رسالة إلى من يهمّه الأمر
رسالة إلى من يهمّه الأمر
كتبت ـ مروة سيف
نعم اهدموا أبراج الحمام فوق المنازلولا تُعلِّقوا فوانيس رمضان حين يأتي
ولا حاجة لتعليق زينة الكريسماس هذا العام.
الزموا بيوتكم، وأجلسوا أبناءكم بجواركم ،التزموا الصمت والهدوء، وأقيموا الحداد ، ارفعوا الرايات السوداء والبيضاء ،أغلقوا الدكاكين، وأظلموا الطرقات ليلًا.
تنحّوا جانبًا، وأرجئوا حفلات الزفاف وعقود القِران ، وافتحوا فقط أبواب المساجد والكنائس ، صلّوا واسجدوا، وأطيلوا السجود
ارفعوا أكفّكم بالدعاء انفروا ودقّوا نواقيس الخطر
فما عاد الأمر يحتمل السكوت.
فأنا أقول وأعي جيدًا ما أقول:
الأمر لم يعد جسدًا تم الاعتداء عليه فقط بل أصبح اعتداءً فكريًا وعقليًا
قبل أن يكون اعتداءً على الجسد.
لقد تم احتلال الأفكار والعقول والسيطرة على العقل البشري
وتغيير صبغته، وتشويه فطرته.
دقّ الناقوس منذ زمن بعيد لكن الآذان صُمّت، والعقول غُيّبت.
أطفال يعتدون على أطفال والأهل لم يعودوا مصدر الحماية والأمان.
الجُناة في كل مكان وزمان ولم نعد نعرف أين بدأت القصة
ولا من أين ستأتي الضربة.
هل أصبح الأهل يتفاجأون بانحراف أبنائهم؟
أم كانت هناك بوادر تم التغافل عنها من أجل “تمشية الحال”
وشراء راحة مؤقتة من عبء التربية والتهذيب؟
أم أن هناك توجهًا لترك الأهم من أجل ما ليس بمهم أصلًا؟
متى كانت البداية؟
هل هو دور الأب والأم فقط؟
أم دور المعلّم والمربّي داخل المؤسسات التعليمية التي تتبع وزارة رفعت شعار «التربية قبل التعليم»؟
أم أنه مجرد شعار؟
أين صدق النية في إصلاح الفساد؟
ولو صدقنا النية مع الله لأعاننا على الإصلاح ووفّقنا فيه.
اتجاه الدولة أصبح إجبارًا على حضور مشوَّه دون حب، ودون شعور بالانتماء
فيأتي الطالب مجبرًا ويذهب مجبرًا ويشعر بالغربة داخل مؤسسة
وُجدت في الأساس لإعداده وإصلاحه.
ألا يرى المعلّم نبوءات كارثية تبشّر بمستقبل مظلم ومصائب محققة؟
ألا ينقل الصورة إلى الأب والأم مجتمعين أو حتى إلى أحدهما؟
وماذا يفعل أهل الطالب وذووه ومن يزعمون أنهم أصحاب الوصاية
ومن يهمّهم الأمر؟
هل يُستقتل في التغيير والتحسين؟
أم أصبحت اللامبالاة أسلوب حياة وفكرًا بديهيًا غير مبرر؟
القطار سريع ويذهب بنا جميعًا نحو هاوية وسقوط محقق
وجميع الركاب يعرفون القيادة جيدًا لكن كلٌّ يعتقد أن الدور ليس دوره
وأن هناك من سيأتي حتمًا لينقذ القطار.
الخوف كل الخوف أن نسقط جميعًا قبل أن تأتي المبادرة المجهولة
ونجد أنفسنا معًا في الهاوية.
إلى كل من يهمّه الأمر:
ليس من الذكاء إلقاء الذنب على مؤسسة بعينها دون الأخرى.
فلو تكاتف الجميع لأنقذنا أنفسنا وأبناءنا بلا أدنى شك.
الإعلام دوره رئيسي ومباشر وأعتبره الأقوى تأثيرًا.
فالمواد المعروضة والمسموح لها بالعبور إلى عقول أبنائنا وبناتنا
يجب اختيارها بعناية وعدم التهاون مطلقًا فيما يُعرض ويُبث على الشاشات.
الأب والأم، ومدى تأهيلهما النفسي والعقلي ليكونا قادرين على إخراج نشء صالح مؤثر إيجابيًا في المجتمع لا شخصًا مشوَّهًا، مريضًا
مهووسًا، متحرشًا، مغتصبًا ومفسدًا في الأرض.
مؤسسات التربية والتعليم المدارس ودورها المؤثر بقوة
في دعم وتعديل سلوك الأبناء من سلوك سلبي هدام
إلى سلوك قوي إيجابي نافع للمجتمع.
العقاب والردع لكل ما هو فاسد دون تخاذل أو تراخٍ أو لا مبالاة.
ثم يأتي الدور الأهم والأقوى:
الوازع الديني وزرع مخافة الله في قلوب أبنائنا وبناتنا
تربية طفل ذو ضمير حي يعلم أن الله رقيبه في كل فعل وقول.
أين دور المساجد والكنائس؟
أين الإمام والخطيب والقس والواعظ؟
الضحايا أبناؤنا وبناتنا أفلا يستحق الأمر صحوة قوية
ورغبة حقيقية في التغيير؟
أفعال لا أقوالمواقف لا خُطب ولا شعارات.
وتذكّروا جيدًا أننا جميعًا مسؤولون عن إيقاف القطار
قبل أن يذهب بنا نحو الهاوية.

