أكدار الحياة
بقلم : شيرين رأفت
( لاتستغرب وقوع الأكدار، مادامت في هذه الدار، فإنها ما أبرزت إلا ماهو مستحَقُّ وصفها وواجب نعتها ) من حكم إبن عطاء الله السكندري.
والمعنى أنك مادمت في الدنيا فلا تتعجب من الهموم والمصاعب والابتلاءات لأنها أصلا وصفت بإنها دار إبتلاء وشقاء .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : الدنيا كلها غموم ، فما كان منها في سرور فهو رِبْحٌ.
وفي بعض الحكايات المنقولة عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه قال : "من طلب ما لم يُخْلَقْ له أتعب نفسه ، ولم يُرْزَقْ ، فقيل له : وماذاك ؟ قال : الراحة في الدنيا.
إذن فالواجب على العبد ألا يُوطِّن على الراحة في الدنيا ، ولا يركن فيها إلى ما يقتضي فرحا وأنسا ويعلم أنها دار إبتلاء وشقاء ،
ولذلك عليه أن يتسلح فيها بما يعينه ويصبره عليها ولا يجد ذلك إلا في القرب من الله.
فالبعد عن الله وقلة الإيمان هو السبب الوحيد من وجهة نظري لقضايا الإنتحار التى دقت أبواب المسلمين مؤخرا ولا عذر لهم لقلة إيمانهم .
نحن جميعا نعلم أن الإنسان لا يقدر على العيش بدون الماء والهواء هذه حقيقة، ولكن هناك حقيقة أخرى لا يدركها الكثيرون وهي أن المؤمن لا يكون على قيد الحياة وهو بعيد عن ربه،
فلا أدري كيف يعيش المرء بدون الذكر بدون الصلوات والعبادات نعم أحيانا كثيرة نتركها نسيانا أو سهوا ولكن هل تدبرت كيف هو حالك بها وبدونها ؟! هل أدركت أن في الذكر حياة وفي القرآن نور ، وفي الطاعة آمان، وإطمئنان، لك أنت لا لغيرك ؟!
أنت تقترب لتستمد القوة من القوي لتشحن قلبك طاقة حياتية إيجابية يتخللها الصبر والرضا والعفو والقناعة والود وسلامة القلب .
نحن نعيش الحياة الدنيا والدنيا مكانا للكدر،
فكيف علينا أن نتخطى أكدار وهموم ومتاعب الدنيا دون تلك الشحنات؟! كيف نقوى على الإبتلاءات من المرض والفقد والفقر وغيرها من أكدار الحياة دون قرب من الله ؟!
والله الذي لا إله إلا هو لن يصبرك عليها إلا قوة إيمانك بوجوده وتوكلك عليه فكيف يحزن ويحمل هم من له رب قادر على كل شيء يقول للشئ كن فيكون ؟!
الأمر بسيط يأتيك البلاء لا تفكر فيه فكر في من يقدر عليه من يقوى على إزالته من هو القادر الوحيد على تحويل العسر إلى يسر ؟
إنه ربي وربكم رب السماوات والأرض.
لذا فالقرب راحة لك أنت ودواء لأي داء من أكدار الدنيا ، تداوو بالقرب وتصبروا بالطاعة وتلذذوا وأحيوا قلوبكم بالقرآن وغيروا أقداركم بالدعاء .