه بمقدار 1.9 ترليون دولار في مارس 2021 وهو ما سبب ضربة جديدة للاقتصاد الذي كان قد أوشك على التعافي من أثر دفعات الدعم والانفاق السابقة ليصبح اجمالي ما تم ضخه كمساعدات لمواجهة الجائحة يقدر ب 25% من الناتج القومي الإجمالي الأمريكي وهي الأعلى على الاطلاق بين دول العالم المتقدم.

فبينما كان البيت الأبيض ينطلق بقوة وبسرعة كان يجب على الفدرالي ان يشد المكابح فورا، وهو ما لم يحث، ربما يرجع التردد وقتها الي صعوبة التنبؤ بمسار الاقتصاد اثناء الوباء بالإضافة الي ميل صانعي السياسات الي خوض الحرب الأخيرة.

كما عكس الفشل الفدرالي حاله من الإحساس بالغدر اصابت البنوك المركزية العالمية، فبينما كان يتمنى الكثيرون يشعرون بالإحباط كونهم يعملون على إدارة دورة الاعمال ويتمنون لو كانوا بصدد أمور اكثر أهمية كمكافحة اثر التغير المناخي او تعدين العملات الرقمية كان الفدرالي يطلق وعودا بان يحقق انتعاشا واسع و شامل النطاق متجاهلا ما يدركه جيدا أي طلب اقتصاد من حقيقة ان البطالة و نقص التشغيل الناتج عن التضخم ليس شيئا يمكن ان يتحكم فيه البنوك المركزية.

في عام 2020 تعهد الفدرالي بعدم رفع الفائدة حتى تصل معدلات التشغيل الي معدلاتها المستدامة القصوى. ودعمه في ذلك ناشطون يساريون الذين أرادوا إضفاء روح المساواة على واحدة من المؤسسات الوظيفية القليلة في واشنطن.


وكانت النتيجة فوضى يحاول الفدرالي الان فقط التعامل معها، فقد توقعت ان يقوم برفع الفائدة في ديسمبر 2021 بمقدار 0.75 نقطة مئوية من الزيادة التي قام برفعها هذا العام.

اليوم يستهدف الفدرالي زيادة الفائدة بمقدار 2.5 نقطة وهو ما يعتقد كلا من صانعي السياسات والأسواق المالية انها كافية للسيطرة على التضخم، وها هم غالبا متفائلون مجددا، حيث ان الطريقة المثلى لتغلب على التضخم هي رفع المعدلات الي على من قيمتها العادية – متوقع ان تكون ما بين 2 و3 % - بما يزيد عن معدل التضخم الأساسي وهذا يعني معدل تمويل الفدرالي 5-6% وهو ما لم يحدث منذ 2007.

المعدلات المرتفعة من شأنها السيطرة على ارتفاع الأسعار، ولكن في ظل التحكم في الركود وحسن التعامل معه. خلال الستون سنة الماضية اختبر الاحتياطي الفدرالي 3 مواقف قام فيها بتقييد الاقتصاد الأمريكي بشكل كبير دون التسبب في مضاعفات الركود، ولكن لم يفعل ذلك ابدا بعدما ترك التضخم يصل الي ما وصل اليه اليوم.

إذا يعتبر الانكماش الأمريكي أحد ثلاث أخطار يواجها الاقتصاد العالمي بجانب ازمة امن الطاقة في أوروبا ومكافحة الصين لإعادة انتشار كوفيد 19.

بينما تعاني الدول الفقيرة ومتوسطة الدخل من انعكاسات سلبية عديدة نتيجة ارتفاع الفائدة في أمريكا منها هروب رؤوس الأموال منها وضعف عملاتها في أسواق الصرف بالإضافة الي ما يترتب على الانكماش العالمي من خفض الطلب على صادراتها في نفس الوقت.

هل تستطيع معدة الفدرالي تحمل هذا الألم الاقتصادي؟ يدعو الكثير من الاقتصاديين الي زيادة التضخم او تركة دون كبح لان ذلك من شانه رفع أسعار الفائدة فوق الصفر الذي يصعب العودة له في الازمات فان التضخم يخدم الحكومة الفدرالية من خلال تقليص التكلفة الحقيقية لديونها.

في عام 2025 لدى الفدرالي الأمريكي الفرصة لرفع النسبة المستهدفة حيث لا يوجد شيء مميز في معدل 2% باستثناء ان الفدرالي قد وعد به في الماضي.

ان معدل تضخم متوسط ومتواضع فوق 2% مقبولا للاقتصاد الحقيقي، ولكن لا نضمن حتى ان الفدرالي بوضعه الحالي قادرا على تحقيقه، كما ان للتخلف عن الوعود عواقب أخرى، فهو يضر بحاملي السندات طويلة الاجل بما فيهم البنوك المركزية العالمية والحكومات التي تمتلك حوالي 4 ترليون دولار من اذونات الخزانة الامريكية (ان عقدا من التضخم بمعدل 4% بدلا من 2% يؤدي الي خفض القوة الشرائية للأموال المستردة في نهاية مدة القرض بواقع 18%). فهو بهذا قد يرفع تكلفة الاقتراض الامريكية بقيمة علاوة مخاطر التضخم.

كما ان إذا قام الفدرالي بنكث وعوده فيما يخص التضخم سيتبعه ويقلده بنوك أخرى مركزية وهو ما يسبب قلق للمستثمرين.

بالإضافة الي ان المصداقية التي حاز عليها الفدرالي منذ عام 1980 بشق الانقس عندما أرسى أسس التعامل مع التضخم وتبعته سائر البنوك والحكومات مهددة بالزوال في كل شهر يرتفع فيه التضخم بشكل كبير دون سيطرة.

لينك المقال الأصلي The Economist

google-playkhamsatmostaqltradent