اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

هل الإصابة بالاكتئاب والخرف والسكتة الدماغية" من الآثار الجانبية لفيروس كورونا؟

الصفحة الرئيسية

 هل الإصابة بالاكتئاب والخرف والسكتة الدماغية" من الآثار الجانبية لفيروس كورونا؟


كتبت:نوره سليم


لا يزال الكثير من المرضى يعانون من آثار فيروس كورونا رغم مرور أشهر عديدة على إصابتهم بالعدوى. وبعد أكثر من عام على بداية الوباء، ما هي الآثار طويلة الأمد للفيروس؟


عندما أسست ميليسا هايتمان، استشارية الجهاز التنفسي، أول عيادة لأعراض ما بعد الإصابة بفيروس كورونا في مستشفيات كلية لندن الجامعية في مايو توقعت أن تمضي جل وقتها في مساعدة المرضى على التعافي من آثار البقاء لعدة أسابيع على أجهزة التنفس الاصطناعي. وكانت تأمل أن تساعد الغالبية العظمى من هؤلاء المرضى على استرداد عافيتهم سريعا.


وتقول هايتمان: "لم نكن نعرف في بداية الوباء، شيئا عن طبيعة الآثار طويلة الأمد للفيروس، وكنا نظن أنها ستكون شبيهة بأعراض الإنفلونزا، وستزول من تلقاء نفسها ويتعافى المريض".


لكن بعد مرور عام، لا يزال ثلث المرضى في عيادة هايتمان يشعرون بالتوعك ويشكون من عدم القدرة على ممارسة معظم الأنشطة اليومية، مع أن ما يربو على نصف هؤلاء لم يتلقوا علاجا في المستشفيات من أعراض فيروس كورونا.


ديكساميثازون وفيروس كورونا: ما مدى فعالية الدواء وكيف يعمل؟

فيروس كورونا: ما هو كوفيد-19 "طويل الأمد" ولماذا لا يتعافى بعض المصابين سريعا؟

فيروس كورونا: دراسة جديدة تفيد بأن كوفيد-19 "يزيد خطر الإصابة بالاكتئاب والخرف والسكتة الدماغية"

فيروس كورونا : علماء يخلصون إلى أن النساء في منتصف العمر أكثر عرضة للإصابة بأعراض كوفيد طويلة الأمد


وتقول هايتمان إن العرض الأكثر شيوعا الذي يشكو منه أكثر من 80 في المئة من المرضى في عيادتها، هو التعب الشديد الذي يعوقهم عن تأدية أبسط المهام في حياتهم اليومية. وأشارت دراسات إلى أن 62 في المئة من مرضى كورونا طويل الأمد يلازمهم الشعور بالتعب والإنهاك الدائم.


وباتت هذه الحالات تعرف باسم كورونا طويل الأمد أو متلازمة ما بعد الإصابة بفيروس كورونا الحاد، وهو مرض ناتج عن الإصابة بالفيروس أثبتت الدراسات أنه أكثر شيوعا مما كان يظن الكثيرون في البداية. ويجمع العلماء الآن على أن واحدا من كل عشرة مصابين بفيروس كورونا يعانون من اعتلالات صحية بعد 12 أسبوعا من الإصابة.


وكان التعامل مع المجموعة الأولى في المستشفيات أسهل بمراحل مقارنة بالمجموعة الثانية. فقد تسببت العدوى الفيروسية الشديدة أو ما نتج عنها من استجابة مناعية حادة يطلق عليها عاصفة السيتوكين (حين يهاجم الجهاز المناعي أنسجة الجسم) في إتلاف الرئتين أو القلب. وكشفت أجهزة التصوير المقطعي المحوسب أو التصوير بالرنين المغناطيسي عن حجم التلف واستُخدمت أدوية، مثل كولشيسين في تخفيف أي التهابات متبقية في أعضاء الجسم الداخلية.


وتقول هايتمان إن ثلثي مرضى كورونا طويل الأمد في العيادة الذين نقلوا إلى المستشفيات تماثلوا للشفاء، وأظهر الثلث المتبقي تحسنا ملحوظا بعد ستة أشهر من الإصابة.


وتقول هايتمان: "نتوقع أن تتحسن حالة الغالبية العظمى من هؤلاء المرضى حتى لا يتبقى في أجسامهم أي تلف يؤثر على حياتهم وأعمارهم، ونأمل ألا يعاني المرضى الذين نقلوا إلى وحدات العناية المركزة لفترة طويلة، ويمثلون 10 في المئة من المرضى في العيادة، من أي ضرر دائم في القلب أو الرئتين".


