يوم عاشوراء ملحمة دينية تراثية، تعرف على معالمها
كتب - د. عبد الرحيم ريحان
عيد عاشوراء " العاشر من المحرم " يحتفل به العالم الاسلامي اليوم فما هى حكايته؟
عيد "طرح بذور القمح المقدس" هو عيد مصري قديم يرجع إلى الدولة القديمة في أواخر عصر بناة الأهرامات وكان من بين أعياد منف الدينية ويقع في اليوم العاشر من شهر نوبي (طوبة) أول شهور الفصل الثاني من فصول السنة
(فصل برت – البذر)
وكانوا يعدون أطعمة تقليدية خاصة به تصنع جميعها من القمح المعد للبذر لا تختلف صناعته وطريقة إعداده وتقديمه عما هو متبع حاليًا فى عاشوراء وكانت البليلة تصنع في قدور خاصة ولا تزال حتى الآن من الأطعمة الشعبية المتوارثة وكذلك كعك عاشوراء الخاص ويصنع من القمح وعسل النحل وكان يصنع على شكل القمحة أو السنبلة وتوضع في وسط الكعكة قمحة رمزًا للخير.
خروج بنو إسرائيل
تصادف يوم عيد ”طرح بذور القمح المقدس” فى مصر القديمة مع العاشر من تشرى أول السنة العبرية يوم خروج نبى الله موسى من مصر مع شعبه طبقًا لنص التوراة بعد سماح أحد ملوك مصر لهم بالانطلاق ليخلص من ضروب العذاب التى حاقت بهم وقد استدعى موسى وهارون وقال لهما ” قوموا أخرجوا من بين شعبى واذهبوا واعبدوا الرب كما تكلمتم خذوا غنمكم أيضًا وبقركم كما تكلمتم واذهبوا وباركونى أيضًا.
وكان المصريون يلحون عليهم فى الخروج، ولقد طلب بنو إسرائيل من المصريين ذهبًا وفضة وثيابًا فأعطوهم ثم ندم الملك لخروجهم دون إذن منه ولعله قد بلغه ما فعلنه نساء بنى إسرائيل من استعارة الحلى من المصريات وعدم ردهن لهن، وانطلق وراءهم بجنوده حتى ساحل البحر الأحمر وحدثت معجزة شق البحر على مرأى من بنى إسرائيل بنص الآية 50 فى سورة البقرة "وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ" وبالتالى فإن غرق فرعون ونجاة بنو إسرائيل حدث عند أقرب نقطة مرئية ليشاهدوا المعجزة بأنفسهم
وموقعها حاليًا نقطة الشط عند رأس خليج السويس حيث انشق البحر وكان كل جزء كأنه جبل مانع يحمي نبي الله موسى وقومه وعندما عبر فرعون وقومه عاد البحر كما كان.
عيد الفصح
صادف يوم نجاة نبى الله موسى موعد احتفال المصريين ببدء الخلق وأول الربيع يوم شم النسيم وأطلق عليه اليهود يوم الخروج أو الفصح وهى كلمة عبرية معناها (اجتياز) واشتقت منها كلمة (بصخة) إشارة إلى نجاتهم, وهكذا اتفق عيد الفصح العبرى مع عيد شم النسيم المصرى كما صادف يوم عيد "طرح بذور القمح المقدس" العاشر من تشرى أول السنة العبرية والذى صادف بدوره العاشر من المحرم عند المسلمين وأن العرب في الجاهلية أخذوا عادة الاحتفال بعاشوراء والصوم عن اليهود وعند نزول الإسلام أمر النبى عليه الصلاة والسلام المسلمين بالصيام في نفس اليوم والاحتفال به.
حين سئل الرسول صلى الله عليه وسلم كيف يصوم المسلمون مع اليهود ويحتفلون معهم قال ” نحن أحق بموسى منهم ” ويحتفل الشيعة أيضًا بعيد عاشوراء لأن سيدنا الحسين رضى الله عنه قتل في موقعة كربلاء في العاشر من المحرم سنة 61هـ/680م بمدينة كربلاء بالعراق في معركة بين الحسين بن على بن أبى طالب وجيش يزيد بن معاوية، كما أن بعض البلاد الآسيوية القديمة كانت تحتفل به أيضًا في نفس اليوم على أنه اليوم المقدس الذي زرع فيه سيدنا نوح عليه السلام القمحة فى الأرض بعد الطوفان.
