اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٩ )

 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٩ )



ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٩ )

تقديم - علاء الدين عبد الرحمن 


﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 1 - 88].


الله أكبر، أيُّها المهموم والمبتلَى، أيُّها المضطر والمهتم، يا مَن ضاقت عليه الدنيا، قِفْ هنا واقرأ وتأمَّل هذه السورة العجيبة؛ لقد تضمَّنت هذه السورة - المكية باتفاق، وهي ثماني آيات فقط - جملةً من الآيات الكريمات، والمعاني الواضحات البينات، والإشارات والدلالات، والتي تدل على طرائق الإيمان والهدى، والمعرفة والتُّقى، والثبات عند المصائب، والتسلية عند المُلِمَّات، كما أوضحتْ وأرشدت الخلقَ إلى المعالِم التي يتوصل بها إلى طريق الحق.


وكذا اشتملت هذه السورة أيضًا على جملة من التحريرات الرائقة، والمحسِّنات البديعية الفائقة، والأحكام الشرعية الماتعة، والقواعد الأصولية والفقهية السامية، وعلى جملة من أسرار الإعجاز، على قصرها.


ولستُ في هذا المقال بصددِ دراسة تفسيرية لها، أو حتى لهذه السورة العظيمة - وإن كانت الحاجة تدعو إليها، وعسى أن ييسر الله ذلك - إنما الهدف من إيرادها في هذا المقال إيضاح أمر مهمٍّ تدعو الحاجةُ إليه دومًا، وتتعلَّق به مسألة مهمة، ونكتة بديعة، تجلو الهم، وترفع الغم.


وهي المودعة في قوله - عز وجل -: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 66].


إن لهذه الآية في القلوب مكانةً عظيمة، ولها في النفوس منزلة علية؛ وذلك لأنها اشتملت على وعد من الله - عز وجل - أكيد، فوقعتْ على الأفئدة كما يقع الدواء النافع على الجرح الغائر، فما من ملمَّة تلم بنا، ولا من مصيبة تنزل علينا، نتذكر معها قول الله - عز وجل -: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 66]،  إلا سرِّي عنا، وهان علينا ما يلحق بنا؛ لأن مَن يعلم أن المعنى: أنه ما من شدة إلا سيأتي لها من بعد شدتِها رخاءٌ، وما من عسر في هذه الدنيا إلا وسيكتنفه يسرٌ؛ فليس لليأس إليه معها سبيل، ولا للضيق إليه معها طريق، فواعجبًا! كم أودع الله - عز وجل - فيها من النفحات العجيبة، التي تُزِيل هذه الوطيئة وترفعها، أو تعمل على تخفيفِ حدَّتِها!


فمن كرم الله - عز وجل - وعظيم لُطفِه، وجزيل عطائه، ووفير منِّه، أن ذكر اليسر في هذه السورة مرَّتين - وكذا العسر! - فبيَّنأن مع العسر يسرًا، وأن عقب الشدة رخاءً، والكرب يعقبه فرج، والتقتير يتلوه تيسير، وأنه - عز وجل - يبدِّل الضيق سَعة، والفقر غنى، والشقاوة سعادة، ويخلف الحزونة سهولة، وبقدر ما يعظم البلاء، فسيعقبه - ولا شك - الأجرُ والرخاء، وعلى قدر المشقة فيه يكون الأجر والثواب، واعلم أنه لا يدوم الحال بحال، وأن الأيام تتعاقب وهي دول، قال ابن مسعود - رضي الله عنه -: "لو كان العسر في جحرٍ، لدخل عليه اليسر حتى يُخرِجه"[1].

أيها البائسُ صَبْرا 

إن بعدَ العسرِ يُسْرا 

 

فلا تحزن أيها العبد ولا تضجر، وتفاءلْ ولا تقنطْ، واحمدِ الله ولا تسخط، وارجُ الله - عز وجل - ولا تيئَس، وأحسنْ ظنَّك بربِّك - عز وجل - وانتظر منه كل خيرٍ وجميل، وفعل لطيف جليل.

اصبرْ قليلاً فبعدَ العسرِ تيسيرُ 

وكلُّ أمرٍ له وقتٌ وتدبيرُ 

 

وافرحْ باختيار الله - عز وجل - لك، فإنك لا تدري أين المصلحة؛ فقد تكون الشدة لك خيرًا من الرخاء، وإذا ضاقت بك الدنيا فلا تقل: يا رب، عندي هم كبير؛ ولكن أَعلِمِ الهمَّ أن لك ربًّا كبيرًا.

google-playkhamsatmostaqltradent