سلسلة ( المقاومين الشرفاء ) الجزء الرابع
كتب جمال مختار
نستعرض فى هذه السلسلة قادة المقاومة فى شتى بقاع الأرض التى تعمد الغرب طمس اسمائهم ولم يصدروا لنا إلا أسماء المتطرفين حتى نتصور ان المقاومة تعنى التطرف ولذلك قررت ذكر الشرفاء وفخر بلادهم حتى يتثنى للأجيال الحديثة معرفتهم قدر المستطاع وسوف نحاول إظهار أبطال المقاومة العربية التى لطالما حاول الغرب تشويههم وهم ظلوا فخر لنا وهكذا يجب ان يكونوا دائمأ ولذلك مرحبا بكم
فى الجزء الرابع من السلسلة ( جميلة بوحريد ) فخر الجزائر
قبل الخوض في حياة المناضلة جميلة بوحريد، من الضروري فهم السياق التاريخي الذي نشأت فيه. احتلت فرنسا الجزائر عام 1830 بعد قرون من الحكم العثماني، وحوّلتها إلى مستعمرة استيطانية شهدت أبشع أنواع القمع. بحلول منتصف القرن العشرين، تفاقم الظلم الاجتماعي والسياسي، حيث كان الأوروبيون (المعروفون باسم "الأقدام السوداء") يسيطرون على الثروة بينما عاش الجزائريون الأصليون كمواطنين من الدرجة الثانية.
في هذا المناخ المشحون بالظلم، ولدت جميلة بوحريد، لتصبح لاحقًا واحدة من أبرز وجوه المقاومة النسائية التي هزّت الضمير العالمي.
الفصل الأول: النشأة والتكوين الثوري
1. الطفولة في أحضان القصبة
وُلدت جميلة بوحريد في 13 يونيو 1935 في حي القصبة بالعاصمة الجزائرية، وهو حي شعبي كان بمثابة معقل للمقاومة. تربت في أسرة متوسطة الحال، حيث كان والدها يمتلك مقهى صغيرًا. على الرغم من الفقر الذي ساد المجتمع الجزائري تحت الاستعمار، حافظت عائلتها على كرامتها ورفضت الخنوع.
2. التعليم والوعي المبكر بالظلم
التحقت جميلة بمدرسة فرنسية، حيث لاحظت التمييز الصارخ بين الطلاب الجزائريين والأوروبيين:
(العقوبات القاسية) على التحدث بالعربية.
( المناهج الفرنسية ) التي تُمجّد الاستعمار وتُهمش التاريخ الجزائري.
( التحقير اليومي ) للهوية الإسلامية والعربية.
هذه التجارب زرعت فيها بذور الثورة، خاصة بعد مجازر 8 مايو 1945 في سطيف وقالمة، حيث قُتل آلاف الجزائريين لمجرد مطالبتهم بالاستقلال.
3. التحوّل إلى النضال
بحلول 1954 كانت جميلة شابة في التاسعة عشرة، تعمل كمساعِدة في عيادة طبية. هناك، التقت بمناضلين من جبهة التحرير الوطني (FLN)، الذين أقنعوها بالانضمام للثورة بعد أن رأت بأم عينيها:
( اعتقالات الشباب العشوائية )
( تعذيب المشتبه بهم ) في مراكز الشرطة الفرنسية.
( تجاهل المطالب الجزائرية ) في الأمم المتحدة.
الفصل الثاني: دور جميلة في الثورة التحريرية (1954-1962)
1. المهام السرية الخطيرة
انخرطت جميلة في ( الشبكة الفدائية ) التابعة لجبهة التحرير، حيث تولّت مهامًا حساسة، منها:
( نقل الأسلحة والمتفجرات ) كانت تخبئ القنابل في سلة الخبز أو تحت الحجاب، متجنبةً تفتيش الجنود الفرنسيين.
