اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٨ )

 ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٨ )


ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر ( ٨ )

تقديم - علاء الدين عبد الرحمن 


إن المسلم حينما يقرأ القرآن أو يستمع إليه ويتدبره يجد فيه ما يعزز تعلقه بربه، ويحثه على الاطمئنان إلى قضائه وقدره؛ كقوله تعالى: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22]. يعني: " وفي السماء رزقكم وما توعدون من الخير والشر والثواب والعقاب، وغير ذلك كله مكتوب مقدَّر".

 

هذه الآية الكريمة من سورة الذاريات كانت مطلع هداية أعرابي تأمل فيها حتى وعى معناها بفطرته السليمة، وفهمه العربي النقي.

 

قال الأصمعي: "أقبلتُ ذات يوم من المسجد الجامع في البصرة، فبينا أنا في بعض سككها إذ طلع أعرابي جلف جافٍ على قعود له متقلد سيفه وبيده قوس، فدنا وسلّم وقال لي: مَن الرجل؟ قلت: من بني الأصمع، قال: أنت الأصمعي؟ قلت: نعم، قال: ومن أين أقبلت؟ قلت: من موضع مليء بكلام الرَّحْمن، قال: وللرَّحْمن كلام يتلوه الآدميون؟! قلت: نعم، قال: اتلُ عليّ شيئاً منه، فقلت له: انزل عن قعودك. فنزل، وابتدأت بسورة والذاريات، فلمّا انتهيت إلى قوله سبحانه: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾ [الذاريات: 22]. قال: يا أصمعي، هذا كلام الرَّحْمن؟ قلت: إي والذي بعث محمداً بالحق، إنّه لكلامه أنزله على نبيّه محمد، فقال لي: حسبك، ثم قام إلى الناقة فنحرها وقطعها كلّها، وقال: أعني على توزيعها، ففرقناها على من أقبل وأدبر، ثم عمد إلى سيفه وقوسه فكسرهما وجعلهما تحت الرحل وولّى مدبراً نحو البادية وهو يقول: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾. فأقبلت على نفسي باللوم وقلت: لم تنتبه لما انتبه له الأعرابي؟. فلمّا حججت مع الرشيد دخلت مكة، فبينا أنا أطوف بالكعبة إذ هتف بي هاتف بصوت دقيق، فالتفتّ فإذا أنا بالأعرابي نحيلاً مصفاراً، فسلّم عليّ وأخذ بيدي وأجلسني من وراء المقام وقال لي: اتل كلام الرَّحْمن، فأخذت في سورة: والذاريات، فلمّا انتهيت إلى قوله: ﴿ وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ ﴾. صاح الأعرابي فقال: وجدنا ما وعدنا ربنّا حقاً، ثم قال: وهل غير هذا؟ قلت: نعم، يقول الله سبحانه: ﴿ فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ ﴾ [الذاريات:23]. فصاح الأعرابي وقال: يا سبحان الله! من ذا الذي أغضب الجليل حتى حلف؟! ألم يصدّقوه بقوله، حتى ألجؤوه إلى اليمين؟ قالها ثلاثاً وخرجت فيها نفسه".

google-playkhamsatmostaqltradent