العصر الفاطمي
أخذ الاحتفال فى العصر الفاطمى شكلًا رسميًا باعتباره عيدًا للحزن والبكاء تعطل فيه الأسواق وتغلق الدكاكين ويخرج الناس ومعهم المنشدون إلى الجامع الأزهر وتتعالى أصواتهم بالبكاء وعندما نقلت رأس الحسين رضي الله عنه إلى القاهرة وبني لها المشهد الحسيني كان خروج الناس إلى المشهد الحسيني.
العصر الأيوبى
أخذ الاحتفال في العصر الأيوبي السني شكلًا آخر حيث اعتبر ملوك بني أيوب هذا اليوم فرح وسرور يوسعون فيه على أولادهم ويكثرون من الأطعمة الفاخرة ويصنعون ألوان الحلوى واستمر ذلك في عصر المماليك وما يليه، وصاحب هذا الاحتفال خلال العصور المختلفة كثير من الخرافات التي انمحى بعضها الآن نتيجة لانتشار التعليم والثقافة وبقى البعض الآخر متداولًا في القرى وفي الأحياء الشعبية ومنها ظهور الجن في هذا اليوم يطرق الأبواب ليفرغ ما لديه من الذهب.
عصر المماليك
الاحتفال فى عصر المماليك كان يتم منذ اليوم الأول حتى العاشر من المحرم واعتبروه من المواسم الشرعية الرئيسية حيث تكثر الزينات والولائم وتسير المواكب وتنشد الأناشيد ويحضر السلطان إلى القلعة ومعه الشيوخ والقضاة وأهل العلم والأمراء ويبدأ القراء فى تلاوة القرآن الكريم وإنشاد المنشدين فإذا ما انتهى كل منهم دفع إليهم السلطان بصرة فيها دراهم من الفضة وحينما تنقضى صلاة المغرب تمد الأسمطة ويوزع منها على الفقراء بعدها يمضى الجميع بقية الليل فى سماع المطربين حتى الفجر.
طبق عاشوراء
ما تزال هذه العادات متبعة حتى الآن ومنها طبق عاشوراء من الحبوب أو القمح عادة ويطبخ على شكل البليلة ثم يصفى ويضاف إليه اللبن والسكر وبعض الياميش مثل الجوز واللوز والبندق كما يقوم الأهالي بشراء البخور لتبخير المنازل لإبطال مفعول نظرة الحاسدين.
وتشمل مظاهر احتفال المسلمين بيوم عاشوراء أيضًا قراءة القرآن الكريم في كل بيت لمشاهير القراء ثم ينشد المنشدون بصحبة الآلات القصائد، أمّا النساء فكن يشاهدن الاحتفال خارج المنزل من فوق الأسطح أو يحتفلن به داخل المنزل بإحضار إحدى الواعظات لسماع الوعظ، ويطوف بعض الباعة في الشوارع يبيعون الميعة "البخور" المباركة وهم ينادون عليها بصوت ملحّن ويحمل البائع عادة على رأسه صينية مستديرة يغطيها بقطع من الورق المختلف الألوان ويضع عليها هذه الميعة.
البخور
عندما يقوم الأهالي بشراء البخور يضع البائع الصينية على الأرض داخل المنزل ويتناول طبق أو قطعة من الورق ويضع فيها القليل من كل صنف ويلقى أثناء ذلك نشيدًا طويلًا ورقية، ثم يروى المنشد بعد ذلك كيف أبطل نبي الله سليمان عليه السلام حسد العين ويأخذ في تعداد أثاث المنزل ورقيته
"بخرت السلالم من عين أم سالم بخرت الكرسي من عين أم مرسى بخرت اللحاف من وجع الأكتاف ".