( التجنيد والتوعية ) نسّقت مع نساء أخريات لإنشاء شبكة دعم للمجاهدين.
( العمليات الفدائية ) شاركت في تفجير مقاهي كان يرتادها جنود فرنسيون، مثل مقهى ( أوتوماتيك ) في العاصمة.
( المواجهة مع العدو )
في 9 أبريل 1957 وقعت جميلة في قبضة الجيش الفرنسي بعد عملية دامية في حي القصبة. تم نقلها إلى سجن برباروس (سركاجي) حيث تعرّضت لـ:
( الصعق الكهربائي ) على الأعضاء الحساسة.
( الحرمان من النوم ) لأيام.
( التهديد باغتصابها ) إذا لم تعترف بأسماء زملائها.
لكنها صمدت، ولم تُفصح عن أي معلومات، مما جعلها أيقونة للصمود.
الفصل الثالث: المحاكمة العالمية والضغط الدولي
1. محاكمة القرن
بدأت محاكمة جميلة في 15 يوليو 1957 أمام محكمة عسكرية فرنسية. كانت التهمة:
الإرهاب (حسب التوصيف الفرنسي).
المشاركة في تفجيرات
لكن المحاكمة تحوّلت إلى منصة لإدانة فرنسا، خاصة بعد أن دافع عنها:
( المحامية جيزيل حليمي ) التي كشفت تعذيبها.
( الصحفي هنري أليج ) الذي كتب كتابًا عن جرائم فرنسا.
( ردود الفعل العالمية )
أثار الحكم بالإعدام غضبًا دوليًا، حيث:
نظّم ( جان بول سارتر ) حملة في الصحف الفرنسية.
طالبت ( الأمم المتحدة ) بتخفيف الحكم.
خرجت مظاهرات في ( القاهرة ) و ( دمشق ) و ( بغداد ) تضامنًا معها.
تحت الضغط خفّض الحكم إلى السجن مدى الحياة ونُقلت إلى سجن ( رينيس ) في فرنسا.
الفصل الرابع: بعد الاستقلال.. الحياة الشخصية والإرث
( التحرير والعودة إلى الجزائر )
أُطلق سراح جميلة في 1962 بعد استقلال الجزائر. عادت إلى الوطن لكنها فضّلت الابتعاد عن السياسة حيث:
تزوّجت من محاميها ( جاك فيرجيس ) الذي دافع عنها في المحاكمة.
أنجبت ابنتها ( مريم ) التي أصبحت لاحقًا ناشطة حقوقية.
( الإرث الخالد )
رغم ابتعادها عن الأضواء، بقيت جميلة ( رمزًا عالميًا ) للمقاومة
حيث: أنتجت أفلام عنها مثل فيلم ( جميلة بوحريد 1958 ليوسف شاهين ) و ( ذاكرة النساء 2004)
تكريم رسمي أُطلق اسمها على مدارس وشوارع في الجزائر والمغرب العربي.
( دراسات أكاديمية ) كُتبت عنها أطروحات في جامعات غربية كـ ( هارفارد ) و ( السوربون )
( دروس من حياة جميلة بوحريد )
لم تكن جميلة مجرد مناضلة، بل مدرسة في الكرامة
( المرأة ليست ضحية ) أثبتت أن النساء قادرات على قيادة المعارك.
( القوة في الصمت )
رفضت الاعتراف تحت التعذيب، وهو أعلى درجات الإباء.
( النضال لا ينتهي بالاستقلال )
بعد التحرير، كرّست حياتها لتربية جيل جديد.
اليوم، تُدرّس قصة جميلة في مناهج التاريخ كـنموذج للإنسانية و المُقاومة تاركةً وراءها إرثًا يضيء طريق الأحرار في كل مكان.
الخاتمة
اود ان اقتبس من قولها مقولتها الشهيرة
( الحرية لا تُوهب بل تُنتزع انتزاعًا ) جميلة بوحريد.