وتقول هايتمان، إن معظم هؤلاء المرضى تتراوح أعمارهم بين 35 و49 عاما، ويعانون من طائفة من الأعراض الغامضة، أشارت بعض استطلاعات الرأي إلى أنها تبلغ 98 عرضا مختلفا. لكن أكثر الأعراض شيوعا، هي التعب الشديد والتشوش الذهني، أي صعوبة التركيز واسترجاع المعلومات، وآلام العضلات والمفاصل واضطرابات النوم والصداع النصفي وآلام الصدر والطفح الجلدي وحساسية جديدة نحو بعض النكهات والروائح، وخلل الوظائف المستقلة، وهي حالة نادرة تسبب تسارع نبضات القلب في كل مرة يحاول فيها المريض بذل أي مجهود.


وتقول هايتمان إن 50 في المئة من مرضى كورونا طويل الأمد في عيادتها الذين لم يتلقوا علاجا في المستشفيات تحسنت حالتهم الصحية على مدى عام إلى حد أنهم أصبح بإمكانهم التعامل مع الأعراض بمفردهم، لكن النصف الآخر لا يزال يعاني من أعراض شديدة.


وأشار استطلاع للرأي أجرته المبادرة التعاونية للأبحاث بقيادة باحثين من مرضى كورونا طويل الأمد، إلى أن 77 في المئة من أصل 3762 من مرضى كورونا طويل الأمد لا يزالون يعانون من التعب والإرهاق بعد ستة أشهر من الإصابة، و72 في المئة يشعرون أنهم منهكو القوى بعد بذل أي مجهود، و55 في المئة يعانون من اختلال الوظائف المعرفية، و36 في المئة من المريضات يعانين من اضطرابات في الدورة الشهرية. وتقول هنا وي، التي تشارك في الفريق البحثي، وعانت على مدار العام الماضي من كورونا طويل الأمد: "لقد توقفت الدورة الشهرية لثلاثة أشهر".


وذكر الكثير من المشاركين في استطلاع الرأي من مرضى كورونا طويل الأمد الذين لم يتلقوا العلاج في المستشفيات، أن الأعراض تظهر وتختفي على ثلاث مراحل. تبدأ المرحلة الأولى بسعال جاف وحمى، ثم تعقبها المرحلة الثانية سريعا بأعراض جديدة، مثل خلل الوظائف المستقلة، الذي يصل ذروته بعد شهرين ثم تقل حدته تدريجيا. وبعد شهر من الإصابة تبدأ المرحلة الثالثة من الأعراض وتتمثل في طفح جلدي وألم في العضلات وحساسية جديدة وتشوش ذهني.


وتقول وي: "إن المرحلة الثالثة مثيرة للقلق، لأن أعراضها تتفاقم تدريجيا دون تحسن ملحوظ، وتصل ذروتها بعد نحو أربعة أشهر، ثم تستمر إلى ما لا نهاية".


الآثار طويلة الأمد


في عام 2004، تلقى هارفي مولدوفسكي، عالم الأعصاب بجامعة تورنتو، اتصالا هاتفيا من جون باتكاي، الاستشاري بمستشفى تورنتو العامة. ففي العام السابق تفشى الفيروس المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد والوخيم (سارس) من آسيا إلى كندا، حيث أصاب 251 شخصا. لكن بعد أكثر من 12 شهرا، ظل 50 مريضا منهم يعانون من مضاعفات.


ويقول مولدوفسكي: "بدا الأمر محيرا، لأن هؤلاء المرضى كانوا يعانون من أعراض عديدة رغم عدم العثور على أدلة تثبت وجود التهاب في الرئتين أو وجود الفيروس في أجسامهم. ومع ذلك، كانوا يشعرون بالوهن والتعب الشديد وآلام في جميع أنحاء الجسم، وكانوا غير قادرين على العمل. وأطلقنا عليها متلازمة ما بعد الإصابة بالفيروس المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد والوخيم (سارس)".


ولاحظ مولدوفسكي أن المرضى الذين يعانون من الأعراض طويلة الأمد كانوا يشكون من اضطرابات النوم، ما حدا به إلى الاعتقاد أن هذه الأعراض تدل على وجود التهاب في الدماغ، لكنه لم يكمل الأبحاث بسبب نقص التمويل.


