recent
أخبار ساخنة

عندما تجف ينابيع القيم

الصفحة الرئيسية

عندما تجف ينابيع القيم



بقلم : د.  محمد إسماعيل 

في زمن تتسارع فيه الأحداث وتتشابك فيه المصالح يطل علينا خطر صامت لا يحدث ضجيجا لكنه يفتك بأرواح المجتمعات من الداخل إنه التصحر الأخلاقي هو ليس ظاهرة طبيعية بل نتيجة تراكمات بشرية حين تذبل بذور الفضيلة وتذوي شجيرات القيم

 فتتحول أرض المجتمع إلى صحراء قاحلة لا ظل فيها ولا ماء.


التصحر الأخلاقي يعني أن تتحول الأخلاق من منظومة حية تهذب السلوك وتوجه الإنسان إلى شعارات باهتة تقال في المناسبات بينما الواقع يشهد عكسها نرى الصدق يستبدل بالمراوغة والأمانة تزاح عن الطريق لصالح الغش والمروءة تستبدل بالأنانية حتى يصبح الحق مجرد رأي نسبي والواجب كلمة ثقيلة على اللسان.


التصحر الاخلاقي يبدأ من غياب التربية الأخلاقية في البيوت مرورا بمنظومات تعليمية تهتم بالحفظ أكثر من القيم وإعلام يلمع النماذج الفاسدة وصولا إلى تاكل دور القدوة الصالحة في حياة الأجيال ولأن الطبيعة لا تقبل الفراغ فإن غياب القيم يملؤه الزيف والسطحية والمصالح الضيقة.


المجتمع الذي يفقد أخلاقه يفقد مناعته ويصبح عاجزا عن مواجهة التحديات مهما امتلك من مال أو قوة تضعف روابط الثقة بين الناس وتنهار جسور التعاون ويصبح الفرد غريبا في وطنه يبحث عن الأمان فلا يجده.


مواجهة التصحر الأخلاقي ليست رفاهية بل ضرورة وجودية تبدأ بإحياء التربية على القيم في البيت والمدرسة وتفعيل القوانين التي تحمي النزاهة وتعاقب الفساد وإبراز القدوات التي تجسد الأخلاق في القول والفعل والأهم أن يراجع كل إنسان نفسه قبل أن يلوم المجتمع فالتغيير الحقيقي يبدأ من داخلنا.


التصحر الأخلاقي خطر بلا حدود جغرافية وإذا تركناه يتمدد سنستيقظ على عالم بلا ظلال ولا ماء ولا قلب نابض بالخير وكما أن الأرض القاحلة تحتاج إلى المطر لتزهر فإن قلوبنا تحتاج إلى صدق وإخلاص ورحمة وإيمان لله حتى تعود للحياة.

google-playkhamsatmostaqltradentX