موسم الانتخابات: بين الوعود والواقع
بقلم:محمود فوزي
في كل دورة انتخابية، ومع اقتراب موعد انتخابات مجلس النواب، تتحول مدينتنا إلى مسرح كبير. على هذا المسرح، تبرز شخصيات متكررة، وتُعاد نفس السيناريوهات التي ألفناها. يبدأ كل مرشح حملته الانتخابية بالوعود، يردد عبارات أصبحت محفوظة عن ظهر قلب: "لن أتخلى عنكم يا أهالي المدينة"، و**"أنتم سندي وذخري"**.
هذه الكلمات، التي يفترض أن تلامس قلوب الناخبين، سرعان ما تتحول إلى مجرد صدى فارغ. فبمجرد انتهاء الانتخابات وحسم النتائج، تتلاشى هذه الوعود في الهواء، ويعود المرشحون الفائزون إلى حياتهم، تاركين وراءهم أهالي المدينة، الذين كانوا قبل أيام قليلة "سندهم" و"ذخرهم".
وعلى الجانب الآخر من المسرح، يقف "المنافقون والأفاقون"، الذين يظهرون فجأة مع بداية موسم الانتخابات. يتسابقون في ترديد شعارات الدعم والمساندة، ويملأون الساحات والشوارع بعبارات مثل: "كلنا مع الحاج فلان"، و**"صوتنا للحاج فلان"**. هؤلاء ليسوا سوى مجموعة من الأفراد يسعون لتحقيق مصالح شخصية، أو الحصول على مكانة أو منصب في الدائرة المقربة من المرشح.
إن ما يحدث في مدينتنا ليس ظاهرة فريدة، بل هو صورة مصغرة لما يدور في كثير من المجتمعات. الانتخابات، التي من المفترض أن تكون عملية ديمقراطية تهدف إلى اختيار الأفضل لتمثيل الشعب، تتحول إلى لعبة يختلط فيها الصدق بالكذب، والوفاء بالنفاق. يصبح الناخبون ضحية لهذا الواقع، ويجدون أنفسهم أمام خيارين أحلاهما مُرّ: إما التصويت لمرشح يبيعهم الأوهام، أو الامتناع عن المشاركة، مما يزيد من هيمنة هؤلاء على المشهد السياسي.
كيف نغير هذا الواقع؟
لتجاوز هذه المشكلة، لا بد أن يبدأ التغيير من الناخب نفسه. بدلاً من الانجرار وراء الشعارات الجوفاء، يجب أن نعتمد على معايير أكثر عمقاً لاختيار ممثلينا.
البرنامج الانتخابي: يجب أن نطلب من كل مرشح برنامجاً واضحاً ومفصلاً يتضمن حلولاً لمشاكل المدينة، وخططاً عملية قابلة للتطبيق.
الماضي والسيرة الذاتية: لا يكفي أن نستمع إلى الوعود، بل يجب أن ننظر إلى تاريخ المرشح. ما هي إنجازاته السابقة؟ هل كان صادقاً في تعاملاته؟
المشاركة الإيجابية: بدلاً من الوقوف موقف المتفرج، يجب أن نشارك بفعالية في العملية الانتخابية. علينا أن نطالب بمرشحين يمثلون مصالحنا حقاً، ونعمل على كشف كل أشكال النفاق والتضليل.
إن التغيير الحقيقي يبدأ عندما يقرر أهالي المدينة أنهم لن يكونوا مجرد جمهور في مسرحية هزلية، بل هم صناع القرار الذين يملكون زمام الأمور.
