recent
أخبار ساخنة

وزارة الداخلية : أعباء تتجاوز الاختصاصات في مكافحة الجريمة والمخدرات

الصفحة الرئيسية

وزارة الداخلية : أعباء تتجاوز الاختصاصات في مكافحة الجريمة والمخدرات



وزارة الداخلية : أعباء تتجاوز الاختصاصات في مكافحة الجريمة والمخدرات

كتب - محمودفوزى

لا شك أن وزارة الداخلية المصرية ورجالها يبذلون جهودًا مضنية ومستمرة في سبيل حفظ الأمن ومكافحة الجريمة بشتى صورها، بما في ذلك التصدي لآفة المخدرات التي تهدد أمن المجتمع وسلامته.

 ومع ذلك، يبرز تساؤل مهم حول مدى تحميل هذه الوزارة أعباء ومسؤوليات تتجاوز نطاق اختصاصاتها الأصيلة، لتشمل جوانب هي في الأساس من مهام وزارات وهيئات أخرى.


إن مكافحة الجريمة والمخدرات، وإن كانت تقع في صلب عمل وزارة الداخلية، إلا أنها لا يمكن أن تكون مسؤولية حصرية لها. 

فالظواهر الإجرامية وتفشي المخدرات هي نتاج عوامل متشابكة ومعقدة، تمتد جذورها إلى قضايا اجتماعية واقتصادية وثقافية ونفسية. وبالتالي، فإن المعالجة الفعالة تتطلب تضافر جهود كافة مؤسسات الدولة والمجتمع.


أدوار غائبة ومسؤوليات مشتركة

فيما يتعلق بانتشار المخدرات والجريمة يمكن الإشارة إلى العديد من الجهات التي تتحمل جزءًا من المسؤولية والتي يمكن أن يساهم تفعيل دورها في تخفيف العبء عن كاهل وزارة الداخلية:


الأسرة: تُعد الأسرة هي النواة الأساسية للمجتمع، وتقع على عاتقها المسؤولية الأولى في التربية السليمة، وغرس القيم والأخلاق الحميدة في نفوس الأبناء.

 غياب المتابعة اليومية، وضعف الرقابة الأبوية وعدم توفير البيئة الأسرية المستقرة، كلها عوامل قد تدفع الشباب نحو الانحراف والجريمة وتعاطي المخدرات.


وزارة التربية والتعليم: للمؤسسات التعليمية دور حيوي في بناء الوعي لدى النشء والشباب. إن المناهج الدراسية والأنشطة اللامنهجية، ودور المرشد الطلابي، كلها أدوات يمكن من خلالها توعية الطلاب بمخاطر المخدرات والجريمة، وتعزيز انتمائهم للمجتمع، وتنمية قدراتهم بشكل إيجابي. 

ضعف دور التعليم في هذا الجانب يلقي بظلاله على المجتمع ككل.


وزارة الثقافة: تلعب الثقافة دورًا محوريًا في تشكيل الوجدان الجمعي ونشر القيم الإيجابية. 

غياب الأنشطة الثقافية الهادفة

 وتراجع دور الفنون والآداب في معالجة القضايا المجتمعية، قد يترك فراغًا يستغله البعض في نشر أفكار هدامة أو أنماط سلوك خاطئة.


وزارة الأوقاف: للمؤسسات الدينية، وفي مقدمتها وزارة الأوقاف، دور عظيم في توجيه الناس وإرشادهم من خلال الخطاب الديني الرشيد. تعزيز الوازع الديني، ونشر تعاليم الإسلام السمحة التي تحرم المخدرات وتنهى عن الفساد، يمكن أن يكون له أثر بالغ في وقاية المجتمع من هذه الآفات.


وزارة التضامن الاجتماعي: تختص هذه الوزارة بتقديم الدعم والرعاية للفئات الأكثر احتياجًا، ومعالجة المشكلات الاجتماعية. الفقر، البطالة، التسرب من التعليم، والتفكك الأسري، كلها مشكلات قد تدفع الأفراد نحو الجريمة. تعزيز برامج التنمية الاجتماعية، وتوفير فرص العمل ودعم الأسر الفقيرة، من شأنه أن يقلل من العوامل الدافعة للجريمة.


خلاصة القول

إن تحميل وزارة الداخلية وحدها عبء مكافحة المخدرات والجريمة، بينما تتقاعس جهات أخرى عن أداء دورها، هو أمر غير منصف وغير فعال على المدى الطويل. فجهود الشرطة تظل جهودًا علاجية في المقام الأول، بينما الوقاية تتطلب استراتيجية شاملة ومتكاملة تشارك فيها كل الوزارات والهيئات المعنية بدءًا من الأسرة والمدرسة وصولًا إلى المؤسسات الثقافية والدينية والاجتماعية.


يجب أن تتحول النظرة إلى هذه القضايا من كونها مجرد "مشكلة أمنية" إلى "مشكلة مجتمعية" تتطلب تضافر الجهود وتوزيع الأدوار والمسؤوليات بشكل عادل ومنطقي، لكي تتمكن وزارة الداخلية من التركيز على مهامها الأساسية في إنفاذ القانون والحفاظ على النظام، بينما تنهض كل جهة بمسؤولياتها في بناء مجتمع آمن ومستقر.

google-playkhamsatmostaqltradentX