اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

حوار مع الأوراق ... بقلم : منال خليل

 حوار مع الأوراق 




بقلم : منال خليل


ـ  الأوراق  : هل أنت نادم على شئ ؟

ـ  أنا  : نعم نادم جدا  فقد أختبرت حاله تشبه الحب ولكنها ليست بحب على الاطلاق

وكذلك  علاقة زواج شرعي ولكنها لا تشبه الزواج فعلياً وأنا ورطت نفسي فيها 

- الأوراق : أكمل 

 - لقد أحَبتني أجمل النِساء بكل عيوبي     وعشقتُها بكل تفاصيلها وبكل عنفوان شبابي

   ولكني هجرتها و جَبُنت على  أن اتزوجها وأخترت أن أتزوج ممن لا أعلم عن حياتها قبلي شيئا

ـ و لِمَ كل هذا التناقض ؟



ـ لقد غلبتني شرقيتي البغيضة، بأن لا أتزوج بِمن صَرَّحت لي بحبها ومشت بجانبي وتركت لي يَدها لتنام بكفي وأقبِّلها

ـ و ماذا بعد ؟؟

ـ تزَوجت ممن أحَبت غَيري لمجرد إني لا أعلم 

 ولم نستطع أن يحب أحدنا الآخر 

وتعايشنا كما لو أننا علي فوهة بركان خامد يجاوره بحر من  الملل يخلو من المَد و الجَذر  فقط تَجمعُنا وِسادة نافِرة وفِراش أحمر قاني، دائم الغَضب مُهلهَل الأطراف يطبق علينا كل مَساء و كأني أَسير أعمدته وحدوده

ـ هل تندم على شيء آخر ؟

ـ نعم (والقلم ثائر على الأوراق)  

نادم على أني قبلت الاستمرار بحياة الحب فيها مُحايد وهارب لم يخدِش القلب أبداً  

نادم على صمتى بأن كل عطاء له مقابل  للحفاظ على جدران مخوخة 

و أطفال كبروا و صاروا شبابا دون أن يروا تغريدة حب واحدة تتجول بالبيت فجفوا علينا وأصبح لهم حياتهم الخاصة ولكنها  منقوصة الحب  مفطومة المشاعر باردة كشتاء باغٍ

ـ وماذا يحدث الآن بينكما ؟

ـ لا شئ يحدث فقط الكثير من الجفاء والهدوء اللامبالي  مع الكثير من تجاعيد الشيخوخة تَضرِب بالقلب وتغزو الملامح كالسرطان  ورأيت ابني يمارس نفس الخطأ مع أمرأته 

ـ وماذا فعلت ؟

ـ لم أفعل شيئا فقد جَبنت عن أن أجهَر  بفضيلة الحب 

عقلي ومعتقداتي العقيمة القديمة قدم الألم والحرمان عادت تُشاكسني وقلبي صامت كشاهد القبر عليهم

ـ و كيف هى حياتك الآن ؟؟

ـ (القلم يقطر دمعاً بلون الحبر على الأوراق ) :  أمضى بالطرقات وأعاقر وحدتي مع القهوة ومع صفحات كتاب تلو الآخر أعيش بين قصص لم أختبرها وقد حرمت نفسي وقلبي من كل المشاعر المشروعة

 زوجتي تهديني التجاهل خالصاً كما لو أني بلا ملامح أو وجود 

هى لا تسمعني وأنا كلما أنظر إليها لا أراها 

ـ ولماذا لم تقم بمحاولات للقرب أو التغيير ؟

ـ  سئمت المحاولة واستجداء مشاعر مهجورة 

أو تعبيرات حب منتهية الصلاحية  فنحن نعيش وكأننا نسير بخطين متوازيين 

فقررت أن أصمت وأخاصم جسداً يفتقد للحواس  ومع الوقت انتهينا من حيث بدأنا

كما لو أننا لا نعرف بعضنا البعض كما يعرفنا الآخرون وهم يروننا هادئين ذلك الهدوء الذي يوحي بسعادة وتفاهم موهوم وكاذب

ـ وهل ستكمل هذه الحياة ؟

ـ ( أنتفض القلب مع القلم على الأوراق صارخاً ) لاااا .. فهذه ليست بحياة بل هى أشبه بثلاجة موتى

وأنا مازلت أحلم بحياة لم أعشها أتمنى أن تنطوي على شعور واحد مماثل لما شعرت به مع من أحببتها وكنت أحلق بسعادة معها بكل لقاء، 

فما بيننا متصل رغم الفراق برباط روحي لم ينقطع 

ذلك الرباط الذي لا يلزمه عقد أو شرط وقد يكون أقوى من أي رباط و لا يلزمه أيضاً القرب.. بل يحيا حراً بالقلب ويتردد مع النبض

هناك دائما ذلك النوع من الأشخاص الذين  يمروا بحياتنا كهدية من القدر ونتركهم يفلتوا من حياتنا دون وعى واستيعاب بأنه لا يمكن تكرارهم ونمارس حماقة معتقدات وموروثات قبيحة وظالمة 

ولكني لا أقوى على التغيير وسأتحمل جميع أوزاري وظلمي لها 

- وماذا انت فاعل بما هو آت ؟

 - لا أعلم بعد فحبيبتي أضعتها وحياتي أعتدتها باردة كما هي وأعلم أني سأظل أبكي حبيبتي ونفسي 

      و أمارس الندم ما حييت كما مارست أنانيتي في الأختيار قبلاً

الأوراق: لك أن تندم ما حييت فما أنت فيه يليق  بك حقاً  فالحب لا يخضع للمنطق، وليس له علاقة بالحسابات ولا التصفيات ..

 - ولطالما وجدت الأنانية وعقم التفكير 

             لا يكون هناك مكان للحب 

فالحب نور بالصدور، شعلة الروح،  بارقة ضي بالعيون لايمكن إخفاؤها وانت تنازلت عن ذلك الحب في مقابل ما لاتعلم 

 ومارست حياة رضيت فيها بأخذ البقايا من الشريك وأعتدتها وليس لها علاقة بحب أنت فقدته باختيارك 

- سيدي الحب يأتي بحب،  الحب أرض تنبت زهور فرح ... 

وليس ببئر مظلم ماؤه تعاسة ممزوجه بأنانية وأفكار ظالمة ...

- إذن سأحاول ألا أمارس الندم وحده بعد الآن  ولكنى سأصلي وأبتهل بأن يغفر الله ذنبي عسى أن أنعم بحياة كالحياة يوماً ما .

google-playkhamsatmostaqltradent