اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

التَّوبةَ تُطهِّرُ القلبَ

 التَّوبةَ تُطهِّرُ القلبَ


التَّوبةَ تُطهِّرُ القلبَ


كتبت : ياسمين أحمد المحلاوى 


كثرةُ الذُّنوبِ تُقسِّي القلبَ، والمعاصي لا تَزالُ تدَعُ في القَلبِ نُكَتًا سَوداءَ حتَّى يتَحوَّلَ القلبُ مِن كَثرةِ الذُّنوبِ والمعاصي إلى السَّوادِ الخالِصِ، ويَعلوه الرَّانُ، كما يُبيِّن النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم ذلك في هذا الحديثِ بقوله

_(إنَّ العبدَ إذا أخطأَ خطيئةً نُكِتت في قلبِهِ نُكْتةٌ سوداءُ، فإذا هوَ نزعَ واستَغفرَ وتابَ سُقِلَ قلبُهُ، وإن عادَ زيدَ فيها حتَّى تعلوَ قلبَهُ، وَهوَ الرَّانُ الَّذي ذَكَرَ اللَّه كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ)

الراوي : أبو هريرة | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي

الصفحة أو الرقم: 3334 | خلاصة حكم المحدث : حسن


إنَّ العبدَ إذا أخطَأ خطيئةً نُكِتَت في قلبِه نُكتةٌ سوداءُ"

أي: إنَّ العَبْدَ إذا أذنَب ذَنبًا أو أصاب خَطيئةً أو ارتكَب مَعصيةً؛ فإنَّ ذلك الذَّنبَ يَترُكُ في قَلبِه نُقطةً سوداءَ مِن أثَرِ المعصيةِ،


 "فإذا هو نزَعَ واستَغفَر وتاب سُقِل قلبُه"،

 أي: فإذا أقلَع العبدُ عن المعصيةِ وترَك الذَّنبَ واستغفَر ربَّه عمَّا بدَر منه؛ فإنَّ اللهَ يجلي قَلبَه ويُنظِّفُه ويُطهِّرُه مِن تلك النُّقطةِ السَّوداءِ الَّتي لَحِقَت بقلبِه بسببِ المعصيةِ،


 "وإن عاد زِيدَ فيها حتَّى تَعلُوَ قلبَه"، 

أي: وإن ارتكَب العبدُ ذنبًا آخَرَ نُقِطَت نقطةٌ أخرى سوداءُ في قلبِه، ولا يَزالُ العبدُ يَعصي اللهَ ويَرتَكِبُ الذُّنوبَ حتَّى يَصيرَ قلبُه كلُّه أسودَ مِن أثَرِ كثرةِ الذُّنوبِ والمعاصي، "


وهو الرَّانُ الَّذي ذكَر اللهُ"،

 أي: وهو الصَّدَأُ والغِشاوةُ الَّتي تَعْلو القلبَ، والَّتي ذكَرها اللهُ في قولِه تعالى: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [المطففين: 14]، أي: تَراكَمَت على قُلوبِهم الغِشاوةُ والصَّدأُ مِن كثرةِ ذنوبِهم ومَعاصيهم.


وفي الحديثِ: 

أثرُ الذُّنوبِ والمعاصِي على القلوبِ، وأنَّ كثرةَ الذُّنوبِ والمعاصي تُحوِّلُ القلبَ إلى السَّوادِ الخالِصِ.


وفيه: أنَّ التَّوبةَ تُطهِّرُ القلبَ وتَجْلوه مِن أثرِ الذُّنوبِ والمعاصي.


ومن مكفرات الذنوب


1- الاستغفار:

 يُعد الاستغفار من أهم مُكفرات الذنوب، لذا تجب المواظبة عليه، إذ إنّه يمحي الذنوب، ويُطهر الإنسان مثلما يُطهر الثوب الأبيض من الدنس.


للاستغفار سرّ غريب فهو أسهل عمل تقوم به لدرء المعاصي وإبدالها بالأعمال الحسنة التي يرضاها الله، فإذا أردتَ أن يفرّج الله همك وينجيك من المواقف الحرجة فالزم الاستغفار لأن النبي الكريم صلى الله عليه وسلم قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجاً ومن كل ضيق مخرجاً)، 


ولا ننسى أن الله عز وجل يناديك باستمرار ويقول لك: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].


