اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

سد النهضة قنبلة موقوتة

الصفحة الرئيسية

 سد النهضة قنبلة موقوتة



كتبت: نوره سليم


الحكاية من البداية سنستعرضها خلال السطور  التالية، ما هي قصة سد النهضة، وماذا عن ازمة سد النهضة ولماذا فشل الملءالثاني ؟

تدخل أزمة سد النهضة القائمة منذ أكثر من 10 سنوات بين مصر والسودان وإثيوبيا، منعطفاً جديداً بعد فشل الدول الثلاث في الوصول إلى اتّفاق حول ملء وتشغيل السدّ الذي بنته أديس أبابا على نهر النيل، والذى فشلت المرحلة الثانية من الملء، وسط رفض مصري سوداني، وتصعيد متزايد على  كافة الجهات،

ورغم حضّ إثيوبيا على تأجيل خططها لملء خزان السد حتى التوصل إلى اتفاق شامل، أنهت الأخيرة في 21 يوليو العام الماضي المرحلة الأولى من ملء خزان السد بسعة 4.9 مليارات، وفي 5 يوليو للعام الحالي بدأت المرحلة الثانية والتي تتطلب تخزين 13.5 مليار متر مكعب من المياه، لتتصاعد الأزمة إلى مستويات جديدة، والأمر قد وصل لأنه أقرب لـ"قنبلة موقوتة" على وشك الانفجار.

فماذا بعد فشل الملء الثاني لسد النهضة، وما تبعاته المتوقعة؟، وما أبرز نقاط الخلاف الذي امتد لأكثر من 10 سنوات بين الدول الثلاث،

بدأت الأزمة بين الدول الثلاث في مايو 2010، حين وقّعت 6 دول مشتركة في حوض النيل من بينها إثيوبيا، اتفاق  في أوغندا، والذي رفضته مصر والسودان والكونغو الديمقراطية يسمي اتفاقية "عنتيبي". 

إستهدفت اتفاقية "عنتيبي" استبدال اتفاقية تقاسم مياه النيل التي أبرمتها الحكومة البريطانية بصفتها الاستعمارية، نيابة عن عدد من دول الحوض (أوغندا وتنزانيا وكينيا)، في عام 1929 مع الحكومة المصرية، وحظرت إقامة أي أعمال ري أو مشاريع كهرومائية على النيل وفروعه دون اتفاق مسبق،

والحكاية من البداية وضعت إثيوبيا حجر الأساس الخاص ببناء سد النهضة في 2011، لكنها بدأت فعلياً في تشييده بقرار أحادي عام 2013 على النيل الأزرق، تزامناً مع موافقة البرلمان الإثيوبي في العام نفسه على اتفاق "عنتيبي".

 واتفقت الدول الثلاث، في سبتمبر 2014، على استكمال المفاوضات، حتى مارس 2015. وانعقدت قمة ثلاثية بالخرطوم بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، والرئيس السوداني السابق عمر البشير، ورئيس الوزراء الإثيوبي السابق هايلي مريام ديسالين، أقروا خلالها "إعلان مبادئ سد النهضة" في عام 2015، لحلّ مشكلة تقاسم مياه نهر النيل وسد النهضة الإثيوبي.

 وينص إعلان المبادئ على "تنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية، واحترام المخرجات النهائية للتقرير الختامي للجنة الثلاثية للخبراء، ، ضرورة اتفاق الدول الـثلاث على قواعد ملء السد، والاتفاق على الخطوط الإرشادية وقواعد التشغيل السنوي بالتنسيق بين مصر والسودان وإثيوبيا.

وانخرطت الدول الثلاث في 9 جولات من التفاوض جرى بعضها بوساطة من الولايات المتحدة، والاتحاد الأفريقي، إلّا أنها شهدت تعثراً مستمراً حتى الآن.

ونتساءل ما هي تداعيات تشييد سد النهضة؟

يُعد سد النهضة حجر الأساس الذي تبني عليه إثيوبيا طموحاتها في أن تصبح أكبر دولة مصدّرة للكهرباء من المصادر المائية في أفريقيا، بعدما كانت واحدة من أفقر دول العالم، إذ من المرجح أن يولد السد 5 آلاف إلى 6 آلاف ميجاوات من الطاقة الكهربائية، ما يساهم في إحداث نقلة اقتصادية عبر تصدير الطاقة للدول المجاورة.

ما هي الأسباب التي تخشاها مصر من تأثير سد النهضة؟

تعتبر مصر أن سد النهضة يمثل تهديداً وجودياً لها، إذ تعاني من إمدادات المياه الشحيحة أصلاً من النيل، والتي يعتمد عليها أكثر من 100 مليون نسمة بشكل شبه كامل. 

