recent
أخبار ساخنة

الفتن الانتخابية

 الفتن الانتخابية



بقلم: د. محمد إسماعيل


في كل موسم انتخابي تتسارع الأحداث وتتعدد الوجوه وتعلو الأصوات هنا وهناك ولكن خلف هذا المشهد الرائع الذي يفترض أن يكون ساحة للتنافس الشريف تختبئ فتنة كبرى تهدد قيم المجتمع وتفسد الوعي  إنها الفتن الانتخابية وهي كثيره جدا

من أبرز مظاهر الفتن الانتخابية أن يتحول الانتماء السياسي إلى انقسام قبلي أو عائلي أو طائفي حيث يقدم القريب على الكفء وتستبدل الكفاءة بالولاء الشخصي يغيب صوت العقل ويتهم من يختلف معك بالخيانة أو الجهل أو حتى العمالة وكأن الانتخابات ساحة حرب لا مجرد اختيار الأصلح لخدمة الناس



وتتحول الحملات الانتخابية في بعض الأحيان إلى منصات لتبادل التهم ونشر الإشاعات بدلًا من أن تكون برامج وخططا واقعية لخدمة المواطنين ويستبيح بعض المرشحين الكذب والتضليل والتلاعب بالعقول من خلال منصات التواصل الاجتماعي واستخدام اكونت وهمي لنشر الاكاذيب والتلاعب بعقول الناس من أجل الوصول إلى المقعد البرلماني ولو كان الثمن هو تدمير سمعة الخصوم أو تقسيم المجتمع.

ويظهر المال السياسي في أسوأ صوره خلال المواسم الانتخابية حيث تشترى الأصوات وتستأجر الولاءات وتباع القيم مقابل كرتونة أو مبلغ زهيد ويظن بعض الناس أنهم استفادوا من هذا الوضع بينما هم في الحقيقة قد باعوا مستقبلهم بثمن بخس


لا تكتمل الفتنة إلا حين تختزل إرادة الناس في وعود كاذبة أو تصويت عاطفي وتغيب عنهم الحقيقة لصالح الدعاية الزائفة وهكذا يفرز الصندوق من لا يستحق ويقصى الكفء بسبب انعدام التوعية أو بسبب استغلال حاجة الناس وغياب الرقابة الشعبية الواعية

من أخطر ما في الفتن الانتخابية هو غياب الناخب الواعي القادر على التمييز بين الصادق والمتلاعب وحين يضعف دور المواطن في المحاسبة يتمكن من لا يستحق من الوصول وتتحول الانتخابات إلى مناسبة شكلية لا تحقق الإصلاح.


ليست المشكلة في الانتخابات نفسها بل في الطريقة التي نتعامل بها معها فإن جعلناها ميدانا للتجريح لا التقييم ووسيلة للتكسب لا للتطوير فسنحصد الفتن بدلًا من النهوض علينا أن نعيد للانتخابات معناها الحقيقي اختيار الأصلح لا الأقرب الأصدق لا الأعلى صوتا الأجدر لا الأغنى ومن أراد أن يدخل العمل العام فليطهر نيّته وليستعد أن يكون خادما للناس لا سيدا عليهم

ومن أراد أن يدلي بصوته فليجعل ضميره هو الدليل لا العاطفة ولا المصالح الضيقه

الوعي هو الحصن الحقيقي ضد الفتن والضمير هو الحكم العادل في كل اختيار.

google-playkhamsatmostaqltradentX