اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

قصةُ صمتٍ

 قصةُ صمتٍ


بقلم مرفت سليمان


كم من قصص يخفيها الحزن وتختبئ خلف جدران الصمت والخوف من اللوم والتنمر والإنكار والاتهام فكثيراً ما ترى من يرمون باللوم عليك ويضعونك دائما بقفص الاتهام إنك أنت الفاعل المذنب دائما فإن كنت انت الجاني فأنت متهم بفعلتك هذه وانت المجرم الذي يجب أن يحاسب ويوضع خلف قضبان محكمة القضاء الإنساني

وان كنت أنت المجني عليه فأنت من أجبرت الطرف الآخر ليفعل بك هذا بعفويتك الزائدة وعدم توخي الحذر والحيطة  اللازمان لذلك

 أنت دائما المتهم الأول فتفضل السكوت والسجن خلف قضبان الصمت على أن تكون الجاني والمجني عليه دائما

كم من فتاة حسنة الخلق وشديدة الحياء والجمال تقع فريسة الحب المزيف لذئب من ذئاب الشباب الذين لا يبحثون سوى عن فريسة جميلة....  ثمّ ترى نفسها ضحية حب كاذب ورجل مخادع تركها لنيران الخذلان والهجر حتى تلتهم براءتها وصدقها وتصبح بقايا فتاة حطمها الحب المزيف لذئب لن ينظر لما خلّفه وراءه مِن حطام شرف و بعثرة مشاعر 

بل ينظر صَوْبَ فريسة أخرى غافلة عمّا ينتظرها و يفعل بها ما فعله بمن سبقها 

ولكن .... يوماً ما سوف تخرج من سجن الحزن وترى نور الشمس مرة أخرى وتجعل من ألمها تجربة شخصية تواجه بها كل من يريد الاستخفاف بعقلها ومشاعرها ومع هذا تفضّل الصمت ولن تتحدث عن خيبة حبها لأحد حتى لا ترى في عيون الجميع الشماتة واللوم وتبقى قصة صمتها كالشمعة بداخلها تحترق جزءا فجزء كل يوم حتى ينتهي ألمها وتصبح ذكرى غير سعيدة تتذكرها  وتحزن وتصمت دون أن يدري بقصّتها أحد.

وكم من قصص صمت لإمرأة وزوجة وأم فٕضَّلَتِ التُحمّل والصمت، فليس لدها أحد يتحملها و يستمع إليها أو يحتوي الآهة التي بداخلها، ليس بيدها حيلة

سوى التّحمّل والمُضِيِّ قُدُما من أجل أبناءها حتى لا تتركهم فريسة بِيَدِ مجتمعٍ ظالم.

وتلك قصة الزوجة التي تعاني الإهمال والخيانه وتبقى أيضا صامتة 

كل من حولها يريدون أخذ مكانها ويرون أنها لا تستحق هذا الرجل المفعم بالحيوية والنشاط والوسامه واللّباقة في الكلام، فالعالم الخارجي لا يرى سوى ظاهر الأمور ولا يعلم ما يحتوي هذا البيت وما يحدث من ظلم خلف الأبواب المغلقة

وتظَلُّ صامتة ومبتسمة وصابرة لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا

قصة صمت توجع القلب وتميت روحها يوماً بعد يوم ولا يدري به غير الله فهي تنتظر مقابل الصبر والتحمل من الله وما اجمل العوض والعطاء منه سبحانه 

تذبل وتطفئ ويلقي المجتمع عليها باللوم بأنها هي المقصرة في حقّ زوج تتمناه  الأجمل والأصغر منها ولا أحد سأل السؤال المناسب، كيف ذبلت هذه الوردة؟ التي كانت تنتظر أن يرويها أحدهم بالمحبة والاحتواء أو كيف جفت أرضها وماتت بداخلها الطفلة الصغيرة المشاغبة التي كانت يوما تمتلئ بالحيوية والنشاط

هذا هو المجتمع الجاهل، هل رأى وحدتها كل ليلة هل مسح الدموع التي بلّلت وسادتها

هل سأل ذاك الرجل المُسمّى زوجها وحاسبه عن غيابه وإهماله؟ طبعا لا أحد فعل!!....

هي و قصة صمتها المتجدّد كل يوم. 

فلا أحد يلومها إذا خرجت من سجن صمتها وأخدت اطفالها وذهبت بعيدا عن ذاك الصمت.. 

تنقذهم كي لا يتعلمون الصمت مثلها كي لا يتحملون ما فُرِض عليهم قسرا من مجتمع لا يعلم عن الحقيقة سوى صورة لغلافِ كتابٍ يجهلون ما تقوله أسطرُ صمتٍ تتقتر حزنا. سيدتي الصامتة يجب أن نرفض كل وضع فرض علينا ولا نستسلم ونصمت ونترك النيران تأكل الأخضر واليابس داخل أرواحنا. 

قصة الصمت لا تقتل الا صاحبها فقط

 أخرجي من صمتكِ فأنتِ تستطيعين ذلك لا تجعلي من نفسكِ ضحية لمرتين مرة عندما تقبّلتِ الوضع ومرة عندما قررت الصمت. 

وكم من قصص صمت لا نعلمها.

google-playkhamsatmostaqltradent