غياب المعارضة الوطنية في مصر وتحديات المناخ الديمقراطي
كتب - محمود فوزي
يُعد وجود معارضة قوية ووطنية من الركائز الأساسية لأي نظام ديمقراطي سليم. فالمعارضة ليست مجرد طرف معارض للسلطة، بل هي شريك أساسي في بناء الوطن، دورها هو تقويم أداء الحكومة، ومراقبة قراراتها، وطرح حلول بديلة تخدم مصلحة المواطنين.
في مصر، لطالما كان الحديث عن المناخ الديمقراطي مثيرًا للجدل، ويبرز بشكل واضح غياب المعارضة الوطنية الفعالة التي تخاف على الوطن وتسعى لخدمة المواطنين. فالمشهد السياسي الحالي يعاني من فراغ كبير في هذا الجانب
مما يؤثر سلبًا على جودة الحوكمة وفعالية المشاركة السياسية.
أين تكمن المشكلة؟
يمكن تلخيص المشكلة في نوعية المعارضة الموجودة:
المعارضة الخدمية: هذا النوع من المعارضة لا يهتم بمصلحة الوطن بقدر ما يهتم بالوصول إلى السلطة. قد يستخدم أي وسيلة لتحقيق هذا الهدف، حتى لو تطلب الأمر التعاون مع جهات خارجية معادية أو نشر الفوضى والاضطراب في البلاد. هذا النوع من المعارضة لا يهدف إلى الإصلاح، بل إلى الهدم لإعادة البناء وفقًا لأجندته الخاصة.
غياب البديل الوطني: في ظل غياب المعارضة الوطنية الحقيقية، يجد المواطن نفسه أمام خيارات محدودة. فإما أن يدعم السلطة الحاكمة، أو يتبنى خطاب المعارضة الخدمية الذي قد يكون هدامًا في جوهره. هذا الوضع يجعل من الصعب على المواطن التعبير عن رأيه بحرية وثقة، ويخلق حالة من الإحباط السياسي.
نتائج غياب المعارضة الوطنية
يترتب على غياب المعارضة الوطنية مجموعة من التحديات الخطيرة
فقدان الرقابة الفعالة
دور المعارضة هو مراقبة أداء الحكومة وكشف أوجه القصور والفساد. عندما تغيب هذه الرقابة، قد تتخذ الحكومة قرارات غير مدروسة أو قد تتساهل مع بعض أشكال الفساد دون وجود من يحاسبها أو يثير الأسئلة.
انعدام التوازن السياسي
التوازن هو أساس أي نظام سياسي ناجح. عندما تغيب المعارضة الوطنية يختل هذا التوازن، وتصبح السلطة الحاكمة هي الصوت الوحيد في المشهد.
هذا قد يؤدي إلى اتخاذ قرارات فردية لا تعكس إرادة الشعب بشكل كامل.
إحباط المواطنين: عندما يشعر المواطن بأن صوته غير مسموع، وأن لا يوجد من يمثله ويعبر عن تطلعاته، قد يؤدي ذلك إلى حالة من الإحباط وفقدان الثقة في العملية السياسية برمتها.
الطريق إلى الأمام
إن بناء ديمقراطية حقيقية في مصر يتطلب وجود معارضة وطنية قوية ومخلصة.
معارضة لا تخاف من قول الحقيقةولا تتردد في طرح حلول بناءة، وتضع مصلحة الوطن فوق أي اعتبار آخر.
يجب على القوى السياسية المصرية أن تعمل على خلق بيئة تسمح بظهور هذا النوع من المعارضة، وأن يتخلى الجميع عن أجنداتهم الخاصة لصالح الأجندة الوطنية الكبرى.
فمستقبل مصر لا يمكن أن يُبنى إلا على التنوع الفكري، واحترام الاختلاف والتنافس الشريف بين قوى سياسية وطنية هدفها الأسمى هو خدمة الوطن والمواطنين.