لقد كان النبي الأعظم وهو الذي جعله الله رحمة للعالمين، كان يستغفر الله سبعين مرة وفي رواية مئة مرة وذلك كل يوم! والأجدر بمن ابتُلي بالمعاصي أن يستغفر الله على الأقل سبعين مرة كل يوم، وهذا الذكر سوف يمنحك حالة من الإحساس بالقرب من الخالق عز وجل، وسوف تكره المعاصي تدريجياً.


ينبغي عليك ألا تنسى الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى باستمرار، يقول تعالى: (وَالَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئَاتِ ثُمَّ تَابُوا مِنْ بَعْدِهَا وَآَمَنُوا إِنَّ رَبَّكَ مِنْ بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) [الأعراف: 153]. لا تنسَ أن تستغفر الله بعد كل معصية وتتوب إليه، ولا تدع المعاصي تتراكم عليك فتهلكك.


2- التوبة الصادقة:

 من أجل تحقق التوبة يجب ترك الذنب نهائيًا، وعدم الرجوع إليه مرة ثانية، ويتوجب الندم على ارتكابه، والتحلي بالإرادة، والعزم لمنع النفس من العودة إليه من جديد، ويُنصح بالإكثار من عمل الخيرات، والأعمال الصالحة.


3- إسباغ الوضوء:

 يُقصد به إحسان الوضوء، وتعميم الماء على كافة أعضاء الجسم خلال الوضوء.


4- ذكر الله باستمرار:

 يكون ذلك بجعل اللسان رطبًا بذكر الله من خلال التسبيح، والتكبير، وخاصة عند الانتهاء من إتمام الفرائض، حيث يُساعد ذلك على الابتعاد عن ارتكاب الأخطاء، فتجد الله معك دائمًا، لذا يُنصح بتدريب القلب على ذكر الله، وذاك أمر سهل.


5- كثرة الخطا إلى المساجد :

 قال صلى الله عليه وسلم :ألا أدلُّكُم على ما يَمحو اللَّهُ بهِ الذُّنوبَ ويرفعُ الدَّرجاتِ قالوا بلى يا رسولَ اللَّهِ قال إِسباغُ الوضوءِ على المَكارِه وَكثرةُ الخُطا إلى المسجِدِ وانتظارُ الصَّلاةِ بعدَ الصَّلاةِ فذلِكَ الرِّباطُ ثلاثَ مرَّاتٍ


6- صيام شهر رمضان:

 إنّ صيام شهر رمضان وتحري ليلة القدر، وقيامها يُساعد على التكفير من الذنوب، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (مَن صامَ رمضانَ إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ لَهُ ما تقدَّمَ من ذنبِهِ)، [صحيح].


7- صيام يوم عرفة: وعاشوراء

 ذُكر عن رسول الله أنه قال

صيام يوم عرفة، أحتَسِب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله".


8- العمرة:

 إنّ أداء العمرة بقلب خالص لله تعالى، ونية صادقة يُكفر عن الذنوب.


9- الحج:

 من أدى فريضة الحج رجع كيوم ولدته أمه.


10- الصدقة: 

الإكثار من إخراج الصدقات، فذلك يُساعد على محو الذنوب.


11- الدعاء:

 يجب الإكثار من الدعاء، والإلحاح به مع الحرص على المواظبة بدعاء كفارة المجلس، وهو: (سبحانَك اللَّهمَّ وبحمدِك أشهدُ أن لا إله إلَّا أنت أستغفرُك وأتوبُ إليك)


12- الشهادة:

 من مات شهيدًا في سبيل الله غُفرت له جميع ذنوبه باستثناء الدَين، لذا عندما يموت شخص ما فإنّ أهله يسعون إلى سداد دينه، فإن لم تسد دينك يأتيك صاحب الدين يوم القيامة، ويأخذ من حسناتك، وإن لم يكن لديك حسنات أعطاك سيئاته.


13_موافقة تأمين المصلي لتأمين الملائكة : 

قال صلى الله عليه وسلم : (( إذا قالَ أحَدُكُمْ: آمِينَ، وقالتِ المَلائِكَةُ في السَّماءِ: آمِينَ، فَوافَقَتْ إحْداهُما الأُخْرَى غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ.