 وتوقعت دراسة أجرتها جامعة القاهرة أن تفقد مصر 51% من أراضيها الزراعية حال إتمام عملية ملء الخزان خلال 3 سنوات، وفي حال أجريت عملية الملء في 6 سنوات فإن نسبة الخسائر ستنخفض لتفقد مصر نحو 17% من أراضيها الزراعية بدلاً من ذلك، كما أنه سيتسبب في بطالة عشرات الآلاف من العاملين في القطاع الزراعي، والذين يمثلون ربع القوى العاملة في مصر،

أما عن ما تخشاه السودان تأثير سد النهضة،

الخرطوم التي تبلغ حصتها من مياه النيل 18.5 مليار متر مكعب، تؤكد أيضاً أن السد الإثيوبي سيؤثر على عمل سدودها، إضافة إلى تعرضها للضرر بالفعل عقب عملية الملء الأول، إذ ظهرت معاناة المواطنين من نقص في المياه.

وأعلنت وزارة الري والموارد المائية السودانية، في 15 يوليو 2020، انخفاضاً في منسوب مياه النيل الأزرق بما يعادل 90 مليون متر مكعب يومياً.

ويخشى السودان من حدوث نقص في الطاقة، لأن 50% من إنتاج الكهرباء في البلاد يعتمد على التوليد المائي. وحذر وزير الري السوداني ياسر عباس، من أن ملء سد النهضة سيهدد نصف سكان وسط السودان الذين يعتمدون على سدَّي الرصيرص ومروي لري أراضيهم وتوليد الكهرباء.

وقال عباس "ستكون هناك استحالة في تشغيل سد الرصيرص، إذا لم يكن ثمة اتفاق ملزم حول كمية المياه المتدفقة من سد النهضة وتبادل يومي للمعلومات". وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق، قدّر الوزير أن يفقد "سد مروي 30% من الطاقة الكهربائية التي يولدها".

وفقاً لذلك فمصر والسودان لا يملكان ترف التخلي عن حصصهما في مياه النيل، لاعتمادهما عليها في مياه الشرب والزراعة والصناعة وغيرها من الاستخدامات الأخرى.

أما في حالة حدوث جفاف، فإن الطرح المصري يُمكّن سد النهضة من توليد 80% من قدرته الإنتاجية من الكهرباء، بما يعني تحمل الجانب الأثيوبي أعباء الجفاف بنسبة ضئيلة.

وتتمسك إثيوبيا بملء السد بوتيرة أسرع خلال فترة تتراوح ما بين 4 و7 سنوات، وفقاً لتصريحات وزير الري الإثيوبي سيليشي بيكيلي، ما يعرّض مصر والسودان لمخاطر كبيرة.

وتطلب دولتا المصب رد "السُلفة المائية" التي تحتجزها إثيوبيا أثناء فترة الملء، في مواسم الجفاف، وهو ما ترفضه إثيوبيا.

فيما يرى شيخو أن من أسباب الخلاف اشتراط دولتي المصب، أن تراجعهما إثيوبيا حال بناء أي مشاريع تنموية لها علاقة بالأنهار أو بإنشاء أي سدود أخرى داخل إثيوبيا، خاصة إذا كان هذا المشروع يقام على نهر النيل، إلا أن إثيوبيا ترى أن هذا أمر سيادي.

وأضاف شيخو أن "مصر والسودان يطالبان بالمشاركة في إدارة السد"، وهو ما تعارضه إثيوبيا لأنها ترى أن سد النهضة مشروع وطني قومي إثيوبي، وإدارة السد بأيدٍ غير إثيوبية لن تتم، ولهذا تصر أديس أبابا على رفض توقيع اتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة 

لكن ما حدث على أرض الواقع هو فشل الملء الثاني لسد النهضة،

في حين من المتوقع أن يتأثر السودان بشكل أوضح، ففي حالة الفيضان المنخفض قد تتأثر الزراعة سلباً ويحدث نقص في منسوب المياه، كما حدث بعد الملء الأول في يوليو 2020.

ختاما، تعدّ "بحيرة ناصر" أو "بحيرة السد العالي" بمثابة البنك المركزي المائي لمصر، وفقاً لأستاذ الموارد المائية عباس شراقي. وبفضلها، استطاعت مصر أن تمارس أكبر قدر من ضبط النفس في مفاوضات سد النهضة.



google-playkhamsatmostaqltradent