اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

كلمة الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر

 كلمة الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر



متابعة : ياسمين أحمد المحلاوى


كلمة الأستاذ الدكتور أحمد حسين عميد كلية الدعوة الإسلامية جامعة الأزهر بالقاهرة في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الدولي الأول للكلية والذي يقام تحت عنوان "دور العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية"

بسم الله الرحمن الرحيم

    الْحَمد الله المحتجبِ بكبريائه عَن دَرك الْعُيُون، المتعززِ بجلاله عَن لواحق الظنون، المتفردِ بِذَاتِهِ عَن شبه ذَوَات المخلوقين، المتنزهِ بصفاته عَن صِفَات الْمُحدثين.

وأشهد أن لا إله إلا الله فاطر السموات العلا، ومنشيء الأرضين والثرى، لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه .

وأشهد أن سيدنا محمدا عبده المجتبى ورسوله المرتضى بعثه بالنور المُضِي والأمر المُرْضِي على حين فترة من الرسل ودروس من السبل فأبان به الحجة  وأظهر به المحجة فصَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا دار في السماء فلك وما سبح في الملكوت ملك وعلى آله وصحبه ومن والاه، 

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور محمد عبد الرحمن الضويني وكيل الأزهر نائباً عن فضيلة مولانا الإمام الأكبر الأستاذ الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف .

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور محمد حسين المحرصاوي رئيس جامعة الأزهر

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور شوقي علام مفتي الديار المصرية

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء ورئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب المصري

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور أحمد عمر هاشم عضو هيئة كبار العلماء.

السيد صاحب الفضيلة معالي الأستاذ الدكتور محمود صديق نائب رئيس جامعة الأزهر

السادة أصحاب المعالي من هيئة كبار العلماء في مصر وخارجها

السادة أصحاب المعالي نواب رئيس الجامعة

السادة أصحاب المعالي عمداء ووكلاء الكليات ورؤساء الأقسام العلمية

السادة ممثلو الجيش والشرطة المصرية

السادة أعضاء هيئة التدريس في جامعة الأزهر والجامعات المصرية والعربية

السادة قيادات وباحثو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف، والسادة قيادات وأئمة وزارة الأوقاف المصرية، واعظو الأزهر الشريف ووزارة الأوقاف..أبنائي الطلبة والطالبات...

 الحضور الكريم...مرحبا بكم في مؤتمر كلية الدعوة الإسلامية العلمي الدولي الأول..

أما بعد؛ 

فلم تعرف البشرية دينا أشاد بالعلم ورغب فيه وأعظم قدر العلماء مثل الإسلام،

كما لم تعرف حفاوة بحملته وعناية بمقرراته كتلك التي أولاها الإسلام للعلم والمعرفة؛ إذ هما قوام الحياة وأساسها؛ فأول آيات السماء التي لامست مسامع الأرض كانت: ﴿ إقرأ باسم ربك الذي خلق﴾. 

وهل من شرف أعظم من أن يَقرن الله اسم العلماء باسمه واسم ملائكته في قوله تعالى: ﴿ شهد الله أنه لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط ﴾

والعلم وحملته هم أهل التكريم والرفعة في الدنيا والآخرة ﴿يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾.

وعَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ، رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي الْمَاءِ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ، كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.

إنها حفاوة بالعلم وتقديراً له لم تعهده البشرية من قبل في عصر من العصور ولا جيل من الناس، ولا أدل على ذلك من مادة العلم التي وردت بمشتقاتها المختلفة في كتاب الله تعالى أكثر من  خمسمائة مرة ، وأضعاف ذلك العدد في أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم.

ولا ترفع دعوة الإسلام لها دليلًا على صدق مقرراتها وكمال مناهجها وزيف ما خالفها سوى العلم . قال تعالى: (قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا)

(ائْتُونِي بِكِتَابٍ مِنْ قَبْلِ هَذَا أَوْ أَثَارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ)

ويبلغ الاحتفاء بالعلم مداه حين يجعله الإسلام شعار صدقه وبرهان تأييده ويعلن التحدي به والاحتكام إليه: (سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ)

والعناية بالعلم تستبعها العناية بأدوات تحصيله، فما الإشارة إلى القلم في قوله تعالى: ﴿علم بالقلم﴾، وفي سورته التي سميت باسمه ﴿ن والقلم وما يسطرون﴾ إلا لفت للأنظار بقوة إلى أهمية أدوات العلم التي تتسع لتشمل كل ما يحتاجه الدارسون من أدوات ومعامل ومختبرات وأجهزة ومواد أولية يتعلمون عليها.

والعلم الذي يدعو إليه الإسلام ويحتفي به هو العلم بإطلاقه وشموله وعمومه واتساعه، فكل ما يتعلق بالدين والدنيا والحياة والأحياء ويكشف عن مرادات الله فيها، ويعود بالنفع على البشرية والكون هو علم محمود مندوب إليه، ومرغوب فيه، وأهله وأربابه هم الذين سماهم الله بالعلماء، وهم الذين قصر عليهم خشيته ومعرفة جلاله وكماله وعظمته، يقول تعالى: ﴿ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ (28) ﴾ .

كما لم تعرف دعوة الاسلام في تاريخها الطويل التفرقة بين علم وعلم، فيقبل علم ويرفض آخر؛ بل ما عرفت إلا المزاوجة بين العلوم والجمع بين المعارف النظرية والعملية الشرعية والإنسانية. 

وهذا ما درج عليه الأزهر الشريف في أداء مهمته التعليمية، فلم يكتف بتعليم العلوم الشرعية فحسب؛ بل جمع إليها علوم الفلسفة والمنطق والرياضيات والطب، وعلوم الفلك، والحساب، والعمارة، والجيولوجيا، والتاريخ، وبعض العلوم الاجتماعية، وغير ذلك من العلوم المختلفة.