14_الصبر

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

(ما يُصِيبُ المُسْلِمَ، مِن نَصَبٍ ولَا وصَبٍ، ولَا هَمٍّ ولَا حُزْنٍ ولَا أذًى ولَا غَمٍّ، حتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا، إلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بهَا مِن خَطَايَاهُ)


15_قول سبحان الله وبحمده مائة مرة :

 قال صلى الله عليه وسلم : (( من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر)) 


_وهناك الكثير من الاعمال الصالحه التي يتقرب بها العبد الي الله

 والتي تطهر قلب العبد من الذنوب 


ومن ادعية تطهير القلب من الذنوب والمعاصي 

- ورد عن النبي - صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- ؛ أنه كان يدعو بهذا الدعاءِ : « اللهمَّ اغفرْ لي خطيئَتي وجَهلي، وإسرافي في أمري، وما أنت أعلمُ به مني، اللهمَّ اغفِرْ لي جَدِّي وهَزْلي، وخَطئي وعمْدي، وكلُّ ذلك عندي، اللهمَّ اغفرْ لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلنتُ، وما أنت أعلمُ به مني، أنت المُقَدِّمُ وأنت المُؤخِّرُ، وأنت على كلِّ شيءٍ قديرٌ».


ودائما الإصرار على المعصية أخطر من المعصية

 أبحاث عديدة قام بها بعض الخبراء في البرمجة اللغوية العصبية وجدوا أن ما يفكر به الإنسان له دور كبير في سلوكه وتصرفاته وردود أفعاله. فعندما نجد شخصاً يفكر دائماً بالسرقة حتى يسيطر عليه هذا الإحساس فإنه لابد أن يمارس السرقة ولو مرة لأن الفكرة سوف تصبح حقيقة.


على العكس تماماً الإنسان الذي لا يفكر بالسرقة ويفكر دائماً بأن السرقة حرام وأن عقوبتها كبيرة جداً وأكبر من قيمة الشيء المسروق بكثير، فإنه لن يمارس السرقة ولو تم تعريضه لأقسى الظروف.


من هنا نستطيع القول بأن الإنسان الذي يقنع نفسه بأنه لن يعصي الله ولن يرتكب محرماً، فإن هذه الفكرة عندما تتعمق وتتأصل فإنها ستخفض الرغبة لديه بالمعصية، وسوف يجد نفسه محرجاً لمجرد التفكير بالمعصية، ومع مرور الزمن سوف يبتعد عن هذه المعاصي، ولن يستمتع بها أبداً.


ولذلك نجد كثيراً من الناس يقولون إنهم لا يستطيعون ترك المعصية وهذا خارج عن إرادتهم، والحقيقة أن العلاج بسيط وهو أن تعتقد بأن المعصية سوف توصلك إلى غضب الله وعذابه، وأن طريق المعصية هو أسوأ طريق وعواقبه وخيمة ونتائجه مدمرة، وأنك قادر على تغيير هذا الواقع وعندها سوف تشعر بحلاوة الإيمان ولذة ترك المعاصي.


فيجب أن تترك المعصية مخافة الله تعالى وابتغاء رضوانه، والله سوف يساعدك ويبدلك نوراً تجد لذّته وحلاوته في قلبك.


من هنا ندرك معنى قوله تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ)

 [آل عمران: 135].


ونحن لازلنا نعصي الله ونرتكب الذنوب بالرغم من معرفتنا أنها دنيا فانية وأننا سنموت ولن يبقى لنا من الدنيا شيئاً .. هل الحياة تستحق كل هذا ..! أليست الجنة أكثر جمالاً وأماناً ؟ فما الحياةُ الدنيا في الآخرة إلا متاع .. وكلُّ ما هنا فانٍ ولن يبقى لنا شيئاً من الدنيا سوى أعمالنا الصالحة وحسناتنا فماذا قدمنا لآخرتنا وليوم حسابنا .. فليسأل الجميع نفسه ماذا عمل صالحاً وماذا قدم لآخرته .. وفليبادر كلُّ مذنبٍ إلى أبوابِ التوبة ولا يقنط من رحمة الله فإن الله يغفرُ الذنوب جميعاً .. ولا أجمل من التوبة والتقرب إلى الله وعبادتهِ وعدم معصيتهِ .. فأرواحنا تزهرُ بقرب الله وتطمئن بذكر الله .

google-playkhamsatmostaqltradent