اقرأ التفاصيل
recent
أخبار عاجلة

حوار مع القمص يسطس الأورشليمي حول الرهبنة القبطية في الواحات المصرية

 حوار مع القمص يسطس الأورشليمي حول الرهبنة القبطية في الواحات المصرية 



كتبت : منى منصور السيد

سؤال: قد يستغرب الكثيرون عنوان دراستكم عن الرهبنة في الواحات المصرية، خاصةً في ظل محدودية الوجود المسيحي الحالي هناك. 

إلى أي مدى كان الانتشار المسيحي والرهباني في هذه المنطقة الصحراوية؟


القمص يسطس الأورشليمي: هذا الاستغراب مفهوم، وهو ما يجعل البعض يظن أنها قصة من الخيال، لكن الآثار تؤكد أن المسيحية والرهبنة انتشرتا بشكل واسع جداً في الواحات، وتحديداً في الصحراء الغربية، منذ القرن الثالث الميلادي. 


فلا تكاد تخلو منطقة من بقايا دير أو كنيسة أو قلاية، ما يشير إلى كثافة رهبانية يمكن مقارنتها بوادي النطرون.


سؤال: بالعودة إلى هذه الفترة، ما العوامل التي ساعدت على هذا الانتشار الكثيف للرهبنة في الواحات تحديداً؟


القمص يسطس الأورشليمي: هناك عدة أسباب 


أولاً : طبيعة الواحات بما تحويه من جبال ومغاور كانت بيئة مثالية لمحبي الوحدة والنسك اقتداءً بالسيد المسيح.

 وثانياً  : موقع الواحات على درب الأربعين التجاري، ما أدى إلى تحويل القلاع والحصون الواقعة على هذا الدرب إلى أديرة.


سؤال: وكيف أثّر درب الأربعين على الشكل العام ووظائف الأديرة في الواحات؟


القمص يسطس الأورشليمي: هذا الموقع فرض نمطاً خاصاً؛ إذ كانت الأديرة مقسَّمة إلى قسمين: قسم مخصص لحياة الرهبان وأعمالهم اليدوية وقسم آخر لاستضافة القوافل العابرة للراحة. 


هذا المزج بين الروحي والخدمي كان مثالياً حيث تحققت وصية «إطعام الغريب» وفي الوقت نفسه تأمّنت احتياجات الرهبان عبر التبادل التجاري.


سؤال: بالنسبة لنظام الحياة الرهبانية؛ هل كان الرهبان يميلون إلى حياة الشركة أم إلى الوحدة الفردية في الواحات؟


القمص يسطس الأورشليمي: كان هناك توازن بين النوعين. فهناك أديرة الشركة (الباخومية) الكبيرة، وأديرة المنشوبيات الأصغر المتخصصة في أعمال معينة. وفي الوقت نفسه، شجعت الجبال والمغاور على ازدياد عدد المتوحدين الذين كانوا يعيشون في عزلة، ولا يزورون الدير المجاور إلا أيام الآحاد والسبوت لأخذ احتياجاتهم الروحية والمعيشية للأسبوع.


سؤال: ما أبرز الحرف اليدوية التي اشتهر بها رهبان الواحات مستغلّين طبيعة البيئة المحلية؟


القمص يسطس الأورشليمي: نظراً لغزارة النخيل، كانت صناعة السلال هي الحرفة الأساسية، وظلّت قائمة حتى زمن قريب.


 ومن أمثلتها «المَلْقُون» وهي سلة صغيرة بغطاء، وكلمتها يونانية الأصل. كما ازدهرت صناعة الحصر من نبات السَّمّار، وصناعة الفخار

حيث ما زالت آثار فاخورة (أفران حرق الطين) موجودة قرب منطقة البجاوات.


سؤال: إلى جانب العبادة والعمل، ما الدور التبشيري الذي لعبته أديرة الواحات في نشر المسيحية؟


القمص يسطس الأورشليمي: كان دورها حيوياً للغاية. فقد ساهم الرهبان في أعمال النساخة والترجمة ولدينا اسم ناسخ مسجل على جدار معبد هيبيس ، لكن الأهم كان نشر المسيحية عبر التفاعل المباشر مع قوافل درب الأربعين المتجهة نحو إفريقيا. 


هذا التواصل جعل الأديرة مراكز إشعاع رغم فقرها، وندرك ذلك من قصص إرسال الإسكندرية للمعونات المالية إليهم.


سؤال: في الختام، ما الأسباب التي أدت إلى تراجع هذا الوجود الرهباني القوي في الواحات؟


القمص يسطس الأورشليمي: أهم الأسباب كان فرض الضرائب الجائرة على الرهبان وعلى محصول النخيل في أوائل القرن الثامن، ما أدى إلى تناقص أعدادهم.


 يضاف إلى ذلك الغزوات المتكررة من الغرب والجنوب التي استهدفت الرهبان لضعفهم. وأخيراً كان لتغيرات الطبيعة دور حاسم، حيث ردمت الكثبان الرملية العديد من الأديرة وطمست عيون المياه، مما قضى على مقومات الحياة.


شكراً جزيلاً للقمص يسطس الأورشليمي على هذه الرحلة التاريخية الثرية.

google-playkhamsatmostaqltradent