ومن الأمثلة الأزهرية الرائدة في هذا المجال فضيلة الشيخ حسن العطار الذي كتب في الفلك والرياضيات والجغرافيا، وكان شيخاً للأزهر، والشيخ الدمنهوري الذي ألَّف أكثر من ستة كتب في الطب وعلم التشريح وكان شيخًا للأزهر، وكان يكتب في أصول الفقه كما يكتب في علم التشريح.

لهذا كله ظل الأزهر الشريف منذ أكثر من ألف عام حاملاً مشعل الحضارة الإنسانية والتراث العلمي ومنارة للعلم، وقبلة لطلابه من كل مكان؛ لتعلم العلوم الشرعية، والعربية، والإنسانية، كما أنه مركز للوسطية والاعتدال، ونشر الثقافة، وتعاليم الإسلام وقيمه السمحة التي لا تعرف الغلو ولا التطرف.

وإذا كانت الدعوة إلى الله تعالى من أجل الأعمال وأفضلها وأعلاها وأشرفها على النحو الذي بَيَّنَ الله في كتابه ووضح رسوله صلى الله عليه وسلم في سنته، وأنها مهمة الأنبياء والمرسلين؛ فلابد فيمن يضطلع بها ويتصدى لها أن يكون مؤهلا بالعلم والخبرة، بالعلم الذي يدعو به والعلم الذي يدعو إليه، بل لا بد في كمال الدعوة من البلوغ في العلم إلى آخر ما يمكن أن يصل إليه السعي: ﴿قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي﴾

وانطلاقا من رسالة الأزهر الشريف، ورؤيته في خدمة التراث الإسلامي، وإعداد العالم المتميز علميًّا، ومهاريًّا، وانفتاحاً على الثقافات الأخرى، وتحقيقاً للتكامل المعرفي بين العلوم، وتأكيداً على اعتماد دعوة الإسلام على العلم والمعرفة. 

حرصت كلية الدعوة الإسلامية على اعتماد مبدأ التكامل المعرفي بين العلوم؛ إيمانا بضرورة إعادة بناء نموذج الداعية الواعي بمستجدات العصر وقضاياه الحديثة، وذلك بدراسة طلابها العلوم الإنسانية والاجتماعية والفلسفية؛ حيث إن اقتصار الداعية المسلم على دراسة العلم الشرعي دون العلوم الأخرى لهو من أكبر الأسباب التي أدت إلى الأزمة الفكرية عند المسلمين، والتي سعى ويسعى المخلصون من أبناء هذا الوطن لتجاوزها.  

ويأتي مؤتمر كلية الدعوة الإسلامية بالقاهرة ليؤكد على أهمية الربط بين العلوم المختلفة؛ وبيان ضوابط وآليات الاستفادة منها في الدعوة إلى الله تعالى.  

ومن هنا جاء  تسليط الضوء على دور العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية كعنوان معبر عن أول مؤتمر علمي دولي تعقده الكلية في رحاب جامعة الأزهر الشريف، ويحظى برعاية مباركة من فضيلة الإمام الأكبر أ.د/ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، ومعالي أ.د/ محمد حسين المحرصاوي، رئيس الجامعة، ومعالي الأستاذ الدكتور/محمود صديق – نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحوث. والذي انتظمت محاوره العناوين التالية:

المحور الأول: مدخل إلى العلوم الشرعية والإنسانية.

المحور الثاني: توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية(أهميته وواقعه وضوابطه وآلياته) .

المحور الثالث: دور العلوم الشرعية في خدمة الدعوة الإسلامية.

المحور الرابع: دور العلوم الإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية.

المحور الخامس: جهود علماء المسلمين في توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية قديما وحديثا.

المحور السادس: دور الأزهر الشريف والمؤسسات والجامعات الإسلامية في توظيف العلوم الشرعية والإنسانية في خدمة الدعوة الإسلامية.

وفي ختام كلمتي لايسعني إلا أن أتوجه إلى جمعكم الكريم بخالص الشكر والتقدير على تشريفكم مؤتمرنا وتجشمكم عناء الحضور ومشقته سائلاً الله عز وجل لكم دوام التوفيق والسداد والصحة والعافية.

أَهْلًا وَسَهْلًا بِالَّذِينَ أُحِبُّهُمْ ... وَأَوَدُّهُمْ فِي اللَّهِ ذِي الْآلَاءِ

أَهْلًا بِقَوْمٍ صَالِحَيْنِ ذَوِي تُقًى ... غُرِّ الْوُجُوهِ وَزَيْنِ كُلِّ مَلَاءِ

يَسْعَوْنَ فِي طَلَبِ الْعلوم بِهِمَّةٍ ... وَتَوَقُـــــــــرٍ وَسَكِينَةٍ وَحَيَاءِ 

لَهُمُ الْمَهَابَةُ وَالْجَلَالَةُ وَالنُّهَى ... وَفَضَائِلُ جَلَّتْ عَنِ الْإِحْصَاءِ

وَمِدَادُ مَا تَجْرِي بِهِ أَقْلَامُهُمْ ... أَزْكَى وَأَفْضَلُ مِنْ دَمِ الشُّهَدَاءِ

يَا طَالِبِي عِلْمَ النَّبِيِّ مُحَمَّـــــدٍ ... مَا أَنْتُمُ وَسِوَاكُمُ بِسَــوَاءِ

حفظ الله مصر وقادتها وشعبها وحفظ الله الأزهر جامعًا وجامعة. 



google-playkhamsatmostaqltradent