وفي الوقت نفسه، اكتشف علماء في الصين جسيمات من المادة الوراثية للفيروس المسبب لمتلازمة الالتهاب التنفسي الحاد في خلايا أدمغة مرضى يعانون من متلازمة ما بعد الإصابة بمتلازمة "سارس". ويفسر مولدوفسكي التوعك الذي عانى منه هؤلاء المرضى بالقول: "من المعروف أن العصب الشمي يربط بين الأنف وبين الدماغ، وربما استطاع الفيروس أن يصل مباشرة إلى الدماغ عبر هذا العصب. وأعتقد أن جسيمات الفيروس التي عثر عليها في خلايا أدمغة المرضى، كانت تتداخل مع وظائف الدماغ، ولهذا كان المرضى يعانون من النوم المتقطع وغيرها من المشكلات".


وتقول: "إن ظاهرة إصابة الناس بأعراض مزمنة بعد تفشي الأمراض المعدية ليست بالجديدة"، وتشير إلى أن ثمة دراسات عديدة لم تحظ باهتمام المجتمع العلمي، تكشف عن أن الكائنات المسببة للأمراض المعدية قد تستقر في الأنسجة وتسهم في تطور المرض. وبعض الفيروسات تستهدف الأعصاب، بمعنى أنها قد تتسلل إلى الأعصاب وتختبئ فيها، وثمة أدلة على أن فيروس كورونا المسبب لكوفيد-19 قادر على ذلك.


وقد أثارت نتائج بحث خلصت إلى أن مستويات الأجسام المضادة للفيروس ترتفع في أجسام الناجين بعد ما يصل إلى عام من الإصابة، حيرة بولاكيس، وشجعته وغيره من العلماء على اكتشاف أن المادة الوراثية للفيروس تبقى في مستودعات في أنحاء الجسم، من العين إلى الغدد اللمفية، وحتى سوائل الجسم، مثل لبن الثدي والسائل المنوي.


ويشير إلى أن دراسات أثبتت بالفعل أن فيروس كورونا المستجد قادر على إصابة مختلف الأنسجة في الجسم، من الدماغ إلى الخصيتين. وقد يقاس الفيروس في السائل المنوي على مدى فترات طويلة من الزمن.


لكن ظهور أعراض الحساسية لدى ناجين من مرض كوفيد-19، لم يعانوا منها من قبل، وكذلك آلام العضلات والمفاصل التي أبلغ عنها بعض المرضى، قد تشير إلى أن الفيروس يثير استجابة مناعية ذاتية لدى نسبة كبيرة من المرضى.


وتقول هايتمان: "نرى أن مرض كوفيد-19 يستحث الجهاز المناعي لمهاجمة أنسجة الجسم، على غرار أمراض المناعة الذاتية، مثل الذئبة والتهاب المفاصل الروماتزمي والتصلب المتعدد".


وأشارت دراسات عديدة إلى أن مرض كوفيد-19 قد ينشّط الفيروسات التي تظل خاملة داخل خلايا الجسم لسنوات أو لعقود، مثل فيروس الهربس النطاقي (الحزام الناري) المسبب لداء الجدري المائي، وكذلك فيروس إبشتاين بار، والفيروس المضخم للخلايا، ويؤدي إلى ظهور أعراض مزمنة.


ويقول بروال: "إذا كان فيروس إبشتاين بار خاملا في جسمك بعد الإصابة به، فقد ينشط مجددا (بعد الإصابة بفيروس كورونا المستجد)، ويصيب عصبا جديدا أو نسيجا جديدا وربما يدخل إلى الجهاز العصبي المركزي ويؤدي إلى ظهور أعراض مزمنة".


وقد أشارت بعض الدراسات الأولية إلى أن اختلال التوازن بين البكتيريا النافعة والضارة في أمعاء مرضى كوفيد طويل الأمد قد يسهم في استمرار الالتهابات. لكن وصف أدوية مضادة للالتهابات أو بكتيريا نافعة لمرضى كوفيد طويل الأمد في العيادات لا يزال يتطلب المزيد من الأبحاث.


وتقول هايتمان، إن أدوية الحساسية أثبتت فعالية في علاج أعراض ردود الفعل التحسسية لدى مرضى كوفيد طويل الأمد. وطورت آيمي كونتوروفيتش، طبيبة القلب بمستشفى ماونت سيناي، برنامجا علاجيا جديدا، عرف باسم تنسيق الحركات اللاإرادية، الذي أثبت نجاحا في تخفيف أعراض التعب والإرهاق لدى بعض مرضى كوفيد طويل الأمد.


ويبدأ البرنامج بتمارين على الحركة، ثم تمارين لياقة بدنية تتزايد حدتها تدريجيا، لكنها لا تسمح للمرضى بتجاوز 85 في المئة من الحد الأقصى لمعدل ضربات القلب.



google-playkhamsatmostaqltradent